(شقيق الشيخ حسين عبد الهادي، مدير ولاية عكا. عُين في إبان الحكم المصري متسلماً للواء يافا، وعين في الأيام الأخيرة لذلك الحكم «مدير إيالة صيدا». وبعد عودة الحكم العثماني، عين رئيس محصلية الأموال في لواء نابلس، ثم قائمقاماً سنة 1262ه/1846م مدة ثلاثة أعوام. وكان متسلماً للواء نابلس سنة 1856، وشارك في الحرب الأهلية على آل طوقان، فغضبت الدولة عليه وقررت نفيه، فسلم نفسه إلى والي الشام ونُفي فعلاً.)
شارك أخوه الشيخ حسين في خدمة الحكم المصري منذ مجيء إبراهيم باشا لإحتلال بلاد الشام. ولما عُين أخوه المذكور والياً على صيدا سنة 1833، أصبح هو متسلماً ليافا. وفي أواخر أيام محمد علي في المنطقة، ذكر اسم محمود بك مديراً لإيالة صيدا. وفي سنة 1841، حين توفي الشيخ سليمان، ابن أخيه، تسلم محمود بك حكم لواء نابلس مدة قصيرة. إلا إنه بسبب العلاقات الوثيقة التي كانت لآل عبد الهادي مع الحكم المصري تقدم عليهم آل طوقان في الأربعينات. ولهذا السبب تجددت الصراعات بشأن النفوذ في جبل نابلس بين العائلتين، واستمرت عدة أعوام، حتى أُطلق عليها اسم الحرب الأهلية. وفي سنة 1849 اعتقلت السلطات العثمانية عدداً من مشايخ جبل نابلس ونفتهم إلى طرابزون، في بلاد الكرج، على شواطئ البحر الأسود. وكان على رأس المبعدين سليمان بك طوقان وآخرون من عائلته ومن آل البرقاوي وريّان وغيرهم.
عُين محمود بك سنة 1259ه/1843م رئيس محصلي الأموال في لواء نابلس مدة ثلاث أعوام. ثم عين قائمقاماً مدة ثلاثة أعوام، ثم أعيد تعيينه للمنصب ذاته سنة 1267ه/1851م وسنة 1272ه/1856م. وفي تلك المدة نزل في نابلس سائح إنكليزي هو القس لايد، ومكث في البلد شهراً يدرس أحوالها ويتجول ويتجول في أطرافها. وكان هذا يذهب كل يوم إلى السرايا ومعه بعض الحراس من النصارى المحليين، فحامت حول مقاصده الظنون. وتحمس أخرس اسمه موسى الهموز، وهجم عليه وهو في طريقه، في أحد أيام نيسان (أبريل) 1856، إلى السرايا، فرماه أحد الحراس وقتله. ولجأ السائح إلى السرايا، وفر الحراس إلى دور النصارى. فثار أهالي نابلس وأرادوا ذبح السائح والحراس، فهاجم فريق منهم السرايا ورابط حولها، وهاجم فريق آخر دور النصارى فحطموا أبوابها ونوافذها، وقتلوا نصرانياً اسمه سعيد قعوار. ثم هدأت الأمور في المدينة بسرعة، ونجح أعيان البلد في إطفاء نار الفتنة ومنع انتشارها، وكان لمحمود بك وعساكره دور مهم في تهدئة الأمور. ونُقل السائح إلى ميناء يافا سالماً، فانتهت المسألة بسلام. ومع ذلك، عزله الأتراك عن الحكم بعد مدة قصيرة من تلك الحادثة، وعينوا من حينها حكاماً أجانب على جبل نابلس. وكانت الدولة العثمانية قد قررت فرض حكمها المباشر وسلطتها الفعلية في هذه المنطقة التي عانت الصراعات العشائرية المستمرة. ولما كان محمود بك من المشتركين في تلك الحرب على آل طوقان وحلفائهم، قررت الدولة نفيه. وحاول محمود بك إقناع محمد أفندي الحسين، ابن أخيه، تسليم نفسه أيضاً والعودة عن العصيان، لكن من دون نجاح. وكان محمود بك لين العريكة بعيد النظر، فقبل تسليم نفسه إلى والي الشام. أما ابن أخيه محمد فكان عنيداً، تحصن في عرابة معلناً العصيان، فدكت عرابة بالمدافع ونهبت وهدمت سنة 1859. فكانت تلك الحادثة نقطة تحول في تاريخ آل عبد الهادي، إذ إنهم انتقلوا بعدها إلى الإقامة في نابلس. وانتبهوا إلى تعليم أولادهم، وتفاهموا مع الدولة، وخدموا في المناصب العالية في حكومتها المحلية، وأصبحوا من أعيان نابلس منذ أواخر القرن التاسع عشر.
أعلام فلسطين في أواخر العهد العثماني
عادل مناع