النشاشيبي، سليمان: (توفي سنة 1275ه/1859م)
(تاجر ثري، ومن أعيان القدس البارزين في أواسط القرن التاسع عشر. ورث عن والده ثروة وعقارات، من ضمنها متاجر ومصابن. تزوج أخت عمر فهمي الحسيني، رئيس بلدية القدس، فعزز بذلك مركزه الإجتماعي والسياسي، واشترى الأراضي في قرى منطقة القدس وخارجها، فكان بذلك المحرك الأول لدور العائلة القيادي في أواخر العهد العثماني.)
وعائلة النشاشيبي من الأسر المقدسية القديمة، ظهر منها الأمير ناصر الدين النشاشيبي في القرن الخامس عشر. لكن حال العائلة تأخرت مع سقوط دولة المماليك وتقدم عليها آخرون. اشتغل بعض أفراد الأسرة في العلم وخدمة مساجد الحرم، وعمل آخرون في التجارة.
توفي والد سليمان، محمد جلبي بن حسن النشاشيبي، في أواخر سنة 1257ه/ أواسط كانون الأول (ديسمبر) 1841م، وترك ثروة كبيرة جداً، فيها أكثر من خمسمئة ألف غرش وعقارات كثيرة، من ضمنها معاصر وحوانيت وبيوت وغيرها. وقد عين القاضي «فخر التجار والسادات سليمان جلبي وصياً شرعياً على أشقائه القاصرين عبد السلام ونفيسة وفطومة.» وكان لسليمان وإخوته علاقات تجارية متشعبة بالفلاحين في جبل القدس، وتزوج أخوه عبد الله أفندي ظريفة بنت حسين آغا السمحان. وكان هذا التاجر مع أهل القرى ويعطيهم الديون. وقد كلفته هذه العلاقات الإقتصادية حياته، إذ وجد قتيلاً سنة 1271ه/1854م في قرية بيت اللو التابعة لناحية بني حارث. ولم تعطل هذه الحادثة علاقات العائلة، ومن ضمنها العلاقات بأهالي القرى في لواء القدس. وكان سليمان أفندي في أواسط الخمسينات على الأقل من «أعضاء الإيالة بالقدس الشريف». واستغل مركزه وثروته العظيمة لشراء الأراضي من الفلاحين في أواخر الخمسينات وفي الستينات من القرن الماضي. ولذا يمكن اعتبار سليمان أفندي، وبحق، زعيم آل النشاشيبي وأول أعيانهم البارزين في العصر الحديث. وقد وطّد مكانة العائلة سياسياً واجتماعياً بمصاهرة العائلات القوية في القدس ومنطقتها. فقد تزوج أخت عمر أفندي فهمي الحسيني، رئيس بلدية القدس، ورزق منها أربعة أولاد هم : عمر ورشيد وعثمان وإبراهيم.
في شعبان 1275ه/1859م قصد سليمان أفندي الحج فعين السيد حسين الصباغ وصياً على أولاده القاصرين رشيد وإبراهيم وعثمان. كما نصب خالهم عمر بن عبد السلام الحسيني ناظراً على أولاده المذكورين. لكن حسين الصباغ طلب إعفاءه من الوصاية فعين القاضي السيدة فطومة، كريمة السيد عبد السلام الحسيني، وصية بدلاً من السيد حسين. وقد توفي سليمان أفندي، بحسب وثائق المحكمة الشرعية، في تلك السنة في الحج، فانتقلت ثروته إلى أولاده المذكورين. وقد برز منهم رشيد وعثمان. وتزوج الأخير ابنة مصطفى أبو غوش، ووطدت العائلة مكانتها السياسية والإجتماعية في أواخر القرن التاسع عشر حتى أصبحت منافسة قوية لآل الحسيني عشية الحرب العالمية الأولى.
أعلام فلسطين في أواخر العهد العثماني
عادل مناع