رائد صلاح.. قائد لا يخذل الأقصى
ياسر قدورة
نيسان 2007
على الأرض لم يكن المسجد الأقصى وحيداً، فقد انبرى له عشرات الآلاف من العلماء والشيوخ والرجال والنساء وحتى الأطفال، دافعوا عنه وذادوا عن حماه، وفي مقدمة هؤلاء رجل عملاق لم يجد الصهاينة حتى الآن سبيلاً للحؤول بينه وبين المسجد الأقصى.الشيخ رائد صلاح.. ((شيخ الأقصى)) وحارسه.. انتفض للأقصى كعادته ليفضح مخططات الاحتلال وممارساته من أرض الميدان، لم يقبل قرارات الاحتلال بمنعه من الدخول إلى المسجد والخطبة فيه فظل يتنقل من ساحة إلى ساحة، يخطب بالناس ويؤمهم في الصلاة حيثما أدركتهم..
اشتبك مع جنود الاحتلال لدى منعه من الاقتراب من الأقصى، أوقف واعتقل لساعات ثم أطلق سراحه باشتراط منعه من حضور اجتماع يضم أكثر من ثمانية أشخاص لمدة شهر، وحرمانه من دخول المسجد الأقصى مدة 60 يوماً وإبعاده عن أسوار البلدة القديمة لمسافة 150 متراً.. وهو على موعد مع المحاكمة في 29 نيسان/أبريل القادم بتهمة (إثارة الشغب والإخلال بالنظام العام والهجوم على شرطي).تأفف بعض قادة الصهاينة من قدرة هذا الرجل على التحرك للدفاع عن الأقصى، فعلق بعضهم أن ((رائد صلاح يمثل فرعاً واحداً من حركة واحدة، ومع ذلك يبدو أنه الناطق الرسمي والوحيد باسم المليون ومائتي ألف فلسطيني الموجودين في إسرائيل))..
واعتبر العديد من الوزراء الإسرائيليين أن الشيخ رائد صلاح، وهو رئيس الحركة الإسلامية داخل فلسطين المحتلة عام 1948، يعتبر خطراً استراتيجياً على الكيان، وأيدوا مع معظم كتل اليمين والوسط وبعض نواب اليسار، مشروع القانون الذي تقدم به النائب الإسرائيلي اليميني يسرائيل كاتس وينص على حظر نشاط الحركة الإسلامية وإخراجها من إطار القانون.. فشل مشروع القانون مرتين حتى الآن بسبب انسحاب النواب العرب من الجلسة وعدم بلوغ الحضور في القاعة النصاب المطلوب، إلا أن معركة هذا المشروع لم تنته، ما دامت الحركة وعلى رأسها رائد صلاح يقفون في مواجهة تهويد القدس وبناء الهيكل على أنقاض المسجد الأقصى..
ولا شك أن الشيخ رائد الذي ارتبط اسمه بالأقصى، وتعلق قلبه في زواياه لن يلتفت لهذه التهديدات بمشروع القانون ولا بالمحاكمة، ولن يخذل أقصاه سواء ظل حراً أو عاد سجيناً كما كان..فالشيخ رائد صلاح، المولود عام 1958 في مدينة أم الفحم (أم النور لاحقاً)، اعتقل عام 1981 بعدما تخرج من كلية الشريعة في مدينة الخليل بتهمة الارتباط مع منظمة (أسرة الجهاد) المحظورة.. خرج من السجن وبقي فترة من الزمن تحت الإقامة الجبرية.. انتخب رئيساً لبلدية أم الفحم مرة أولى وثانية وثالثة بنسبة أصوات عالية جداً، ولكنه قدم استقالته من رئاسة البلدية وهو في أوج عطائه عام 2001 لأنه أراد التفرغ للدعوة والدفاع عن الأقصى.. صار يعرف لاحقاً بـ((شيخ الأقصى)) لكثرة المشاريع التي أطلقها من أجل حماية الأقصى، من تسيير مئات الحافلات لتقل الزوار والمصلين والمعتكفين إلى المسجد تحت عنوان ((مسيرة البيارق)) إلى مهرجانات ((الأقصى في خطر))، ومشاريع ((طفل الأقصى)) و((مسلمات من أجل الأقصى)).. اعتقل مجدداً في 13/5/2003 بتهمة تقديم المساعدات لأسر الاستشهاديين في الضفة والقطاع.. أمضى عامين في السجن كتب خلالهما كثيراً من الشعر يتحدى فيه الاحتلال ويشحذ همم الأنصار: (أنا المولود في مهدي.. أنا للمجد كالعمد.. أنا زحف إلى الأقصى.. بلا حصر ولا عدد.. أنا الأذان في عكا.. أنا الرمان في صفد.. أنا الليمون في حيفا.. وزهر الكرمل الأسد).. أفرج عنه في تموز/يوليو 2005 ليواصل مسيرة الدفاع عن المسجد الأقصى بعزيمة أقوى وأشد..