المقال |
مجزرة الشعبي ... ثمانية تحت الركام
بعد يومين من التوغل في المدينة من مختلف المحاور واحتلالها، حيث بدأت الدبابات والجرافات بشق طريقها نحو حي 'رأس العين'، القريب من البلدة القديمة، والتمركز أمام منزل عائلة الشعبي، والتي سرعان ما بدأت قذائف الموت والنار تنهال عليه بغزارة وجنون، قبل أن تشرع الجرافات بتجريف المنزل وتسويته بالأرض، لتتأكد أن من بداخل المنزل قد ماتوا , باعجوبة وقدرة الهية نجا المواطن عبد الله الشعبي (78عاما)، وزوجته شمسة من الموت، بعد أن طمرتهما الأتربة والحجارة المنهالة على منزلهما، وبقيا فيه مايقارب 11 يوما، لم تستطع خلال تلك الفترة أي من طواقم الإسعاف ولا الصليب الأحمر الوصول لتقديم المساعدة لهما بعد مرور عقد على المجزرة البشعة مازال عبدالله يستذكر ماحصل قائلا لمراسلة دنيا الوطن " في تلك الفترة لم نكن نفكر سوى بالموت، كنت أنظر إلى سقف الغرفة الآيل إلى السقوط، ويتخيل لي في كل لحظة بأنه سيقع، كنت أنظر إلى زوجتي المريضة، بينما لم يتوقف عقلي عن التفكير بعائلة اخي والاطفال الموجودون بالمنزل . في تلك الأيام لم نحاول إنقاذ أنفسنا او الخروج من المنزل لأن أي حركة في المنزل ستؤدي إلى انهياره فوق رؤوسنا، بقينا في معزل عن العالم، دون ماء أو كهرباء أو طعام، دفنونا أحياء .
ظل المواطن عبد الله وزوجته يعيشوا الخوف والفزع والقلق الى ان قررت قوات الاحتلال رفع حظر التجول عن المدينة لساعات قليلة، لينكشف خلالها حجم الدمار والمجزرة التي ارتكبتها جرافات الاحتلال بحق عائلة الشعبي . يقول :"حضرت سيارات الإسعاف، وبدأت بالنداء علينا، هل هناك أحياء؟، حينها بدأت بالصراخ وتم انتشالنا من المكان، وأكتشفت حينها أن أولاد أخي وأطفاله تحولوا إلى أشلاء ممزقة، كانت صدمة كبيرة "'.
اما محمود الشعبي ابن العائلة الذي كان خارج المنزل في حين المجزرة يقول : بدأت اخاف بعد ان انقطعت الاتصالات بالعائلة وبعد رفع حظر التجول اسرعت الى المنزل وهناك كانت الصدمة عائلتي تحت الأنقاض، والدي عمر الشعبي وشقيقي سمير وزوجته الحامل، وأطفاله عبد الله وأنس وعزام، بالإضافة إلى شقيقتي فاطمة وعبير , يتابع الشعبي عملت طواقم الإطفاء التابعة لبلدية نابلس طوال الليل على انتشال جثث الشهداء، حتى ساعات الصباح الباكر، فيما بقي جنود الإحتلال يطوقون المكان، وأثناء عملية البحث وجدنا شقيقتي فاطمة تسند ظهرها إلى باب المنزل الرئيسي وتضع على صدرها الطفل عبد الله، على ما يبدو كانت تحاول الخروج من الباب، فيما عثر على باقي الشهداء مجتمعين في غرفة صغيرة في وضعية تشير إلى أنهم حاولوا الهروب، أو البحث عن مخرج لكن الموت كان أقرب من النجاة والهرب .
ثمانية من افراد عائلة الشعبي استشهدوا في هذه المجزرة هم عمر الشعبي 80 عاما، وأبناءه سمير وفاطمة وعبير في الأربعينيات من العمر، ونبيلة غانم زوجة سمير الحامل في الشهر السابع والأطفال عبد الله وعزام وأنس الشعبي و بقيت جثثهم الطاهرة في الثلاجات لحين سمحت قوات الإحتلال بدفنهم في المقبرة الغربية بتاريخ 19-4-2002... .ولم يبق لعبد الله ومحمود والحاجة شمسة سوى الذكريات المؤلمة والبكاء المتواصل على شهدائم الابرار.
|
Preview Target CNT Web Content Id |
|