جديدنا: وثيقة - مركز الوثائق الفلسطيني
لاجئ من "المخيزن" يروي ذكريات تهجيره
يروى لاجئ فلسطيني، عايش فترة "النكبة" قبل خمسة وستين سنة، وهجّره الاحتلال من بلدته في اللد، ومازال الأمن يحدوه بالعودة "القريبة" إلى دياره، مؤكدًا أن العودة ستحقق طال الزمن أم قصر. ويستذكر الحاج المسن درعان الوحيدي (85 عامًا) من مخيم جباليا للاجئين شمال قطاع غزة بلدته التي هاجر منها قسرًا وهي بلدة "المخيزن" قضاء الرملة "اللد"، حيث يقول لـ "قدس برس": "هي ارض مطوبة (مثبته بالوثائق) في العهد العثماني باسم عائلة الوحيدي بأمر من الوالي في الشام ومصدقة من السلطة العليا في اسطنبول عام 1907 وهذا اعتراف لملكيتنا منذ عهد القائد صلاح الدين الايوبي". وعن طبيعة بلدة "المخيزن" يقول الحاج "أبو بسام": "تقع بلدة المخيزن في منطقة لواء اللد وهي أهم قرى في فلسطين، لأن فيها ميناء يافا ومساحتها 18 ألف دونم، وطبيعة أرضها طينية وهي خصبة جدا تزرع فيها الحبوب والخضار، ويجري في وسطها جداول مائية، وينبع من شرق اراضيها "نهر روبين" ويصب هذا النهر في البحر الابيض المتوسط". وأهم الأعمال التي كان يقوم بها سكان هذه البلدة -بحسب الوحيدي- هي تربية المواشي وبعض أعمال التجارة. ويعيد المسن الثمانيني شريط أفكاره فيستذكر النكبة الأليمة وترتسم على جبينه معالم الوطن كله فيقول: " عندما خرجت من قريتي كان عمري (20 عامًا) ، وكنت متزوجًا ومنجبًا ابني البكر بسام". ويضيف ومعالم الاسى ترتسم عليه فيقول: "في آذار (مارس) للعام 1948 هاجر ما يقارب 20 قرية وتجمعوا في قرية تسمي المسمية الكبيرة وكان الناس يلجئوا لبعضهم البعض ليتحاموا خشية من القوات الاسرائيلية وفي ذلك الوقت حوصر الفلسطينيون في تلك القرية، وكانت السيارات والمصفحات الاسرائيلية تتواجد في القرى الفلسطينية وتمد الجنود الاسرائيليين بالغذاء والمعونات وكافة احتياجاتهم ونحن محاصرين في القرية دون أي نجدة او امدادات عربية كنا نسمع عنها". واسترسل الحاج الوحيدي حديثه قائلا: "بقيت هذه القرية صامدة حتى تاريخ 12 تموز (يوليو) 1948، وفي هذا التاريخ سقطت اللد والرملة والمجدل وجولس وبيت دراس وأصبحت جميعها تحت الحكم الاسرائيلي بعد ان قام اليهود بإطلاق النار على هذه القرى فأفرغت من سكانها".مجازر إسرائيلية ويذكر الحاج "ابو بسام" المجازر التي ارتكبتها القوات الاسرائيلية في ذلك الوقت بحق الفلسطينيين فيقول: "ارتكبت مذبحة بقرية ابو شوشة، واستشهد القائد عبد القادر الحسيني في السابع من نيسان (ابريل) 1948م في منطقة القسطل، وفي التاسع من نفس الشهر أي بعد يومين بالضبط من استشهد الحسيني كانت مذبحة دير ياسين". وأضاف: "على اثر مذبحة دير ياسين عقد سكرتير الهيئة العربية في القدس حسين فخري الخالدي مؤتمرًا اعلن خلاله عن ما حدث في مذبحة دير ياسين وبالغ في حديثه عن المجازر التي ارتكبت لكي يقوم العرب بنجدتنا ولكن انعكس هذا المؤتمر على الفلسطينيين بشكل سلبي وأصبح كل من يسمع بالمذبحة يترك ارضه قبل قدوم اليهود خشية من أن يحدث لهم ما حدث في قرية دير ياسين، حتى خلت الارض من سكانها، ولم يتحرك العرب لنجدتنا"، وفق قوله. وأشار إلى أنه رغم حالات اللجوء والتشرد التي عاشها الفلسطينيين إلا أنهم استطاعوا خلال هذه السنوات الطويلة الحفاظ على هويتهم الفلسطينية، رغم كل المحاولات الدولية لطمسها.الوحدة أساس العودة وفي كلمة له بذكرى النكبة الخامسة والستين؛ قال اللاجئ الفلسطيني: "كان الوقت الماضي قياسًا في الظروف الحالية التي نعيشها افضل بكثير، فالوضع العربي مهلهل لدرجة أن الشخص أصبح لا يستطيع أن يقدر متى يمكن أن تنتهي هذه الخلافات التي هي سبب ترجعنا وبعدنا أكثر فأكثر عن حقنا في العودة، فخلافاتهم أصبحت في النفوس وليست في الأفكار". ودعا ابناء الشعب الفلسطيني لفض الخلافات وإنهاء الانقسام والعودة للوحدة الوطنية "فهي الحل الامثل لاستعادة الارض والهوية الفلسطينية". وأضاف: "استعادة الوطن لا يمكن ان يتم بشكل فردي ولكنه يحتاج للجميع ولتضافر الجهود والاتحاد في الكلمة والموقف ودون ذلك لا يمكن ان نستعيد ارضنا". وتعقيبًا على مقولة (الأطفال ينسون والكبار يموتون) قال الوحيدي: "هذا الرأي لا ينطبق علينا فنحن نحيا بأمل العودة للوطن ونرسخ كل يوم في عقول ابنائنا حب الوطن فهو اغلى من انفسنا، وتوجد لدينا كل المستندات والأدلة على اننا اصحاب حق لا يمكن ان يسقط بالتقادم ، وحتما سنعود مهما طال الزمان ". والوحيدي واحد من بين قرابة مليون فلسطيني نزحوا أو طردوا من قراهم بفعل الجرائم التي ارتكبتها العصابات الصهيونية عام 1948م ليصبح تعدادهم اليوم اكثر من عشرة ملاين لاجئ مشتتين في كافة اطراف الكرة الارضية.
المصدر: فلسطينيو 48