عائلة الإمام الحسيني من العائلات المقدسية العريقة التي ارتبط اسمها بتاريخ القدس منذ عدة قرون. هذه العائلة، حافظت على انتمائها إلى المذهب الشافعي، على الرغم من تحنف العديد من العلماء أبناء العائلات الأخرى ، كوسيلة للوصول إلى الوظائف الحكومية. ويعود وصول أجداد هذه العائلة إلى القدس إلى أواخر القرن السادس عشر على الأقل، إذ عرفوا حينها بكنية أبناء قاضي الصلت. وقد تزوج جد العائلة محمد شمس الدين بن يحي شرف الدين بابنة عبد القادر الوفائي الحسيني، مفتي القدس ونقيب أشرافها في أوائل القرن السابع عشر، وهكذا صار أولاد هذا الشيخ ونسله من الأشراف لصلة الرحم، وعرفوا فيما بعد باسم الإمام الحسيني. أما اسم الامام فاشتهروا به، لأن إمامة الشافعية في المسجد الأقصى كانت وظيفة انتقلت بالوراثة بين أبناء العائلة جيلاً بعد آخر. وقد حاول أحد الباحثين في تاريخ فلسطين أن يدلى بدلوه في النقاش بشأن اصول آل الحسيني (بنو غضية) ونسبهم، فقام بالخلط بين آل الحسيني الجدد وبين عائلة الإمام الحسيني.
وبالإضافة إلى انتساب الإمام الحسيني إلى الأشراف وشغلهم وظيفة إمام الشافعية في المسجد الأقصى، فإن بعض أبنائهم عُين في منصب إفتاء الشافعية أحياناً خلال القرن الثامن عشر. كما أنهم اشتغلوا بالتدريس في المدرسة الأمينية المحاذية لسور المسجد الأقصى الشمالي.
وفي بداية القرن التاسع عشر، برز من هذه الأسرة الشيخ عبد الغني الإمام وابنه محمد صارح، وتقلد الاثنان إفتاء الشافعية في القدس ويافا ونافسا آل أبو السعود في شأن هذه الوظيفة. كما أن محمد صالح أفندي كان عالماً مشهوراً ومدرساً معروفاً درس عليه العديد من أهل القدس. ويبدو أن حظ هذه العائلة ارتفع في زمانه، بسبب علاقات التعاون التي أقامها مع آل الحسيني ومنافسة أولاد أبو السعود للعائلتين. ويظهر حظ العائلة المادي بوضوح في الأملاك والعقارات التي جمعها عبد الغني وابنه محمد صالح، وفي حبسهما للأوقاف الذرية التي كانت من أهم وأكبر الوقفيات التي أنشأها أهل القدس في ذلك العهد.
لواء القدس في أواسط العهد العثماني
عادل مناع
(بتصرف)