جديدنا: وثيقة - مركز الوثائق الفلسطيني
خضعنا لتدريب شاق ومكثف لمواجهة الأخطار المحدقة الداهمة، وخلال ذلك بدأت المدن الفلسطينية تتساقط في أيادي الأعداء تباعاً مثل حيفا في 23/4/1948 ثم يافا في 28/4/1948 وغيرها من المدن الفلسطينية وذلك كله قبل 15 أيار 1948 موعد انتهاء الانتداب البريطاني ودخول الجيوش العربية إلى أرض فلسطين بحسب القرارات الرسمية. ثم سقطت عكا في 18/5/1948 ولم يبق للعرب شمالا إلا الناصرة والجليل الغربي فثارت غضبتنا في قطنا، وقررنا التوقف عن الدراسة والتدريب وطالبنا بالالتحاق فورا بميادين المعارك للمساهمة فيها. فاجأ إضرابنا ادارة المدرسة فسارع حازم الخالدي للاستنجاد بالحاج امين الحسيني الموجود آنذاك في دمشق، واصطحبه إلى قطنا، حيث رحبنا بقدومه احتراما بحرس شرف استقبله بتحية رسمية، ثم رغب في الاجتماع بنا حيث تحدث موضحاً ان المعارك مع العدو الصهيوني ستكون طويلة، وان البلاد تحتاجنا ضباطاً يقودون آلاف الجنود المتطوعين اكثر من حاجتنا إلى جنود في الوقت الحاضر، ودعانا للعودة إلى الدراسة قياما بالواجب الوطني المترتب علينا واستعداداً للمعارك المقبلة، وقد اقتنعنا بكلامه، وعدنا إلى الانتظام في الدراسة. لا بد من ان اذكر ان مناورات التخرج الميدانية جرت في الجليل الغربي الذي كان ما يزال لوحده في ايدي العرب، وقد انتقلنا إليه عبر لبنان حيث قضينا بضعة أيام في اجراء المناورات والتدريبات الميدانية التي شملت ترشيحا وقلعة جدين وسخنين وفرادة حيث النبع الشهير وبيت خاص للمندوب السامي البريطاني وغيرها من القرى. ومن تلال ترشيحا رأيت مدينتي عكا لآخر مرة، وتأثرت آنذاك ابلغ التاثر وتذكرت قول الشاعر الشهيد عبد الرحيم محمود اثناء زيارة الأمير سعود إلى القدس قبل نكبة 1948. المسجد الأقصى أجئت تزوره؟ أم جئت من قبل الضياع تودعه؟
المصدر: ملحق السفير