عبد الهادي، الشيخ سليمان: (توفي سنة 1257ه/1841م)
(نجل الشيخ حسين، ومتسلم لواء نابلس في الثلاثينات. خدم المصريين مع والده. وفي سنة 1834 حضر إلى عكا وتسلم مديرية ولاية صيدا بالوكالة عــن والده. واختلف مع إبراهيم باشا. وازدادت الشكوك وساءت العلاقات بين الطرفين، ولا سيما بعد موت والده في عكا سنة 1837، لكنه مع ذلك استمر في خدمة الحكم المصري فلسطين حتى آخر أيامه.)
نشأ الشيخ سليمان في بيت له مشيخة قرية عرابة وإقطاع ناحية الشعراوية. وقد ساعد والده، الذي وسع نفوذ العائلة وقوى مركزها بالتدريج في جبل نابلس وفلسطين كلها. وكانت الحملة المصرية نقطة تحول مهمة في تاريخ العائلة، فتقدمت على العائلات الإقطاعية الأخرى في المنطقة. وفي سنة 1833 عين الشيخ سليمان متسلماً للواء نابلس، خلفاً للشيخ محمد قاسم الأحمد. وقد يكون ذلك أحد الأسباب الرئيسية لانضمام الأخير وعائلته إلى صفوف الثوار سنة 1833. أما الشيخ سليمان فقد سافر إلى عكا، حيث عُين مكان والده، مديراً لإيالة صيدا بالوكالة. وخرج والده إبراهيم باشا لإخماد الثورة في جبال صفد والكرمل. وكان نجاحه جزئياً بسب النقص في الجند، وخصوصاً الفرسان، كما كتب في تقريره لمحمد علي في 24 صفر 1250ه/ 2 تموز (يوليو) 1834م. وبعد القضاء على الثورة في جبال فلسطين، عاد والده إلى الحكم في عكا ورجع هو إلى منصبه متسلماً في نابلس. وفرض الحكم المصري الضرائب الباهظة على السكان، وتشدد في جمع الأسلحة من السكان. ولم ينفذ الشيخ سليمان السياسة المصرية في جبل نابلس بحذافيرها، فدب الخلاف بينه وبين إبراهيم باشا. ووبخه الأخير بسبب تهاونه في تنفيذ المهمات الملقاة على عاتقه وهدده بالعقاب. وبعد وفاة والده مسموماً في عكا سة 1253ه/1837، ساءت العلاقات أكثر بين الطرفين. ومع ذلك، استمر التعاون بينهما، فعين الشيخ سليمان، خلفاً لوالده، مديراً لعكا بالوكالة، إلا إن إبراهيم باشا أحاطه بجواسيسه هناك. ولما استمر الشيخ سليمان في مخالفة أوامر إبراهيم باشا كتب هذا إليه يهدده بصريح العبارة: «وما هذه الجسارة حتى تنتصر لمخالفة أمرنا. بادروا بإحضار المذكورين (الجنود والسلاح) وإلا بحياة رأس محمد علي العزيز ورأسنا الكريم ما تنظر إلا وقد صدر أمرنا لواحد أميرالاي يتوجه يعدمك بالبلطة. خنزير ما كفى بهذا المقدار حتى أنت تقف ضداً لأوامرنا.» ولم يؤثر هذا التهديد في الشيخ سليمان، واستمر في مخالفته. ونقل عنه الجواسيس أنه يمن بخدماته على إبراهيم باشا، فكتب إليه هذا ثانية في 25 جمادى الأولى 1255ه/ 6 آب (أغسطس) 1839م: «وتقولوا نحن خدمنا كثير أين خدمتكم يا خنزير من حين ممات الشيخ حسين ما خدمتم خدمة بنصفين فضة الله يلعنكم». وهكذا، فعلى الرغم من استمرار الشيخ سليمان في خدمة الإدارة والحكم المصري حتى أواخر أيامه، فإن العلاقات توترت جداً بين الطرفين. وصار الشيخ سليمان يحرض على عدم دفع الضرائب ورفض التجنيد وعدم تسليم السلاح، وبقى متسلماً في نابلس حتى سنة 1256ه/1840م، وتوفي بعدها بمدة قصيرة في بداية سنة 1257ه/ شباط (فبراير) 1841م.
أعلام فلسطين في أواخر العهد العثماني
عادل مناع