جديدنا: وثيقة - مركز الوثائق الفلسطيني
كان للعيد طعم آخر.. ومنذ النكبة لم أتذوق طعما للعيد.. وكيف يكون العيد بعيدًا عن أهلي بيتي وأرضي..؟! بهذه الكلمات استهل الحاج اللاجئ محمد السعدي من جنين حديثه عن العيد قبل النكبة مستذكرا بساطة الفرحة ومتعة الحياة في تلك الأيام. يقول السعدي: خلال العيد كان عمي أسعد يربط الحبال على الأشجار العالية، ويصنع المراجيح، وكانت أمي وبنات البلد الصغيرات يقضين فترة طويلة في اللعب، وخلال أيام الحر في العيد يذهبن للسباحة في عين الحنانة، أما حلوى العيد فكانت القطين (التين المجفف) وراحة الحلقوم. وأضاف: في العيد أيضا، كان الأولاد يأخذون البيض ويستبدلونه بالحلوى من البقالات الصغيرة، وتذهب البنات للعب في المراجيح المربوطة بأشجار التوت. صور متعددة للفرحة وتقول الحاجة مريم الكفرين: كنا ننتظر العيد، وكانت البنات مثلي يجمعن الملاليم المخرومة (الخمس ملات والعشر كانت من وحدات الجنيه، وتحتوي فتحة دائرية وسطها)، ويصنعن منها قلائد، ويذهبن إلى البيادر، ويلعبن معاً. وأضافت: كنا نسمن الخراف لذبحها نهاية رمضان، وكنا نتابع موعد حلول العيد من الراديو الوحيد عند المختار مسعود عبد القادر، وفور إعلان خبر العيد كنا نردد الأهازيج الشعبية وأشهرها: بكرة العيد وبنعيّد منِذبح بقرة سعيّد وسعيّد ما عندو بقرة منذبح بنته هالشقرة والشقرة ما فيها دم منذبح بنته وبنت العم صلاة العيد على البيدر وتبدأ مراسم يوم العيد قبل صلاة العيد، وتقول الحاجة مريم: تذهب النساء والفتيات إلى المقابر لتحضير أجواء الزيارة من تنظيف وزرع وسقاية وتبخير حول القبور، ثم يبدأنَ بقراءة القرآن حتى يُسمع دوي أصواتهن من خارج المقبرة. وتضيف: في هذا الوقت، يذهب الرجال والأطفال إلى صلاة العيد، ثم إلى زيارة القبور، حيث كان الأطفال يغتنمون الفرصة بالدعاء عند كل قبر ليحظوا من المرأة الموجودة عند القبر بقطعة من الكعك أو المعمول.. وما إن تنتهي الزيارات حتى يكون قد جمع كل ولد منهم كيساً من الحلويات المنزلية الموزعة عن أرواح المتوفّين. العيد والعودة ويؤكد الحاج مصطفى الزرعيني أنه حريص على التأكيد دوما لأحفاده أن العيد الحقيقي يكمن فقط في العودة، ويذكرهم في كل عيد بما كانت عليه زرعين وكيف كان العيد في زرعين؛ مشيرا إلى أن ذلك هام حتى يبقى حلم الإصرار على العودة ماثلا في أذهانهم. وأضاف: لقد نزع الاحتلال الفرح من قلوبنا ولكننا لا نحرم أطفالنا وأبناءنا الفرح في العيد؛ فالحياة لا تتوقف ولكنهم في ذات الوقت يتربون على رسالة العودة والتحرير في كل المناسبات.
المصدر: المركز الفلسطيني للإعلام