عائلة حلّوم / حجازي: ثمانية أجيال عبر ثلاثة قرون
د. ربحي حلوم
(المزرعة الشرقية) التي تشرئب شامخة على جبل العاصور ثاني أعلى قمم فلسطين وتطل على أعرق الوديان فيها والمسماة بـ (عيون الحرامية) . هي من أعرق البلدات المتاخمة لشمال شرق مدينتي رام الله والبيرة كانت تسمّى منذ ما قبل الانتداب البريطاني البغيض على فلسطين في حينه (مزرعة بني مُـرّة) باعتبارها واحدة من أهم قلاع الثورة في فلسطين وهي مسقط رأس ثلاثة من أهم قادة الثورة الفلسطينية الكبرى مع بدايات الحرب العالمية الثانية وهم الشهيد فريـد العسعـس والمرحوم أبو إبراهيم الكبير والمرحوم الشيخ عبدالفتاح سواد، وكان هؤلاء يشكلون اذرع الشهيد عبدالقادر الحسيني الضاربة في منطقة القطاع الأوسط لفلسطين الممتد ما بين مدينتي القدس ونابلس.
قمة جبل العاصور التي تشكل امتداداً للتلال والسفوح التي تزنر خاصرة المزرعة الشرقية هي ثاني أعلى قمة في فلسطين بعد جبل الشيخ، وترتفع 1016 متراً (3050) قدماً عن سطح البحر، ويتناسب ارتفاعها طردياً مع شموخ مقاومة رجالها للانتداب البريطاني البغيض الذي ظل يفرض عليها حصاراً يومياً باعتبارها من أعتى قلاع المقاومة، حيث أقدم في العام 1936م على تلغيم ونسف بيت آل حلّـوم الواقع في وسط القرية بعد أن تبين بأنه كان مقرّاً لمرابطة القادة المذكورين الذين كانوا يستخدمونه قاعدة ميدانية لهم، وما تزال آثار ركام البيت المنسوف قائمة في مكانه حتى اليوم في الموقع الذي يسمى "العلّيـة" والذي ما زال ورثة واحد من أبناء العمومة (شكري محمد حلوم) يقطنون بجوار أنقاضه.
وتعتبر المزرعة الشرقية واحدة من أعرق بلدات محيط رام الله التي كانت مقسّمة في مجموعها إلى جناحين: غربي يضم مجموعة القرى التي تسمى "قرى بني زيـد"، وشرقي يضم مجموعة القرى التي تسمى " قرى بني مـرّة"، ولهذا سميت باسم "مزرعة بني مرة" واعتبرت العاصمة النضالية لعمليات الجهاد المقدّس آنذاك وظلت مقاومتها الباسلة حتى رحيل الانتداب البريطاني تشكّل وجعاً مرّاً في خاصرته. فمنها انبعث الأسطورة النضالية فريد العسعس والقادة أبو إبرهيم الكبير والشيخ عبدالفتاح زبن وإبراهيم بكر وخلفهم من قيادات وكوادر الجيل المعاصر الكثيرون على ذات الدرب.
كما ترجع أصول السكان الأوائل للقرى المذكورة ( بني زيد وبني مرة ) إلى وادي موسى شمالي الحجاز وجنوبي شرق الأردن حيث قدموا إليها من تلك المناطق فاتحين على صهوات الجياد بحثاً عن مواسم الخير والعطاء أيام الغزو العثماني قبل أربعة قرون ونيّف، وانتشر أفخاذهم في تلك القرى، فاستقرّ بنو مرّة في البلدات الشرقية منها، وكان من أبرز أفخاذ هؤلاء أجدادنا الأوائل الذين قدموا من شمالي الحجاز وانتشروا في التلال المجاورة، ومن هنا يأتي لقب "حجـاز" على (الحَامُولة) التي استقرت في عاصمة بني مرة (المزرعة الشرقية) وهي (الحمولة) التي يشكل آل حلوم غالبيتها ونواتها، كما تشكل مساحات الأراضي العائدة لآل حجاز في وهاد وتلال وسفوح البلدة الممتدة إلى مساحات شاسعة، الغالبية العظمى من أراضي البلدة التي تعتبر مساحة أراضيها هي الأخرى بدورها أكبر المساحات بين القرى والبلدات المجاورة في محيط رام الله.
يناهز عدد عوائل آل حلوم المائتين وثلاثة وعشرون نسمة يتوزعون على سبعة وأربعين عائلة حتى الجيل المعاصر، يقيم عدد منهم في بلدتهم المزرعة الشرقية على مسافة ثماني كيلومترات إلى الشمال الشرقي من مدينة رام الله بوسط الضفة الغربية المحتلة ، بينما يتوزع عدد آخر كبير في المهجر ما بين الأمريكتين وبشكل كبير في الولايات المتحدة الأمريكية وآخرون في البرازيل ، في حين يقيم الدكتور ربحي حلوم في منفاه القسري في الأردن .
أما حامولة حجاز التي تتفرع منها عائلة آل حلوم فيتجاوز عدد أبنائها وأفخاذها الألفين وخمسمائة نسمة.
وفيما يلي أبرز مكونات عائلة آل حلوم منذ الجد الرابع قبل الحالي: (انظر امتداد العائلة حتى الجد الثاني عشر الممتد للثلاثة قرون الماضية في الملحق أدناه):
▪ حلّـوم (عبدالحليم) عبدالرحيم: (هو جد الدكتور ربحي حلوم). واسمه الحقيقي هو عبدالحليم عبدالرحيم حجاز ، إلا أنه تم إطلاق اسم (حلّـوم) عليه اختصاراً لعبدالحليم وتحبّباً منذ صغره وذلك نسبةً إلى الحِـلْـم (سعة الصدر) حيث كان هو الأكبر سطوة والأكثر غنىً ونفوذاً والأكثر أبناءً بين أقرانه من رجالات البلدة ( الذين كانت وفرة وكثرة الإنجاب تشكل مصدر تفاخر بينهم). وكان وفق ما يُروى عنه على ألسنة المعمرين من أبناء عهده (كالحاج محمد يعقوب حجاز ) أنه كان يملك حصاناً هو الوحيد في البلدة باعتباره رمزاً للسطوة واتساع الملك والنفوذ، ويزعم الرواة أن حصانه توفي كمداً غداة وفاة فارسه؛ وقد تــزوج من الـنساء ثـلاثاً: عزيـزة، ومسعودة،وسـارة، وكان يسكن في دارة كبيرة (علّـية) كما كانوا يسمونها آنذاك نسبة إلى العلو أو العلياء، تقع في وسط البلدة حيث كانت تعتبر ملتقى لكل رجالاتها وضيوفها ومعقلاً لقادة الثورة في حينه قبل أن ينسفها المندوب السامي(!) البريطاني؛ ويروي الأحياء الذين عايشوا لحظة تفجيرها على يد جيش الانتداب وشهدوا تلك اللحظة أن جنود الانتداب طوّقوا البلدة من جميع أطرافها وجمعوا كل رجالاتها في ساحة عامة، ثم قاموا بتلغيم البناء من زواياه الأربع وفجّروه لتغطي سحابة ضخمة من الدخان والأنقاض المتطايرة كل أنحاء وسماء البلدة ولتتناثر بقايا حجارة العلّيـة إلى مسافات بعيدة عمّت كل محيطها وامتدت إلى مئات الأمتار لتبقى أنقاض البناء حتى اليوم شاهدة على عزة أبنائها ومثلاً يُحتذى للأجيال من بعدهم.
▪ جمعة حلّـوم عبدالرحيم (هو والد المناضل الدكتور ربحي حلوم وكل من المرحومين وصفي وأكرم). كان عائداً للتو من هجرة إلى الولايات المتحدة الأمريكية امتدت إلى نحو السنتين قبل أن يتزوج عام 1931م من فريدة محمد صالح التــي تنحدر من عائلة دوابشه أكبر عوائل قريـة دوما (قضاء نابلس) وهي من مواليد عام 1910، لينجبا معاً ابنتهما البكر وصفية عام 1932م ويليها وصفي عام1934م ثم مولودهما الثالث أكرم عام1936م فالدكتور ربحي حلوم قبل أن يلتحق برفقة ابن شقيقته مسعودة الشهيد (فريد العسعس ) الذي استشهد غيلة على يد أحد أبناء البلدة, فيعكف بعدها على أعمال الفلاحة في الأراضي المملوكة إليه كنصيب من المساحات الشاسعة التي خلّفها والده وتوزّعها مع بقية أشقائه وشقيقاته الأحد عشر الآخرين إلى أن استشهد في الخامس عشر من أيار 1951م عن عمر لم يتجاوز الواحد وخمسين عاماً.
هو من مواليد عام 1901م . أنجب من الأبناء والبنات ستّـاً هم: وصفـي ، أكـرم ، ربحـي، وصفية ، رحيمة ، وجهينة التي توفيت مبكرة منذ سني طفولتها الأولى. وكان جمعة الأخ الأصغر لاثني عشر من الأبناء والبنات الذين أنجبهم (والده) عبدالحليم الملقب كنيـةً بـ(حلّـوم) وهم على التوالي: أبو السعود حلـوم، محمد حلـوم، حسن حلـوم، عبدالرازق حلـوم، علي حلـوم، جـمعة حلـوم، حلوم حلـوم، زهية حلـوم، فضية حلـوم، مسعودة حلـوم ( والدة الشهيد فريد)، فضة حلـوم؛ وهم متوفون جميعاً رحمهم الله.
▪ أبو السعود حلّـوم: الشقيق الأكبر لإخوته ، أنجب من الأبناء والبنات عشراً هم: ضاهر ، ضامن ، ضمين ، محمد ، عبدالكريم ، بدرية ، مونضة ، ربحية ، نظمية ، وذهبية ، وكلهم أحياء يرزقون باستثناء الأخيرة منحهم الله عمراً مديداً.
▪ حسـن حلّـوم: أنجب من الأبناء والبنات تسـعاً هم: عزيز (متوفى) ، عمـر ، راؤول ، سلفادور، فاطمة ، مريم ، محمدية ، وفاطمة الثانية، وعزية.
▪ محمّـد حلّـوم: أنجب من الأبناء والبنات ستّـاً هم: عبدالحفيظ ، شكـري ، شمعة، سـروة ، وردة، وحمامة.
▪ عـلي حلّـوم: أنجب من الأبناء والبنات ثلاثاً هم: زكي ، عبدالجليل ، وزكيـة.
▪ عبدالرازق حلّـوم: أنجب من الأبناء والبنات ثلاثاً هم: حيدر ، كاظم ، وأميرة.
▪ حلـّوم حلّـوم: لم ينجب حيث تزوج في مرحلة متأخرة من العمر توفي بعدها.
▪ مسعودة حلّوم: أنجبت من الأبناء واحداً (هو الشهيد فريد العسعس) وخمس بنات.
▪ زهيــــة حلّـوم: أنجبت ثلاثاً.
▪ فضــية حلّــوم: أنجبت خمسـاً.
▪ فضـة حلّـوم: أنجبت واحداً.
أما جيل أبناء العمومة الثاني من الأبناء والبنات المذكورين فقد أنجب بدوره وفرة كبيرة من البنات والبنين يمثلون قافلة كبيرة من الجيل المعاصر يزيد تعداده على المائتين وثلاثة وعشرين نسمة ، في حين اقتصر عدد الجيلين الأولين لأبناء العمومة وآبائهم على اثنين وستين رجلاً خرجوا من أصلاب المذكور حلّـوم حجــاز وأبنائه وهو الذي كان الأكبر والأجلّ لأحد عشر فخذاً من أبناء عمومته الآخرين الذين يشكلون في مجملهم (حمولة حجــاز) الآنف ذكرها والتي تضم من الأفخاذ (أولاد الأعمام) سـتة عشر فرعاً هم: حلّـوم، يعقوب، شطارة، القبصي، سمرة، عـوف، خلـيل، هيفـاء، ملبـس، حاجة، عمـرة، قاقـي، عبدالمجيد، قاروط، الشايب، وحجاز.
وتلتقي كل هذه الأفخاذ من أصول وفروع عند الجـدّ الذي يقول العارفون من المعمّرين أنه الجد الثاني عشر الذي ينتسبون إليه جميعاً وهو حجـاز، الذي كان بدوره يشكل مركز الثقل والنفوذ في بلدة المزرعة الشـرقية المكوّنة من ثماني حمائل، أقدمها حمولة (سـعد) بينما أكبرها حمولة حجـاز تليها حمائل: حميدة، عبدالعزيز، عجاق، (وكلها كانت منخرطة قبل ذلك في حمولة واحدة هي حمولة " فرج" )، عبدالباقي، زبن، جربون، سـعد، الشـلبي.