جديدنا: وثيقة - مركز الوثائق الفلسطيني
في محل متواضع في أطراف حي الياسمينة بالبلدة القديمة من نابلس، وعلى مقربة من خان الوكالة الذي جرى ترميمه مؤخرا، تقع سمكرة المواطن النابلسي عادل زبلح (68عاما)، والتي ورثها عن والده وجده، ما تزال تحافظ على وجودها رغم انقراض غالبية المحال الشبيهة. ويشعر "زبلح" بالفخر، لأنه ما زال محافظا على مهنته التي هي مصدر رزق أسرته على مدار عقود طويلة، ويستدرك بألم "شباب اليوم لا يريدون إتقان مثل هذه المهن، وبالتالي هي في طريقها للإنقراض". ويتابع في حديثه "هناك ثلاث محال بنابلس شبيهة بمحله، بقيت متشبثة بالمهنة، والأخرى انقرضت، بسبب وفاة أصحابها، أوعدم وجود من يواصل العمل، أو انتقال آخرين للعمل في مجالات أخرى تواكب تطورات الحياة". وحول المجالات التي ما يزال يعمل فيها، يقول: "نقوم بتصليح البوابير ومصبات القهوة والأراجيل، خاصة أن الكثير من كبار السن ما زال يحتفظ بها، رغم دخول أدوات طبخ وتدفئة حديثة، وهناك زبائن منذ عشرات السنين لا يتعاملوا إلا معي، وخدمتي متوفرة في كل وقت". ويستذكر زبلح ما تعرض له محله خلال الانتفاضتين الأول والثانية، خاصة أنه يقع في مقدمة البلدة القديمة التي تعرضت للتدمير أكثر من مرة، وكان رغم كل ذلك يرممه ويستأنف العمل فيه، لتبقى سمكرة "زبلح" حاضرة وتفتح أبوابها رغم كل ذلك. ويقر "زبلح" أن العمل اليدوي له فنونه التي لا يعرفها إلا من عمل بها، منوها إلى أن الكثير من الأسر تفضل دوما صيانة آلاتها لديه وعدم التوجه لمحال الصيانة الحديثة. المواطنة فاطمة الخليلي في العقد الخامس من عمرها تقول: "منذ ولادتي للحياة وأنا اعرف هذا المحل، يتوارثه عائلة زبلح، وهو مقصدنا في حال تعرض أي شيء في بيتها للخراب". وتروي حادثة طريفة حدثت مع "زبلح"، بأن "بابورا" ذهبت لتصليحه، فذكر لها بأنه أصلحه قبل 40 عاما، لتتفاجىء أن عمره (البابور) من طفولتها، وأنه يعرف كل جهاز أو أداة أصلحها بالرغم من كثرة زبائنه. ولا يشعر "زبلح" بالحرج عندما تلتقط له الصور، منوها إلى أن عشرات الصور والتقارير الصحفية تنشر عنه سنويا، حتى طلبة الإعلام أثناء دراستهم يأتون عنده، لالتقاط الصور وإجراء المقابلات معه دون أن يصد أحدا منهم. ويخشى مواطنو نابلس أن تندثر تلك المهن لعدم وجود من يرثها، في ظل التطورات الحديثة، وانتشار الأجهزة الحديثة.
المصدر: المركز الفلسطيني للإعلام