جديدنا: وثيقة - مركز الوثائق الفلسطيني
لديه ذكرى حزينة من الهجرة، وفي مقتل أخيه في غارة يهودية أثناء هروبهم من قريتهم. ويذكر الشاهد هذه الحادثة في سياق حديثه التالي: «كان عمري في ذلك الوقت (18) سنة تقريباً. والدي اضطر للسكن في الرملة للعمل في الزراعة كنت أيضاً أساعده في عمله حيث أقوم بتشغيل ماتور المياه لأننا كنا نشتغل عند اليهود. ويبنة قرية كان يحدها من الشمال قرية بشيت، وحواليها زرنوقة والقبيبة والبحر في الغرب. وأتذكر أن المناوشات بدأت مع اليهود في عام (1947) أيامها كنت أشتغل عند اليهود أقوم بتعبئة الحمضيات، ولم يكن عربي غيري عندهم، ورغم ذلك كانت لديهم حراسة مشددة من جماعة الهاجاناه. وفي مرة سمعنا ضرب نار حول قرية «عاقر» وسألني اليهود الذين كنت أعمل لديهم وهم يستعدون للهرب هل ستهرب؟ قلت: سوف أهرب قبلكم. وهرب اليهود وتركوا ذخيرتهم خلفهم ومنها قنبلتين ميلز. رجعت وجمعتها في سلة ووضعت فوقها برتقال وإذا بسيارة نقل لتحميل صناديق البرتقال، وطلبت من صاحبها اليهودي توصيلي حتى طريق يبنة حيث كنا نعمل في مستوطنة (رحوبوت) وهي مستوطنة قديمة لليهود. وفي وسط الطريق تعطلت السيارة بالقرب من مركز الشرطة حيث كان الإنكليز لا زالوا موجودين، وأنا خفت يفتشون السلة ويلاقون الذخيرة وجاء مختار مستوطنة «رحوبوت» وسألني: من وين إنت؟ قلت له: من (زرنوقة) لأن كانت علاقتهم كويسة مع زرنوقة، وتركني أواصل طريقي حتى وصلت إلى بيتي وأعطيت الذخيرة والقنبلتين لواحد من المناضلين عندنا في البلد». ويصف أبو حسن الوضع قبل الهجرة بفترة وجيزة قائلاً: «بدأت المناوشات بيننا وبين اليهود وبطلنا نذهب (لرحوبوت) للعمل وكان البريطانيون يحضرون بدباباتهم ويقولون لنا لا تخافوا إحنا عندكم. وبعدها بفترة قالوا في اشتباكات بين اليهود والعرب: إن عبد القادر الحسيني استشهد في القسطل. وبعدين بدأت الهجرة. في البداية ما هجم اليهود على البلد لكن هجموا على قرية بشيت وراح أهل البلد يفزعون لأهل بشيت. وأيامها استشهد منها (7 ـ8) شهداء وأذكر منهم واحداً اسمه «سالم القططي» من المناضلين وكمان «مصباح زيغان» و «فارس الهمص» و «حامد خليفة» واستمرت المعركة أيامها من يوم ليومين وبعدين صار اليهود يضيقون على الناس وكانوا زمان يخافون على حريمهم فانسحبت الناس. واحنا طالعين مشينا في البيارات حتى أسدود وقضينا فيها (9) أيام، وبعدين هجموا اليهود علينا في أسدود وصار ضرب كثير، وسقط شهداء من أهل أسدود. وأيامها دخل الجيش المصري وتمركزوا في أسدود، ولم يكن بعد ضرب طائرات. وبعدين انتقلنا للمجدل وهناك صار قصف كثير بالطائرات علينا في المجدل وناس ياما راحت وتلاقي الجثث في الشوارع». صمت الحاج أبو حسن لحظة وضعف صوته قائلاً: «أيامها استشهد أخي (علي حسن عرفة) حيث أصيب في القصف، وأبي حمله حتى غزة وهناك توفي ـ الله يرحمه ـ في المستشفى العمداني، وكان عمره أيامها 11 سنة فقط». وأيش بدي أقول: «أيامها راح ناس كثيرون ومن بينهم عبد الرحمن الفرع زوج خالتي... ويتابع وبعد 6 شهور في المجدل، ولما صار ضرب الطائرات رحل الناس ومن بقي ظل تحت حكم اليهود وإحنا طلعنا... كانت عائلتنا 4 بنات و 4 أولاد وأبي وأمي وفي غزة سكنا في البداية بالشغف في المبيض حتى سلمنا الصليب خيم. واستمر القصف علينا في غزة وبيت حانون ومن كان يرجع للبلد يطخونه». يعاود أبو حسن وصف موت أخيه قائلاً: «كنت أنا وقت ضرب المجدل في البيارات وشظية أصابت أخي في بطنه ووصلت الشظية لكبده، وأيامها ما تركوا مكاناً إلا قصفوه حتى البيوت». ويضيف: «....اليهود كان سلاحهم (استنات) و(برنات)، ولما كنت أشتغل معهم كانت دائماً هناك حراسة، رغم أني العربي الوحيد بين 40 ـ50 يهودياً... باستغرب كيف أصبحوا هم الأسياد... كان أيامها المعلم اليهودي بيقولي: بكره بنأخذ البلاد ومنها يبنة كنت أقول له «فشرت»... ما كنا بنصدق إنه يصير هيك».
www.group194.net