نابلس -القدس دوت كوم - غسان الكتوت-
يعود شهر أيار هذا العام لينكأ جراح الحاجة سميحة أبو وردة "ام أيمن"، بما يحمله هذا الشهر في ذاكرتها وذاكرة الشعب الفلسطيني من آلام وعذابات النكبة.
أم أيمن (80 عاما) لا زالت تذكر بيتها الذي تركته قسرا مع عائلتها ببلدة المويلح قضاء يافا، على أمل الرجوع إليه بعد ايام او اسابيع، لكن السنوات توالت ومضى 72 عاما ولا زال الامل يحدوها بأن يتحقق الحلم.
ثماني سنوات عاشتها ام ايمن في طفولتها، لكنها تحتفظ في ذاكرتها بتفاصيل عن طبيعة الحياة في بلدة المويلح، فتقول: "كنا نعيش على ما نزرعه في الأرض، لقد كانت الحياة بسيطة، الخيرات لا تعد ولا تحصى، إضافة إلى هداة البال والعمل، كل بأرضه التي تعد من أخصب أراضي فلسطين".
هجرت عائلة "ام أيمن" عن أرضها في الخامس من أيار عام 1948 أثناء موسم حصاد الحبوب، حيث تبقى نصف المحصول بالأرض، لتحرقه العصابات الصهيونية.
وتصف "أم ايمن" تلك الايام العصيبة فتقول: "كانت الطائرات اليهودية تحلق في سماء المنطقة، وتطلق النار من كل جانب، فسقط من أبناء عرب المويلح عبد الله أبو علوش وكان في العشرينات من عمره، عندما أصابته رصاصة مباشرة في الرأس، وتم دفنه في مقبرة المجدل المجاورة".
كان يوم اللجوء أصعب الأيام في حياة أهالي المويلح، حيث اضطروا لترك كل شيء خلفهم، اعتقادا منهم بأن سيعودون قريبا، وكانت وجهتهم بلدة رافات قضاء سلفيت، وهناك نزلوا في ضيافة الأهالي في بيوتهم.
بعد سنوات عديدة من الإقامة في بلدة رافات المتاخمة للخط الأخضر، أجبرت عائلات المويلح على التوجه إلى مخيم بلاطة على طرف السهل الشرقي لمدينة نابلس، ليبدأ معها فصل جديد من فصول النكبة.
سبعة عقود مضت على النكبة، تحول فيها ابطالها الذين عاصروها اطفالا الى شيوخ وعجزة، لكن أمل العودة لا يغادر مخيلتهم ويعلموه لصغارهم.
وتقول أم أيمن، التي لها ثمانية من الأبناء والبنات و52 حفيدا: "علما أولادنا أن أرضهم في المويلح ويافا، وان المخيم مكان مؤقت، حتى أطفالنا عندما يسألون من أين أنتم؟ يقولون من يافا".
وترفض أم ايمن فكرة التوطين او التعويض ماقبل التنازل عن حق العودة، وتقول: "كل أراضي العالم لا تساوي حبة رمل من بلدنا، ولو دفعوا لنا الملايين فلن نتخلى عن بلدنا".
وخلال سنوات عمرها، تمكنت ام ايمن من زيارة بلدتها والوقوف على اطلال بيت عائلتها الذي تحول الى كومة من الحجارة وبجانبه شجرة كينا.
وتقول: "سنعود للمويلح، وإن لم يكتب لي العودة إليها حية، أرجو من الله ان يكتب لنا الدفن فيها، فقد علمنا أولادنا أنهم سيعودون اليها يوما".
والمويلح هم من البدو، وتعود أصولهم إلى عرب الجرامنة، وتقع إلى الشرق من مدينة يافا، وتبعد عنها 16 كم، وترتفع 25 مترا عن سطح البحر.
تبلغ مساحة أراضي بدو المويلح 3342 دونماً، يحيط بها أراضي قرى كفر قاسم وجلجوليا وألمر، وقدر عدد سكان المويلح عام 1931 ب(370) نسمة، وفي عام 1945 ب (360) نسمة.
قامت المنظمات الصهيونية المسلحة بتشريد أهالي المويلح عام 48 والبالغ عددهم 418 نسمة، وأنشأت مستعمرة "نفي براك" عام 1951، قسم منها على أراضي المويلح وقسم آخر على أراضي جلجوليا التي ما زالت قائمة حتى اليوم، وبلغ مجموع اللاجئين من المويلح في عام 1998 حوالي 2565 نسمة.
وكانت مساحة القرية في البداية صغيرة ثم امتدت حتى بلغت مساحة أراضيها 3342 دونما منها 171 دونما للطرق والوديان و376 دونما تسربت لليهود، غرست الحمضيات في 936 دونما من أراضي القرية، كما غرس الموز في 23 دونما، وتحيط بأراضي المويلح أراضي كفر قاسم وجلجوليا والقلاع اليهودية.
وتعود أصول تسمية المويلح إلى وجود مساحات من اراضيها يطلق عليه شعبيا "ملاح" وقد شيد ملاك الأرض في فترة الانتداب البريطاني منازل لهم وسط بساتين الحمضيات والموز الممتدة خارج القرية، وفي عامي 1944و1945 كان ما مجموعه 949 دونما مخصصا للحمضيات والموز، و1796 دونماً للحبوب، و27 دونما مروياً أو مستخدما للبساتين، وكانت الآبار الواقعة في الركن الشرقي من القرية تزود الأراضي بمياه الري.