الكرمي، الشيخ سعيد: (1852-1935)
(عالم أزهري، أديب وشاعر، شارك في الحياة السياسية والوطنية. واعتقل سنة 1915 مع رجال الحركة القومية العربية. وصدر في حقه حكم الإعدام، وخفف الحكم بالسجن بسبب تقدمه في السن. انضم إلى حكومة فيصل، وشارك في تأسيس المجمع العلمي في دمشق، وكان نائباً لرئيس المجمع. وفي سنة 1922 انتقل إلى عمان، حيث عيّن قاضياً للقضاة، وعضواً في مجلس المستشارين، ورئيساً لمجلس المعارف.)
هو الشيخ سعيد بن علي منصور الكرمي. ولد في طولكرم، وإليها نسبت أسرته منذ أن استوطنها جد والده. وقد روى الشيخ سعيد لصاحب كتاب «الأعلام» أن أسرته تنحدر من عرب اليمن الذين جاؤوا مع عمرو بن العاص لفتح مصر واستقروا فيها. وأول من جاء منهم إلى فلسطين جد ولده في أواخر القرن الثامن عشر، كما يبدو.
أتم الشيخ سعيد دراسته الإبتدائية في طولكرم، ثم أرسله والده إلى الأزهر لإكمال تحصيله. وحضر دروس الشيخ جمال الدين الأفغاني، واتصل بالشيخ محمد عبده، وبقيت الصلة وثيقة بينهما بعد ذلك. وبعد حصوله على شهادة العالمية عاد إلى بلده، وعيّن مفتشاً للمعارف في قضاء بني صعب (طولكرم)، ثم أصبح مفتياً. ولما أُلفت الجمعيات الوطنية العربية انتمى الشيخ سعيد إلى حزب «اللامركزية» وأصبح معتمداً في قصاء بني صعب. وعندما أُعلنت الحرب العالمية الأولى وزعت في دمشق منشورات تدعو إلى الثورة على الأتراك موقعة باسم «الحزب الثورة العربية». وطاردت السلطات العثمانية رجال الحركة العربية فألقت القبض في فلسطين على حافظ السعيد، والشيخ سعيد الكرمي، وسليم عبد الهادي، من نشيطي حزب «اللامركزية». وبعد محاكمة قصيرة في عاليه، نُفذ في آب (أغسطس) 1915 حكم الإعدام في أحد عشر شخصاً. أما حافظ السعيد والشيخ سعيد الكرمي فأُبدل حكم الإعدام عليهما بالسجن المؤبد. وفي شباط (فبراير) 1918 أُطلق الشيخ سعيد بفضل مساعي عبد القادر المظفر وغيره.
وفي سنة 1918 عاد الشيخ سعيد من دمشق إلى طولكرم بعد الإفراج عنه من سجن القلعة. ولما أُلفت الحكومة العربية في دمشق في تشرين الأول (أكتوبر) 1918 دعي إلى العاصمة السورية وعين في شعبة الترجمة والتأليف من آذار (مارس) 1919 حتى أيلول (سبتمبر) 1920. ثم عين عضواً في المجمع العلمي العربي، فنائباً لرئيس المجمع المذكور بين تشرين الأول (أكتوبر) 1920 ونيسان (أبريل) 1922. وكان قبل ذلك قد حضر المؤتمر الفلسطيني الأول في شباط (فبراير) 1919. وشارك في بعض أنشطة الحركة الوطنية في تلك الفترة.
وفي 6 أيار (مايو) 1922 غادر الشيخ سعيد دمشق إلى عمان، حين عين قاضياً للقضاة وعضواً في مجلس المستشارين (مجلس الوزراء)، ورئيساً لمجلس المعارف. وبقي في عمان يشغل منصب قاضي القضاة حتى سنة 1926، وعين بعده الشيخ حسام الدين جار الله. وعاد بعد ذلك إلى مسقط رأسه، واعتزل السياسة، واشتغل في أواخر حياته مدرساً في مسجد طولكرم.
إن آثار الشيخ سعيد من المؤلفات قليلة، وذلك لانشغاله في الشؤون السياسية والمنصب الحكومية، كما يبدو. وبالإضافة إلى أشعاره التي لم تجمع، طُبعت له في صدر شبابه (1282ه/1875م) رسالة في التصوف بعنوان «واضح البرهان في الرد على أهل البهتان».
أعلام فلسطين في أواخر العهد العثماني
عادل مناع