عائلة "علي حسن" الرملية
أثرت الفوضى والصراعات التي عمت فلسطين بشكل خاص على امتداد تاريخها وما نتج عن صراع الغزاة والمحتلين لها على سكانها الأصليين وعلى عائلاتها القديمة والعريقة وعلى عمرانها وحضارتها، فكان من الطبيعي أن لا تعرف بلادنا الاستقرار المنشود، والذي من شأنه أن يحفظ للسكان وللعائلات تاريخهم المفقود .
وفي غياب وثائق تحفظ تاريخ الأسر وتسلسلهم العائلي والتاريخي تبقي الرواية المصدر الوحيد أمام الباحث. أما بشأن عائلة "علي حسن" الرملية فقد حفظ أبناؤها من الروايات الشفوية ما يمكن الباحث والمعني في معرفة نسبها وأصولها وجذورها التاريخية والحضارية. ويُعد البحث عن جذور العائلات من أشد موضوعات التاريخ المعاصر تعقيدا وأكثرها صعوبة، ويتأرجح قدر الصعوبة بين المعلومات الموثقة التي دونها المؤرخون وبين الروايات الشفهية التي يتناقلها المعنيون بالأنساب، لكن فصل المقال فيما بين الحقيقة والرواية لا يأتي إلا بالرجوع إلى سجلات المحاكم الشرعية وما يصاحبه من عناء التنقيب بين عشرات الآلاف من الحجج بحثا عن الأدلة التفصيلية التي تقطع الشك باليقين.
لقد تعاقبت الرواية بين أجيال هذه العائلة عبر القرون الخالية بأنهم أيوبيو النسب والأصول. وهذا ما أكده الشيخ عثمان الطباع في كتابه إتحاف الأعزة بتاريخ غزة حيث كتب عن عائلة "علي حسن" الرملية بأنها عائلة قديمة أيوبية، وذلك بناء على أدلة وقع عليها خلال إقامته في مدينة الرملة أوائل القرن العشرين. وكذلك نجد الدكتور احمد جمعة قاجة مؤلف كتاب "غزة خمسة آلاف عام حضور وحضارة" حيث قال عن عائلة "علي حسن": عائلة ذات أصول أيوبية.
وممن كتب أيضا عن عائلة "علي حسن" الرملية الأستاذ والباحث المقدسي المعاصر بشير عبد الغني بركات، حيث ذكر ما ورد في المراجع السابقة في كتابه الجديد "مباحث في التاريخ المقدسي الحديث،" الجزء الثالث، حول أصول العائلة وتطرق في البحث والتنقيب عن جذورها من خلال سجلات المحاكم الشرعية، ورجّح بان يكون السيد الحاج حسن بن علوي أحد أجداد العائلة خلال العصر المملوكي، حيث ورد ذكره في وقفية ربعة السلطان يعقوب بالرملة المؤرخة عام 751هـ/1350م، والمشتملة على حمام وأبنية وبساتين، حيث كان السيد الحاج حسن بن علوي متصرفا في أحد البساتين الموقوفة على ربعة السلطان يعقوب، والذي يعرف ببستان المغاربة بالرملة، حيث توارث أبناء عائلة "علي حسن" حق التصرف فيه عبر قرون طويلة إلى أن قام السيد خليل أغا بن علي بن حسين آل علي حسن، وهو احد أجداد العائلة في نهاية العصر العثماني بوقف هذا البستان الواقع جنوب غرب الرملة على مصالح مسجد المغاربة والذي بني على جانب من تلك الأرض عقب زيارة قام بعضهم للرملة.
وقد ذكر الأستاذ بشير بركات في كتابه "مباحث في التاريخ المقدسي الحديث"، الجزء الثالث، بأن هناك عدة وثائق تخص عائلة "علي حسن" الرملية تشير إلى أن هذه العائلة الشافعية المذهب لعبت دورا هاما في الحياة الاقتصادية والإدارية والدينية في الرملة أواخر العهد العثماني وإبان الاحتلال البريطاني.
وتطرق الأستاذ بشير بركات في كتابه المذكور لأهم مشاهير العائلة منذ القرن العاشر الهجري انتهاء بجيل من عاصر أحداث النكبة والتهجير، وذكر منهم السيد علي أغا بن حسن المتولي على أوقاف خاصكي سلطان في الرملة عام 1051هـ/1641م.
ومنهم علي أغا المتولي على وقف الخليل في ساحل الرملة عام 1090هـ/1679م، حيث تولت عدة أجيال من عائلة "علي حسن" الإشراف على وقف سيدنا الخليل في الرملة.
ومنهم خليل أغا بن علي بن حسين المتوفى عام 1297هـ/1879م حيث كانت وظيفته صوباشي وقف سيدنا الخليل في لوائي غزة والرملة، وممن عين من بعده ابنه الأكبر محمود أغا علي حسن المتوفى عام 1328هـ/1910م.
المصادر :
1- إتحاف الأعزة بتاريخ غزة الجزء الثالث , المؤلف الشيخ عثمان الطباع , ص 352
2- غزة خمسة آلاف عام حضور وحضارة , المؤلف احمد جمعة قاجة , ص 258
3- مباحث في التاريخ المقدسي الحديث الجزء الثالث , المؤلف بشير عبد الغني بركات , ص 194 - 210