وفي تاريخ 25-8-1984م كان على موعد مع ميلاد فارس من فرسان القسام انه الشهيد القسامي المجاهد أحمد حسن محمد أبو العون " أبو إسلام " نشأ في أسرة فلسطينية مجاهدة ، تربى وترعرع على الإيمان و الأخلاق الإسلامية النبيلة، هجرها الاحتلال الصهيوني من قرية بيت دجن في يافا عام 1948م، وشهيدنا أعزب له من الأشقاء ثلاثة وخمس بنات، ويقع ترتبيه السادس من بينهما.
ولقد سبق شهيدنا أحمد سنه في أفعاله وعلاقاته الاجتماعية مع الآخرين، وهو محبوب من كلّ الناس في منطقته حي الشجاعية ، إنسان خدوم لأهله ومنطقته لا يردّ طلب أي إنسان يحتاج إلى مساعدته، سباق إلى الخير في خدمة دينه وأهله وجيرانه، ويشهد له كل من عرفه وتعاون معه.
المرحلة التعليمية
تلقى شهيدنا القسامي أحمد أبو العون تعليمه الابتدائي في مدرسة الشجاعية المشتركة، لينتقل إلى المرحلة الاعدادية في مدرسة الشجاعية للذكور، وكان لشهيدنا المجاهد النشاط الواضح في الكتلة الإسلامية، يشاركهم في أنشطتها المختلفة من الرحلات وفي اللجنة الثقافية بالإضافة إلى توزيع البيانات والنشرات.
وبعد ذلك التحق شهيدنا في الثانوية العامة في مدرسة جمال عبد الناصر، ليلتحق في جامعة الأزهر ويتخصص في قسم الرياضيات، ويتخرج بمجموع جيد جداً، ليعمل بعدها في صفوف القوة التنفيذية.
الفارس البطل
عرف عن الشهيد القسامي أحمد أبو العون، محافظاً على الصلاة منذ الصغر، وكان حريصاً على تأدية الصلاة في أوقاتها ، وعن المسجد الذي التزم فيه الشهيد ، أكّد أخوة الشهيد أن أخيّهم الفارس البطل كان يصلّي في مسجد السلام القريب من منزل الشهيد في حي الشجاعية ، وفي هذا المسجد قضى شهيدنا القسّامي حياته المسجدية المليئة بساعات قضاها داخل المسجد في عبادة وطاعة وتسبيح وتهليل.
وشارك شهيدنا الفارس المقدام مع اخوانه في المسجد في جميع الأنشطة المختلفة، ومنها في اللجنة الدعوية واللجنة الثقافية ، ويعد من البارزين في نشاط العمل الجماهيري، وأيضاً يعتبر من محفظين لكتاب الله عزوجل، وبالإضافة للعبادته وكان من الداومين على صلاة القيام في جوف الليل ، وصيام يومي الاثنين والخميس ، وكان من المحافظين على صلاة الضحى.
وقضى المجاهد أبو إسلام حياة طبيعية ، يقضي يومه إما في الجهاد في سبيل الله أو في المسجد ، ولم يلاحظ عليه أي بوادر تدلّ على حبه إلى هذه الدنيا، وتمسكه بها، ويقول أبو محمد والد شهيدنا المجاهد: لم يكن أحمد من الذين ينظرون إلى الدنيا بنظرة المتمسك بها، بل كان زاهداً حنوناً طيباً في المعاملة، ولا أذكر يوماً أنه رفض طلب لي، وغير ذلك كان يتصف بالاخلاق العالية ومشهود له بين أهالي المنطقة التي نسكن فيها ".
نموذجاً للصديق المخلص
كان شهيدنا الفارس "أحمد" أبو إسلام على علاقة طيبة وكبيرة مع العديد من الشباب المسلم من أبناء المساجد ، وأبناء منطقته ، ولم تخرج صداقته عن علاقة ترتكز على الحب في الله صداقة خالصة لوجه الله الكريم ، وكان يراعي في صداقته أموراً شتى ولا يخلط الأمور.
وكان بين أصحابه وزملائه كتوماً بالنسبة لعمله في صفوف كتائب القسام ولا يدري أحد منهم بأمره ، ولا يذكر إخوانه بأي لفظٍ وشتيمة ومسبة تخدش شعورهم وأحاسيسهم ، فكان نموذجاً للصديق المخلص والوفي لأبعد حدود وغلب إلى شخصيته سمة التواضع .
وقال أبو مصعب أحد أصحابه : إن أحمد "أبو إسلام" كان كتوماً جداً يحافظ على الأمنيات بشكلٍ كبير ، زملاؤه لم يشعر أحد منهم ذات يوم أن أحمد كان يقوم بهذا العمل الكبير في صفوف المجاهدين، وبعد استشهاده بكوه بحرقة و شعروا بالحزن الشديد على فراقه ".
ويذكر أن شهيدنا بايع جماعة الإخوان المسلمين في عام 2004م، حيث بايعها على المنشط والكره إلا ما يغضب الله، وبايعها على الجهاد والاستشهاد في سبيل الله"
بكاؤه عليهم
تأثر الفارس المقدام أبو إسلام على العديد من الشهداء ، ونخص بالذكر الشهيد القسامي القائد عبد القادر حبيب ، حيث كان مسئوله في العمل العسكري والدعوي حيث تربى على يديه، وتأثر أيضاً على فراق الشهيد المجاهد القائد سامح فروانة، بالإضافة إلى العديد من الشهداء الذين لحق بهم شهيدنا.
انضمامه للقسام
لم يكن انضمام شهيدنا الفارس إلى صفوف القسام من قبيل الصدفة ، بل كان للمنطقة التي يسكن فيها شهيدنا القسامي أحمد أبو العون، والتي ارتقى منها شهيداً دور بالغ وكبير في صقل حب الجهاد والاستشهاد في نفس شهيدنا المقدام ، وكان لها الفضل الكبير في رصد العدو الصهيوني في تحركاته الذي أقام الدنيا وأقعدها.
وأيضاً قدّمت منطقة " شجاعية القسام" عدداً كبيراً من خيرة أبنائها المجاهدين الأبطال فمنها خرج الشهيد القسّامي يحيى حبيب، ومنها خرج القائد القسامي عبد القادر حبيب وخرج منها شهداء عائلة أبو هين وهم يوسف ومحمود وأيمن ، والكثير الكثير الذين خرجوا وبذلوا النفس والمال في سبيل الله عز و جل ولا يزال المئات بل الآلاف من أبنائها المجاهدين من كتائب عز الدين القسام ينتظر وقته لتقديم نفسه رخيصة في سبيل الله .
ومنذ أن انضم الفارس المقدام أبو إسلام إلى هذه الكتائب المظفرة في عام 2002م ،كان له العمل الكثير، حيث شارك في صد معظم الاجتياحات التي يقوم بها العدو الصهيوني ويتقدم في الصفوف المتقدمة، حاملاً سلاحه لا يخشى إلا الله.
ويذكر أنه شارك في عملية تفجير جيب للعدو الصهيوني مع رفيق دربه الشهيد القسامي القائد إياد الحلو وأشرف الحية.
زفافه للحور
وفي يوم 5-12-2007م خرج شهيدنا المقدام في مهمة جهادية على خطوط التماس، وقام بنصب العديد من العبوات والتشييك عليها وتأكد منهم، ولكن قدر الله كتب له الشهادة، حيث انفجرت احدى العبوات فارتقى شهيدنا مجاهداً في سبيل الله.
وقبل استشهاده بدقائق قال شهيدنا لأحد المجاهدين : أربد أن أسلم لك على عبد القادر حبيب، وكأنه يعلم أن لقاء مع الله بعد دقائق، وعندما ذهب أهل الشهيد لنقل أبو إسلام لم يجدو سوى ستة كيلوا من جسده.
وبعد أن دفن شهيدنا وجد أهل الشهيد على فراش أحمد الكثير الكثير من الفراشات، وهذا كان أمر غريب بالنسبة إلى أهل الشهيد.
رحمك الله يا أبو إسلام كنت تقول: اللهم قطع جسدي أشلاً في سبيلك، وها أنت تصدق الله وتلتقي بالحور العين وبالشهداء الأكرم منا جميعاً.