يوسف فقيه – وكالة سند للأنباء:
14 يناير 2021
ينهمك الحاج السبعيني راغب السلايمة في تلبية طلبات زبائنه الذين يقصدون مخيطته بالبلدة القديمة في مدينة الخليل جنوب الضفة الغربية، حيث بات أحد أعلام تلك المنطقة من خلال عمله في هذه المهنة منذ 55 عاماً.
لن يجد قاصدي مخيطة السلايمة في شارع الشلالة بمدينة الخليل صعوبة في الوصول لهدفهم، على الرغم من أن موقع المخيطة في إحدى الزقاق، ولا توجد على بابها لافتة كبيرة كبقية المحال، ويصعد القاصد إليه درجاً ضيقاً للوصول إلى المحل الصغير.
عبق التاريخ
ويحيط بمخيطة السلايمة، محال قديمة تعبق منها رائحة تاريخ الخليل العتيقة، التي تحيط بها حواجز الاحتلال ومستوطنوه من كل مكان، وتنغص عليهم حياتهم بشكل يومي عبر إجراءات مستفزة للتضييق عليهم.
ويروي الحاج راغب السلايمة لـ"وكالة سند للأنباء" حكايته مع مهنة الخياطة منذ أن كان طفلاً يساعد والده وأعمامه في مخيطتهم، والتي كانت في منطقة الدبويا بالخليل.
عمل السلامة بها لسنوات طويلة قبل أن تتعرض للحرق من قبل المستوطنين في تسعينات القرن الماضي، ويغلقها الاحتلال ويجبر على نقلها لشارع الشلالة.
بدأ السلايمة تجربته مع هذه المهنة بأدوات بدائية ليكتسب مهارته من والده، ثم عمل على تطوير نفسه لاحقاً من خلال دورات تعليمية استطاع من خلالها الدمج بين الخبرة القديمة والعمل على ماكينات خياطة حديثة.
ويشير إلى أنه عاصر في عمله الماكينات التي كانت تدار بالقدم والحبكة والغرزة "نصف آلية"، والمكواة على الفحم ومن ثم على "البابور"، إلى أن دخلت الصناعة الحديثة وشهدت ماكينات الحبكة والخياطة تطورات كبيرة، وباتت اليوم وكأنها تعمل وحدها دون جهد كبير كما كان سابقاً.
ويقول السلايمة أنه ورغم تقدم سنه يمتلك -وهو يعمل وحده في المخيطة -من مجاراة العمل على الماكينات الحديثة للخياطة، ويوفر للزبون على اختلاف أذواقهم وأعمارهم متطلباتهم.
جزء من التراث
ورغم أن هذه الماكينات القديمة باتت خارج الاستخدام، وأصبحت كجزء من التراث الماضي، إلا أن الحاج السلايمة يصر على الاحتفاظ بها في محله وفي بيته، لأنه يرى فيها جمال الماضي ورونقه، وتحمل ذكرياته مع العمل عندما كان يحضر له المواطنون من الخليل، وبئر السبع والنقب من أجل الخياطة، وتطريز الثياب البدوية للرجال والنساء.
ويعتبر الحاج السلايمة نفسه في موقع عمله الحالي بشارع الشلالة، وكمنطقة الدبويا سابقاً في موقع صمود وتحدي وثبات أمام مخططات الاحتلال لترحيل الفلسطينيين من المنطقة وطمس تاريخها.
ولا يزال الحاج السلايمة يستذكر ما يصفها بــ "سنوات الرخاء" في البلدة القديمة بالخليل وأسواقها التي كانت تعج بالزوار والمتسوقين، حيث كان يقصد مخيطته الزبائن من أنحاء المحافظة كافة، واليوم تعاني هذه الأسواق من قلة مرتاديها بسبب إجراءات وتنكيل الاحتلال بالمواطنين، وانتقال مركز حركة المتسوقين من هذه المنطقة.
ويؤكد السلايمة أنه ورغم بساطة مخيطته وقله المتسوقين والزبون في تلك المنطقة التي يرى أنها تعاني من إهمال، إلا أن وجوده على مدار 50 عاماً في هذه المهنة، وما حققه من إنجازات في تربية وتعليم أبنائه من وراء هذه المخيطة البسيطة التي يرى أنه يكسب رزقه فيها بالحلال والقناعة، ويقبل ما يقدمه الزبون دون استغلال أو رفع للأسعار.
ويطالب السلايمة الجهات الرسمية والأهلية بدعم سكان البلدة القديمة والحرف، والمحال التجارية وتوفير سبل الصمود والثبات في وجه مخططات الاحتلال التي تهدف دوماً ترحيلهم من المنطقة.