جديدنا: وثيقة - مركز الوثائق الفلسطيني
هذه المرة نصحبك معنا عزيزي القارئ إلى "دير قرنطل"..ومن المؤكد أن الأكثرية لم تسمع به، لكن إذا ما سألتَ عن موقعه على الخارطة ستجده يقع في مدينة أريحا تحديداً بجوار جبل شامخ يتشكّل من الصخور التي ترسم أشكالاً يرى فيها المتأمل دلالات وتفسيرات تعبر عن جمالية المكان شاهق الارتفاع. حين زرنا "دير قرنطل" أو ما يعرف بـ "جبل الأربعين" فإذ هو بناءٌ ملتصقٌ بصخور ذلك الجبل، فكان من المثير بالنسبة لنا أن نصل إلى هدفٍ بدا صعب الوصول، لكن حين تساءلنا عن طريقة الوصول لقمة الجبل الذي يتميز بحدية وعمودية كبيرة، أخبرنا المرشدون بأن الوسيلة إلى ذلك هو "التلفريك" أي القطار المعلق!. ويقول محمد المصري إن الزوار والسياح كانوا يصعدون الجبل على الأقدام قبل وجود التلفريك، حيث كانت تتراوح المدة التي يقطعون خلالها المسافة الشاهقة ما بين ساعة ونصف إلى ساعيتن حتى يصلوا إلى المكان. وبالفعل توجهنا إلى مركز "التلفريك" البديل عن المشي والتسلق، وفي أقل من خمس دقائق كنا على مقربة من دير قرنطل المُشّيد في الصخر، وهناك كانت لنا جولة أخرى حيث تصل آخر نقطة للتلفريك مع الدير أكثر من 180 درجة مبنية في الجبل، وكان لزاماً علينا من أجل الوصول للدير أن نصعد هذا الدرج المتعب جداً. الصعود إليه مغامرةٌ منعشة بحد ذاتها، كيف لا وسحر إطلالة الطبيعة يتجلى من فوقه!، ليرى السائح من حوله مدينة أريحا وجبال الأردن والبحر الميت. أحد المرشدين الذي كان عند باب الدير أعطانا تعريفاً موجزاً عنه بقوله: "أسسه الأرشمندريت إفراميوس سنة 1892، وقامت الهيئات المحلية والدولية بترميمه عدة مرات وإجراء صيانة له كونه في قلب الجبل الصخري الذي يتعرض لانهيارات وغير ذلك، وأول من فكر في المحافظة على قدسيته هي الملكة هيلانة، حيث أقامت عليه تشييداً قديماً منذ عام 325 م". الدير الذي يقع في مدينة القمر "أريحا" الأقدم على مر التاريخ، جذب الكثير من السياح للمكان لا سيما وأن شكل البناء وموقعه كان له الأثر الكبير في ارتياده. تقول الروايات بأن قرنطل تعني الأربعين، ومع أن مدينة أريحا تنخفض عن سطح البحر ما يقارب 400 متر وهي أخفض بقعة في العالم إلا أن جبل قرنطل الذي فيه الدير يرتفع عن سطح البحر 350 متر وهذا يدلل على ضخامة الارتفاع الذي منه تشاهد مدن الأردن وجباله. جلسنا هناك في كافتيريا مقامة بجانب الدير تطل على المدينة وتعلوها صخور كبيرة يخاف الجالس أن تسقط فوقه في أجواء الطقس المتغيرة. ومن الجدير بالذكر أن الرهبان يحددون هناك مواعيد استقبال وشرح للسياح، كما أن علامات وإشارات ترافق الطريق إلى الدير على جانب الدرج، أو على مدخل الدير تدلل على تاريخ المكان والتشييد وغيره...إنه بلا شك معلمٌ سياحي يجب ألا يفوت كل من يزور أريحا أن يرتاده.
المصدر: فلسطين اون لاين