هوية: المشروع الوطني للحفاظ على الجذور الفلسطينية

قصص وروايات العائلة استعراض

 

يوسف علي ناصيف[1]

 

مواليد 1963، من فسوطة - قضاء عكا، فقد والده وعدداً من أصدقائه وجيرانه.
يوم الخميس ظهراً 16/9/1982 كنا جالسين في منزلنا في بئر حسن، حضرت امرأة وقالت لنا: روحوا وسلموا أنفسكم إلى الإسرائيلية عند مفرق صبرا لأنهم بدهم يداهموا البيوت. ثم ذهبنا إلى أول مفرق صبرا عند تقاطع الرحاب قرب تمثال أبو حسن سلامة. وجدنا مسلحين كثير، ومدنية من بئر حسن ومن صبرا وشاتيلا، المسلحون كان مكتوب على صدرهم الأيسر الكتائب اللبنانية، كانت بدلاتهم العسكرية خضراء سادة، طلبوا منا الهويات، والذي أعطاهم هويته الفلسطينية وقالوا له صُف مع الفلسطينيين، حيث كان الفلسطينيون والسوريون واقفين من جهة الشرق لتمثال (أبو حسن سلامة)، واللبنانية من جهة الغرب للتمثال. وأنا وقفت مع صف اللبنانية علماً بأنني فلسطيني، والمسلحين لم ينتبهوا لذلك. كان المسلحون يسودهم صمت رهيب، كانت حالة سكون عندهم، المسلحون لهجتهم كانت لبنانية بيروتية، سلاحهم كان نوعه M16وعدد قليل منهم كان يحمل كلاشينكوف، وأثناء توقفنا طلب أحد المسلحين من أورانس هويدي[2] وقال له صف مع السوريين فرفض ثم ضربه المسلح كف على وجهه، وشلحه الكنزة وبدأ بضربه بالقشاط العسكري على ظهره حتى نزل الدم من ظهره ثم وقع أورانس على الأرض ثم جاء مسلح آخر وضربه بالبوط العسكري على بطنه ثم حملوه ووضعوه على جنب مع صف السوريين. بقينا على هذا الحال حوالى ثلاث ساعات، صمت رهيب، لا نعرف ما هو مصيرنا. لم أكن أتصور أن مجزرة ممكن أن تحدث، كان يقف بالقرب منا جنود وضباط إسرائيليين، على سطح مدارس المهدي (في حينها كانت على العظم) وكانوا يراقبوا الوضع، المسافة التي كانت بيننا وبين الإسرائيليين حوالى مئة متر.
وأثناء توقفنا عند التمثال فجأة أحضر المسلحون رجل مسن (أبو سلمان)[3] كان راكب على حمار، جابوه من جهة حي عرسان، كان مذبوح نصف ذبحة، كانت رقبته تنزف من الدم، وكانوا يضحكون عليه، ثم أخذوه إلى جهة بئر حسن ولا أعرف ماذا حصل له بعد ذلك (توفي بعد ثلاثة شهور متأثراً بجراحه).
ثم جاءت شاحنة ريو مثل شاحنات الجيش اللبناني الكبار وفيها رجل مقنع جالس من أمام، نزل منها وصار يمشي بين الصفوف، أخذ عشرة أشخاص كانوا واقفين معنا، ثم بدأ عراك بين المسلحين، فاختلفوا فيما بينهم، قسم بدُّه ياخذهم بالشاحنة وقسم بدُّّه ياخذهم بالجيب العسكري، وأخيراً أخذوهم بالجيب إلى جهة جسر المطار. ثم قالوا لنا اللبنانية يذهبوا إلى المدينة الرياضية. وفعلنا ذلك، والفلسطينيين والسوريين بقوا مكانهم ثم اختفوا ولا أحد يعلم عنهم شيء. وأثناء سيرنا باتجاه المدينة الرياضية وعندما وصلنا إلى مقابل السفارة الكويتية سمعنا صوت رصاص محل ما كنا عند تمثال (أبو حسن سلامة)، أظن الرصاص أطلق على الأشخاص الذين تركناهم عند التمثال. وأثناء سيرنا قال آخر شخص كان يمشي معنا، قال أعدموا الناس عند مفرق صبرا محل ما كنا واقفين، فقال المسلح الذي كان يرافقنا ممنوع الحكي واللي بدو يحكي بدي أقوسه. من تقاطع الرحاب عند تمثال أبو حسن سلامة حتى السفارة الكويتية كان يتواجد جنود كتائب بكثرة. وعلى طول الشارع من السفارة الكويتية حتى المدينة الرياضية كان منتشر جنود إسرائيلية بكثرة. ثم وصلنا إلى المدينة الرياضية، ثم أدخلونا إلى داخل المدينة، بعد حوالى ساعتين حضر جيب إسرائيلي وشاحنة ثم نزل من الجيب ضابط، وتحدث مع المسلحين الكتائب وقال: كلهم بيروحوا باتجاه جسر الكولا، ممنوع حدا يتطلع وراه واللي بدُّه يتطلع وراه بدنا نقتله. وصلنا إلى جسر الكولا ونظرنا خلفنا، ولم نجد أحد من المسلحين ثم توجهنا إلى بيت شفيق الوزان كان رئيس الوزراء، لقينا الحرس واقف على الباب وقال ممنوع الدخول ثم طردنا.


[1]يوسف علي ناصيف، مقابلة في 29/6/2003م، بئر حسن.
[2]طفل سوري عمره 12 سنة من الكرك فقد في مجزرة صبرا وشاتيلا.
[3]حسين محمود زينة، مواليد 1911 الجش، فلسطين، من شهداء مجزر صبرا وشاتيلا.
تمت الاضافة من قبل Howiyya بتاريخ 04/03/2010
السجلات 
 من 1