عبد الهادي، سليم الأحمد: (1870-1915)
(عضو حزب اللامركزية، ومن أبرز نشيطي هذا التنظيم في شمال فلسطين عشية الحرب العالمية الأولى وفي بدايتها. اعتقل مع آخرين من العالمين في الجمعيات والتنظيمات القومية، وكان أول شهيد فلسطيني أعدمه جمال باشا في عاليه، وكان ذلك في 21 آب (أغسطس) 1915. وهو خال عوني عبد الهادي ووالد زوجته.)
ولد سليم الأحمد في جنين، ودرس في مكاتبها ومدارس مدينة نابلس. كما حرص على تثقيف نفسه فأتقن العربية وآدابها. انتظم في بدء حياته العملية في سلك القضاء في نابلس، ثم استقال، مؤثراً العمل في الزراعة مع عمه حافظ باشا المحمد، صاحب الأراضي الواسعة في قضاء جنين. وتبوأ في منطقته منزلة إجتماعية مرموقة، فانتخب عضواً في مجلس إدارة قضاء جنين. وعُرف باهتمامه في نشر المعارف في منطقته وبسعيه لحمل الدولة على إنشاء مدرسة ثانوية كاملة في نابلس. وامتد نشاطه الإجتماعي إلى عشائر بيسان، ولا سيما عشيرة الغزاوية. وحين عزمت االحكومة العثمانية على تأجير أراضي الجفتلك، وهي أراضي الغور المسجلة باسم السلطان، أو بيعها من إحدى الشركات الأجنبية، بذل سليم الأحمد جهداً عظيماً للحيلولة دون ذلك استبقاءً لمزارعها وخشية تسربها بالمزاد إلى المؤسسات الصهيونية. وقد أنشأ شركة لهذه الغاية، ونجحت مساعيه، وبقيت الأراضي مدة في حيازة مزارعيها.
أُسس حزب اللامركزية في القاهرة سنة 1912، وكان القائمون عليه من أبرز الشخصيات العربية على الصعيدين الفكري والسياسي. وانتشرت الحماسة لفكرة المناداة باللامركزية من مصر إلى سوريا وفلسطين، وشُرع في إقامة الفروع للحزب في عدد من المدن الفسلطينية عشية الحرب العالمية الأولى وقد جاء في رسالة كتبها عوني عبد الهادي إلى حقي العظم، سكرتير الحزب في القاهرة، ما يلي:
«إن فكرة تشكيل أحزاب للحزب اللامركزي في مصر انتشرت في فلسطين ولم يبق لتحقيقها سوى الإبتداء بالفعل. ومن مدة أخذت كتاباً من سليم الأحمد عبد الهادي من جنين يعدني فيه بتشكيل حزبين قويين لجنين وحيفا. والمذكور من الذين يعتمد على أقوالهم، حيث أن له الكلمة العليا في البلدين.»
وفي رسالة ثانية كتبها عوني عبد الهادي في أيلول (سبتمبر) 1913 إلى حقي العظم يخبره «أن سليم عبد الهادي تسلم كتابه وفيه التعليمات، وأنه ابتدأ، وعن قريب يتم تشكيل الحزب.» وأصبح سليم الأحمد فعلاً معتمد الحزب في منطقة جنين وحيفا، لكنه دفع ثمن نشاطه هذا غالياً. فقد كان من بين أوائل من اعتقلهم جمال باشا وقدمهم إلى المحكمة العرفية في عاليه. وحكمت تلك المحكمة عليه بالإعدام شنقاً في 21 آب (أغسططس) 1915. وقبل تنفيذ حكم الإعدام بنصف ساعة كتب وصيته بخط يده، ومما جاء فيها:
«إنني أقيم عمي حافظ باشا وصياً شرعياً وناظر وصي على ابنتي اليتيمة طرب وزوجتي الحزينة فاطمة خانم، ولي في حنوه وشفقته على عائلتي خير كفيل على راحتها. ولعمي المومئ إليه أن يوصي من يشاء... كتبت هذه بقلم حديد ومن التدقيق بالخط يعلم أنه كتب جيداً مما يدل على أنني أستقبل الموت بصدر رحب ذلك لأني خرجت من هذه الدنيا الدنيّة ناصع الجبين طاهر الذيل مسلماً مؤمناً بالله واليوم الآخر.»
وأُعدم سليم الأحمد فعلاً بعد كتابة وصيته، وكان عمره حينها خمسة وأربعون عاماً.
أعلام فلسطين في أواخر العهد العثماني
عادل مناع