المقال |
الشيخ مرزوق اللحياني من مواليد مكة المكرمة 1310هـ , وكان والده عبيدالله بن سالم من أبرز شيوخ التخمة من لحيان في حينه , وله من الأولاد الذكور أربعة هم : مرزوق (صاحب موضوعنا ) وجابر , وحسين , وعبدالله .
فأما جابر وحسين لم يكن لهما عقب وذرية , وعبدالله كان له ولدٌ واحد وهو محمد المسمى والملقب با(الكملة) لكمال عقله ورجاحته .
نشأته :
نشأ وترعرع في مكة وضواحيها لاسيما في الجهة الشرقية من مكة المكرمة وهي الجهة التي تمرّ بها القوافل والحجاج من ناحية نجد والعراق , وهما طريقان رئيسيان لدخول مكة , وهي من ديار قبيلة لحيان الشاسعة , وكان له منزل في ريع ذاخر .
شبَّ الشيخ مرزوق في وقت عصيب , وفي فترةٍ قاسية , من الناحية الإقتصادية والإجتماعية , والسياسية , كان شريف مكة الملك حسين بن علي , يريد التخلص نهائياً من الحكم التركي العثماني , ويمهّد لقيام دولة عربية واسعة ومستقلة , كانت اولى إرهاصاتها , ماسُميت بعد ذلك بـ (الثورة العربية الكبرى) .
كان الشيخ مرزوق بن عبيدالله من أوائل رجالات الثورة العربية الكبرى التي إنضم إليها في عام 1335هـ , وكان يبلغ من العمر مايقارب 25سنة , تزوج في مكة من ابنت عمه/ عيد بن ساعد التخيمي اللحياني , وكان من المقربين للشريف عبدالله بن حسين فقد رأى من شجاعته وإخلاصه , ما جعله محل ثقةٍ وتقدير .
إنتقاله إلى الإردن :
أنتقل في عام 1335هـ إلى الأردن مع الشريف عبدالله بن حسين ومن معه من إخوانه وقادة الثورة العربية , التي كانت تدافع عن وطنهم الذي يمتدُّ حدوده إلى الأردن وسوريا وجزء كبير من لبنان , والعراق , وكل ماهو تابع للحجاز في حينه .
لم يكن الشيخ مرزوق إنسان عادي , بل كان قائداً شجاعاً من قادة الثورة وصاحب حنكة ودهاء , ولم يكن أحدٌ يرفع رايةً للأشراف من غير الأشراف إلاّ الشيخ مرزوق التخيمي اللحياني .
لذلك عندما إنتقل إلى الأردن كان قائداً عاماً للجيش في منطقة الجنوب من معان , ثمّ أصبح أول قائم مقام في معان , ثمّ قائم مقام في الطفيلة , ثمّ قائم مقام في الصلت , ثمّ أصبح شيخ مشايخ قبائل الأردن كافة , كل هذه المهام بدأت منذ إنتقاله إلى الأردن عام 1335هـ وحتى عام 1339هـ , وفي معان تزوج من عائلةٍ مرموقة , ذات شأن عظيم , وهي عائلة ( الكريشان ) فتزوج (ثريا الكريشان) وأنجب منها إبنه الوحيد ( مشهور ) , وبالمناسبة من عائلة الكريشان الإعلامي المحترم محمد الكريشان في قناة الجزيرة , وقد تزوج إبنه مشهور من نفس العائلة الكريمة بعد ذلك .
طُلب من الشيخ مرزوق اللحياني التوجه إلى سوريا عام 1339هـ , لمساعدة الملك فيصل الأول رحمه الله , وبقي عنده حتى عام 1341هـ , فقد خاض معارك طاحنة , وأسرَ كثيراً من الأتراك والفرنسيين , وقد تزوج هناك في سوريا / سامية البصري من أشراف سوريا وأنجب منها إبنته ( فاضلة ) .
ثمّ عاد إلى الأردن , فعُين حاكماً عسكرياً , وقائم مقام , ومديراً للدرك في مدينة الطفيلة
صفاته :
كان الشيخ مرزوق بن عبيدالله اللحياني , طويل القامة , عريض المنكبين , قوي البنية , حسن الوجه , ذو هيبة ووقار , يهابه من يراه , ( ومما ذُكر : أنّ الذي يدخل على الملك عبدالله بن حسين , وهو لا يعرفه , يظنّ أنّ الشيخ مرزوق هو الملك عبدالله , لهيبته ووجاهته ووقاره , وكان من أقرب المقربين إليه , ومن المخلصين له )
الشيخ مرزوق فارس مغوار , وشجاع جسّار , لا يشق له غبار , لم يسقط من فرسه إلاّ مرة واحدة , باغتوه الأتراك , وتكاثروا عليه , فسقط من فرسه , فنكسرت حاقنته فتمّ نقله إلى السويس وتعالج ثم رجع , أقوى من ذي قبل , أسرَ الشيخ مرزوق كثيراً من الأتراك والفرنسيين , وغنمَ غنائم جمة من أسلحةٍ ثقيلة , ومدافع كبيرة , وأموال وفيرة , إستعان بها على هزيمة أعداءه , وقد إنتشر صيته في جميع نواحي المنطقة .
الشيخ مرزوق صاحب المهمات الصعبة , إتصف بالصبر , وقوة الشكيمة , ومصارعة الأعداء , والمضي في العزائم , ومع هذا كله فقد كان يُضرب به المثل في العدل والإنصاف , ذكر لي حفيده عبدالله بن مشهور : أنّ جده كان مشهوراً بالعدل والمساواة بين رعيته ومن له ولاية عليه , وأهل الطفيلة يضربون به المثل إلى يومنا هذا ويُطلق عليه (مرزوق بك التخيمي) ولقب ( بك ) لا يُطلق إلاّ على الشخصيات التي لها شأن عظيم , وسلطة نافذة , ومع هذا كله , كان ذكياً وفطناً , ومفاوضاً صعباً , لذلك تـمّ تعيينه مفاوض عن شرق الأردن مع إمارة نجد لعلمهم بخبرته , وحسن تصرفه , ومعرفته بحدود الحجاز ومايتبع لها .
وفاته :
في عام 1347هـ ـ 1929م , عُيّن الشيخ مرزوق التخيمي اللحياني مفاوض ومندوب للعشائر في الضفة الشرقية , وذهب في مهمة رسمية الى بغداد من أجل حل اشكال عشائري بين بدو العراق , وبدو الأردن , وكان من المقرر أيضاً أن يذهب الى باريس في مهمة عسكرية , ولكن وافته المنية في بغداد في زمن الملك فيصل الثاني , وقيل أنّ العراقيين الثوريين قاموا باغتياله بوضع السم له , لمعرفتهم بمنزلته ومكانته , من الملك عبدالله وفيصل وزيد أبناء الملك حسين بن علي , وقد دُفن في المقبرة الملكية ببغداد , رحمه الله رحمةً واسعة وأسكنه فسيح جناته , إتصاله باخوانه وأبناء عمومته :
كان الشيخ مرزوق رحمه الله قبل وفاته , يُراسل اخوانه (عبدالله وحسين وجابر) وأبناء عمه في مكة أمثال محمد بن حسن , ومما يرويه الثقات من كبار التخمة ومن احفاد الشيخ مرزوق وأبناء عمه : أنه كان يُرسل لإخوانهِ أموال طائلة من الذهب والفضة , والغنائم التي كان يغنمها , فقد أرسل في مرّة واحدة مبلغ 16 ألف دينار أشرفي , وكان أخوه جابر رحمه الله , يخبأ كل مايرسله الشيخ مرزوق من نقود ثمينة في أكياس ويضعها في حائط الجدار لمنزلهم الكائن في ريع ذاخر , ويقوم بوضع الِّبِنْ ـ بتشديد اللام وكسرها وهو الطين ـ على حائط الجدار ليخفي الأكياس المحملة بالنقود وقد توفي جابر وأخوه حسين ولم يخبرا أحداً بمكان النقود , ولم يكن لهما عقب , فبقي البيت مهجوراً سنوات حتى أستاجره احد الناس فأكتشف الاموال وأخذها لنفسه
بعد وفاته :
وبعد وفاة الشيخ مرزوق رحمهالله , إنقطعت الإتصالات بين ذريته وأبناء عمومته , حتى قام إبنه الوحيد (مشهور) الذي يعمل ضابط كبير في الجيش الأردني , بزيارة لمكة في عام 1380هـ تقريباً , زارفيها إبن عمه محمد (الكملة) بن عبدالله , وقام بجولة تعرّف فيها على أقاربهمن التخمة ولحيان , وقاموا جماعته بواجبه , وكانت تلك الزيارة مباركة , وهي التيربطت أواصر الصلة , وذكّرت القبيلة بمرزوق التخيمي اللحياني وذريته في الأردن , ولولا تلك الزيارة لتناست الأجيال أبناء عمومتهم , ومن بركة تلك الزيارة أن قامالشيخ سعد (الجعرة) التخيمي اللحياني رحمه الله , والشيخ مطلق بن معيش الحصينياللحياني رحمه الله , والشيخ محمد بن لاحق الحصيني اللحياني أحسن الله خاتمتناوخاتمته , بزيارة قابلوا فيها الشيخ/ مشهور بن مرزوق التخيمي , ثمّ ذهبوا إلى سوريا , ووجدوا لافته كبيرة عليها إسم فاضلة بنت الشيخ مرزوق التخيمي التي كانت على منصبمرموق , وكان لديها من رجاحة العقل , وتحمّل المسؤوليّة , ما يفوق قريناتها , وقدتزوجها رجل من أشراف سوريا , فقاموا بزيارتها ورجعوا إلى مكة ثمّ عاودواالزيارة للأردن عند سماعهم عن وفاة الشيخ مشهور , فقاموا بواجب العزاء ومن بعد هذهالزيارة إنقطعت المواصلة والزيارات وقبل عاميين تقريباً قمتُ بالإتصال عليهم , وعاودتُ المواصلة بهم ولله الحمد .
وقد أثمرت عن زيارات قمنا بها , وقام بهاإبن عمهم فهد بن محمد (الكُملة) بن عبدالله التخيمي اللحياني , ثم زيارة مماثلة قامبها إلى مكة المكرمة كلٍ من الشيخ/ رضا بن مشهور بن مرزوق التخيمي اللحياني وأخوهالشيخ/ عبدالله بن مشهور , وإبن أخوه مشهور بن مرزوق بن مشهور بن الشيخ مرزوق , وكذلك أبناء الشيخ رضا , وهما إبراهيم بن رضا , ومحمدخيرُ بن رضا , وعائلتهمالكريمة , وقد كان في إستقبالهم فهد بن محمد التخيمي اللحياني , وقد عرَّفهم بمعالممكة الدينية ومشاعر منى وعرفات .
وقمتُ بواجبهم في منزلي بالمعيصم يوم الاربعاءالموافق 7/5/1431هـ ليلة الخميس
ما قيل عن الشيخ مرزوق التخيمي اللحياني :
1) في عام 1335هـ , 1336هـ .قدم الشيخ مرزوق التخيمي إلى الأردن مع قوّات الأشراف خلال عمليّات الثورة العربيّة الكبرى وكان من رجالات الثورة ، قال الأستاذ سليمان موسى في ذكره : هو الوحيد ـ من غير الأشراف ـ الذي كان يرفع علماً
والله أعلم
|