رأى محمد سمور بأم عينه العديد من أقربائه وجيرانه يذبحون، فقال: «استعمل الإرهابيون القنابل اليديوية لاقتحام المنازل، ومن ثم البنادق ليجهزا على السكان».
قتلوا (34) شخصاً من أصل (35) في أحد المنازل القريبة من منزل محمد سمور، حيث استطاع شخص واحد الفرار من النافذة، وفي منزل آخر أمسك الإرهابيون بأحد الصبية الذي يتشبث بركبة أمه وبذبحوه أمام عينيها، وشاهد محمد سمور إحدى العائلات المكونة من (11) شخصاً، تحاول الاستسلام لكن بدون جدوى، إذ قذفتها اليهود بقنبلة أدت بحياة جميع أفرادها ومن بينهم امرأة في الثمانين من عمرها وولد لم يتجاوز الأربع سنوات.
كان الإرهابيون، حسب أقوال سمور، مدانين بجرائم وحشية. «بقروا بطون النساء بحرابهم. ولم يكتفوا بنهب المجوهرات من ضحاياهم بل تعدوا ذلك إلى قطع أيديهم وأصابعهم لتسهيل عملية أخذ الأساور أو الخواتم». وشاهد سمور الإرهابيين يطاردون أحد الرجال المسنين وهو يتلو آيات قرآنية غير أن ذلك لم ينفعه شيئاً، فستطاع سمور أن يحصي لاحقاً خمسة وستين ثقباً في ثيابه بعد أن تم ذبحه.
أما محمد سمور فقد كان من المحظوظين إذا استطاع مع والدته وأخوته وأخواته، الفرار من الباب الخلفي لمنزلهم والذهاب مع كثير من جيرانهم باتجاه الجهة الغربية للقرية، يتذكر محمد فيقول:
«سمعت إحدى السيدات التي كانت تعمل كمدرسة، صوت استغاثة بينما كنا في طريقنا، فعادت لنجدة المستغيث لكن اليهود أردوها قتيلة».
قتل الإرهابيون الكثير من أهالي دير ياسين، وكانت المتفجرات سلاحهم المفضل، حيث دمروا أكثر من خمسة عشر منزلاً أهمها بيت المختار حيث قتل بداخله العديد من السكان. واستطاعت ابنة المختار النجاة بنفسها فاختبأت في تنور الضيعة، الذي صمد بابه الحديدي بوجه متفجرات الأرغون. وحاول الإرهابيون خداع السكان بتوجيه نداءات من هذا القبيل: «اخرجوا لا يوجد خطر». ولكن ابنة المختار تعرفت إلى لهجتهم غير العربية، لكن على وجه الإجمال لم يستطع الكثير من سكان دير ياسين حماية أنفسهم من الإرهابيين.
فريق المحققين الإنجليز:
هرب كثير من الناجين إلى قرية سلوان القريبة من دير ياسين، حيث زارهم في (14) من نيسان فريق من المحققين البريطانيين، يعاونه أحد الأطباء للكشف عليهم واستجوابهم. واجهت المرأة البريطانية التابعة للفريق، وكانت ترافقها مترجمة من «الاتحاد النسائي العربي» صعوبة بالغة في انتزاع اعترافات النسوة حول كيفية اغتصابهن. لم يكن من الصعب فهم نفورالمرأة الفلسطينية من التحدث في مثل هذه الأمور، نظراً للموقف الإسلامي من هذه الامور. وأصبح الاغتصاب سلاحاً قد يستخدمه الصهيونيون لإرهاب المدنيين العرب. ظهر ذلك من خلال الأعمال التي تلت مجزرة دير ياسين. لذا لم يعد مستغرباً بأن خوف العرب من الاغتصاب وحساسيتهم تجاه هذا العمل، كان العامل الأساسي وراء دفعهم إلى النزوح عن أراضيهم. وسجل المحقق البريطاني قصصاً مخيفة ومروعة، رواها العرب بعد خروجهم من جو الصدمة: «ذبح الكثير من الأولاد وقتلوا، رأيت امرأة تجاوزت المئة من العمر تضرب بأعقاب البنادق على رأسها بعنف. كان الإرهابيون اليهود ينزعون بعنف وقسوة الأساور من أيدي النساء والخواتم من أصابعهن, ويقطعون قسماً من آذانهن بهدف سلبهن أقراطهن». هكذا أصبحت عادة السلب تقليداً عند الصهيونيين سنة 1948.
المصدر: شبكة بيت الذاكرة الفلسطينية