أنا أسعد يعقوب، سحماتا، مواليد 1942.
سحماتا، قبل أن نتركها، فيها بركة ماء، وكنا نسبح بالبركة، وفيها مطحنة لكل المنطقة لطحن القمح، ومعصرة لزيت الزيتون.
عندما دخل فوزي القوقجي "جيش الإنقاذ"، وقفوا على البئر بجانب بيتنا لأن بيتنا على الشارع العام بأول سحماتا وصاروا يغنون له: "فوزي القوقجي مدرب تدريب ألمان، لما يهجم ع الدبابة يعطيها النار". ومن كثر حماس الأهالي صاروا يطلقوا النار بالجو، وواحد من بيت سلمون عندما أطلق النار إنفجرت الطلقة بأصبعه ولحد الآن بلا أصبع. وأيضاً كان سليم الفنور على مفرق الشارع العام لسحماتا، ونحن على شارع بيتنا في بيت فضة، كان في قوات لاسلكي، يتصلوا، وجاءت طائرة وضربت الزيتونة، وكان فيها ناس من دير القاسي وكلهم ماتوا، ونحن كان عنا ضيوف موجودين تحت الزيتون بجانب البيت جاءوا من ترشيحا، وعندما قصفت الطائرة هربوا الى المغارة وتقع خلف بيت فهد فضة واختبأنا نحن أيضاً لحين انتهاء الغارة.
وفي هذا الوقت صاحت أمي نسيت ابنتي "بالمرجيحة"، فعادت تركض ووجدتَها بالمرجيحة حيّة، وبعد ذلك ذهبوا الأهالي الى منطقة نبع برزة فيها زيتون وكلها شجر وفوقه الشارع العام الذي يوصل سحماتا الى دير القاسي، وفي أثناء وجودنا سمعنا صوت الدبابات، فقالت النساء يجب التأكد أن جيش الإنقاذ ينسحب، فأكدوا لنا الناس ذلك، فقررنا الخروج من سحماتا وفلسطين وذهبنا الى قرية الرميش جنوب لبنان ثم دبل وبعدها الى صور ومن ثم الى بعلبك.
سحماتا، عندما تأتي من ترشيحا تنزل بجبل ووادي ثم جبل، فسحماتا عبارة عن منطقة شرقية فيها دار حسين موسى وقدورة، والحارة الغربية كلها مختلطة إسلام ومسيحية وهم محترمون جداً، كل أبناء البلد يحبون بعضهم البعض.
أول مختار لسحماتا هو الحاج أسعد بلشة، أعطى الأرض لوالدتي وبنينا البيت، من حجارة أصلية ليست من إسمنت، وبعد شهرين خرجنا من فلسطين، وكل يوم نخرج أسبوع وراجعين لحد الآن.
لا أقبل بالتعويض، أنا لما بكون عندي 70 دونم أرض، وآتي الى لبنان وليس عندي بيت هنا، كيف بدي أترك أملاكي أرضي.
الحياة صعبة، أينما نذهب نحن غرباء..
لا نشعر إلا بوطننا.. الأرض غالية عند أي إنسان..
لن نقبل بالتعويض.. النقود تذهب ولا تعمل لنا شيء.
على أمل العودة إن شاء الله.