أبو غوش، جبر: (توفي سنة 1842)
(متسلم (حاكم) لواء القدس سنة 1834- 1835، أيام الحكم المصري، وزعيم ناحية بني مالك، وشيخ مشايخ جبل القدس، ورئيس صف اليمن مع أخيه إبراهيم في العشرينات والثلاثينات من القرن الماضي.)
هو جبر بن عيسى أبو غوش. تولى مع أخيه إبراهيم زعامة ناحية بني مالك، ومشيحة جبل القدس، وقيادة صف اليمن بعد وفاة أخيه عثمان. وكان إبراهيم أكبر من جبر سناً، ولذا برز اسمه مرات أكثر في الوثائق التاريخية في العشرينات. أما في الثلاثينات، ومع تقدم إبراهيم في السن، احتل جبر مكانه رسمياً في الزعامة. وفي أيام ثورة سنة 1834، وحين تمت الصفقة بين محمد علي وآل أبو غوش (أنظر التفصيلات في ترجمة إبراهيم)، عُيّن جبر متسلماً للواء القدس. وكان هذا التعيين سابقة مهمة في تاريخ القدس، إذ لم تجر العادة من قبل أن يعيّن أحد مشايخ نواحي جبل القدس حاكماً على اللواء كما حدث مراراً في جبل نابلس. وقد جاء في أمر التعيين الموجه إلى علماء القدس وأعيانها ما يلي: «بحسب الإقتصاد قد فوضنا متسلمية القدس الشريف لعهدة الشيخ جبر أبو غوش فالمراد بوصوله لطرفكم تكونوا معه يداً واحدة وحالاً واحدة ويكون بينكم مسموع الكلام موفوع المقام. وتعرفوه متسلماً من طرفنا يتعاطى أمور أحكام بلدتكم كما يوافق الأصول بالأمور العرفية ومطابقاً للشرع الشريف بالأمور الشرعية.»
بيد أن حكم جبر أبو غوش على لواء القدس لم يستمر طويلاً، فبعد أن استتب الأمن في المنطقة، لم يعد محمد علي بحاجة إلى استمال آل أبو غوش إلى جانبه. ثم أن تصرفات جبر لم ترض رجال الإدارة المصرية، فأرسل محمد شريف باشا العرائض في حقه إلى القاهرة، وطلب عزله عن الحكم وتعيين حسين آغا بدلاً منه. في البداية لم يوافق حاكم مصر على إبعاد جبر عن منصبه «لأن الوقت غير مناسب لهذا الإجراء.» وطلب محمد علي من رجال الإدارة في بلاد الشام غض الطرف لأن «جبر أو غوش رجل ذو أشياع وأتباع.» لكن لم يمض وقت طويل حتى عُزل عن الحكم في غرة ربيع الثاني 1251ه/27 تموز (يوليو) 1835م. وعين علي محسن أفندي، من أجداد آل درويش، في القدس حاكماً مؤقتاً إلى حين تعيين متسلم جديد.
وبعد عزله عن الحكم قدم جبر أبو غوش العرائض والإلتماسات إلى محمد علي كي يعينه متسلماً على القدس ثانية «لأنه أضحى بلا مورد.» لكن الحكم المصري لم يكن معنياً بإعادة جبر إلى منصبه، فعين له مرتباً من خزينة الدولة يرتزق منه كسباً لرضا جماعته. وقبل تعيين المرتب جرى فحص وتدقيق على دخل أبو غوش من الأتاوات وضريبة الغفر التي كان يجيبها من أديرة القدس وحجاج النصاري المارين بقرية العنب، فبلغ أكثر من أربعين كيساً في السنة. وصدر، بعد ذلك، مرسوم من عكا لعلي آغا محسن، وكيل متسلم القدس، بتاريخ 24 رجب 1251ه/15 تشرين الثاني (نوفمبر) 1835م بـ «يصرف لجبر أبو غوش ماهية شهرية مقدارها ألف غرش ابتداء من غرة شهر شعبان.»
وهكذا اشترى الحكم المصري ولاء آل أبو غوش وسكوتهم في مقابل هذا المرتب الشهري لزعيمهم. ولقد ضعفت نفوذ القيادات العشائرية الريفية كثيراً أيام الحكم المصري للبلد. وكانت ثورة سنة 1834 محاولة فاشلة من جهتها لإعادة العجلة إلى الوراء.
عاش جبر أبو غوش آخر حياته على المرتب الذي عينته الخزينة المصرية. وحين تجددت المعارك بين السلطان العثماني وجيوش محمد علي في بلاد الشام، انضم أبو غوش إلى رجال العشائر التي انقضت على مؤخرة العساكر المنسحبة. وكان آل أبو غوش يطمعون آنذاك في إعادة نفوذهم إلى سابق عهده، تحت العثمانيين، لكن جبر أو غوش كان شيخاً هرماً فانتقلت القيادة إلى جيل جديد من أبناء العائلة كان على رأسه مصطفى بن ‘براهيم أبو غوش. أما جبر فتوفي سنة 1842، أو قبل ذلك بقليل. وقد استنتجت ذلك من وثيقة في سجل المحكمة الشرعية بتاريخ 12 ربيع الأول 1258ه/ 23 نيسان (أبريل) 1842م. ففي تلك الوثيقة يطالب عبد الله بن جبر أبو غوش يدين والده على الحاج رجب الجعبري الخليلي، وكان ألف غرش، ليوزعها على الوارثين. ورد المدعى عليه بأنه دفع المبلغ المذكور إلى جبر أبو غوش قبل وفاته بأربعة أعوام. وقد خلّف جبر خمسة أولاد هم: عبد الله ومحمد ويشير وعبد العزيز وأسعد، لكن الزعامة انتقلت بعد وفاة جبر إلى ابن أخيه مصطفى إبراهيم أبو غوش، كما ذكرنا سابقاً.
أعلام فلسطين في أواخر العهد العثماني
عادل مناع