الخالدي، الشيخ خليل جواد: (1863-1941)
(عالم ورحالة من أبرز فقهاء الحنفية في العصر الحديث. رئيس مجلس التدقيقات الشرعية في الآستانة، ورئيس محكمة الإستئناف الشرعية في فلسطين)
هو خليل جواد بن بدر بن مصطفى بن خليل بن محمد صنع الخالدي. ولد في القدس ودرس على مدرسيها وعلمائها، وأجازه الشيخ محمد أسعد، الإمام الشافعي. انتقل إلى الأزهر والعاصمة العثمانية، ودرس فيها على كبار مشايخ العصر، أمثال شيخ الإسلام عبد الرحمن الشربيني، والشيخ جمال الدين الأفغاني، والشخ محمد عاطف الرومي الإسلامبولي، والشيخ أبي الفضل جعفر الكناني. وبعد أن تخرج في مدرسة القضاة في العاصمة العثمانية، تقلد الوظائف فيها وعين عضواً في تدقيق المؤلفات والمصاحف. ثم ولي قضاء حلب سنة 1319-1321ه/1901-1903م، وأعفي من المنصب فقام بجولة في دول المغرب والأندلس. واشتهر بأنه كان يهوى المخطوطات والآثار العلمية والفكرية التي خلفها الآباء والأجداد، فطاف دور الكتب القائمة في العواصم الإسلامية والعواصم الغربية، ووقف على ما في تلك المكتبات وما احتوته من الكتب والمخطوطات النادرة فصار ثقة العالم الإسلامي في هذا المجال.
وبعد زياراته للمغرب العربي والأندلس، عاد إلى بلاد الشام وتركيا، ووصل إلى الآستانة ثانية سنة 1323ه/1905-1906م فعين لقضاء قالقاندس، من بلاد الروم العثمانية. واستقر بعد ذلك في مدينة القدس. وقد اقتنى في أثناء جولاته المتعددة في بلاد العالمين العربي والإسلامي الكثير من نوادر الكتب والمخطوطات، وأضافها إلى مكتبته. ونشر العلم في القدس واستفاد الناس بعلمه وسعة اطلاعه. وكان من مؤسسي حزب «الإتحاد والترقي». وعندما قام هذا الحزب بانقلابه المعروف على السلطان عبد الحميد سنة 1908 كان الشيخ خليل يخطب في الجماهير ويدعوها إلى قبول هذا الإنقلاب وتأييده، بل إنه أفتى بعزل هذا السلطان الجائر.
وكان الشيخ خليل في القدس بعد الإحتلال البريطاني من أكبر علماء فلسطين والعالم الإسلامي أجمع. فلما توفي كامل الحسيني، المفتي ورئيس محمكة الإستئناف الشرعية، اختير الشيخ خليل لرئاسة محكمة الإستئناف بينما عين الحاج أمين مفتياً. واستمر، بالإضافة إلى وظيفته تلك، في التدريس ونشر العلم في القدس وخارجها. كما عني في تلك المدة بترتيب المكتبة الخالدية في باب السلسلة، فانتعشت في عهده. كما قام في الثلاثينات بجولة جديدة في بلاد المغرب والأندلس التي وصل إليها هذه المرة سنة 1932. وبالإضافة إلى سعة علمه واطلاعه على المكتبات والمخطوطات، عرف عنه خطه البديع. وقد تقلد رئاسة محكمة الإستئناف الشرعية في القدس أربعة عشر عاماً. وبعد إقامة «المجلس الإسلامي الأعلى»، اختلف مع الحاج أمين الحسيني، فانضم إلى صفوف المعارضة وأصبح من رؤسائها. وفي سنة 1935 نجح المفتي في إبعاده عن وظيفته فأحيل على التقاعد. وكان الشيخ خليل عضواً في «المجتمع العلمي العربي» في دمشق. وعند تقاعده اهتم بالكتابة والتأليف، فترك عدداً وافراً من مؤلفاته، كتب معظمها في تلك المدة. وعاد إلى القاهرة سنة 1941، وتوفي فيها في شهر رمضان من تلك السنة، فخسر العالمان العربي والإٍسلامي عالماً موسوعياً فذاً. وخلف من آثاره مجموعة من المؤلفات، أهمها:
1- «الإختيارات الخالدية» في الأدب (نحو ثلاثين كراساً).
2- «حدود أصول الفقه».
3- «رحلتي إلى بلاد المغرب والأندلس».
4- مذكرة في نحو خمسين جزءاً، أتى فيها لى ذكر الكتب والمكتبات التي زارها واطلع عليها، بحسب ما جاء في «معجم الشيوخ» لأحمد بن محمد الهواري.
أعلام فلسطين في أواخر العهد العثماني
عادل مناع