وليد نمر أسعد دقّة (18 يوليو 1961 - 7 أبريل 2024)، أسير فلسطيني من باقة الغربيّة في فلسطين
الموسوعة|فلسطين
الأسير وليد دقة.. "رجل الكهف" الذي كتب ليصمد في سجون الاحتلال
الأسير وليد دقة حصل على درجتي البكالوريوس والماجستير وهو تحت الأسر (الصحافة الفلسطينية)
27/11/2023|آخر تحديث: 8/4/202412:13 ص (بتوقيت مكة المكرمة)
وليد دقَّة، أسير فلسطيني قضى قرابة ثلثي عمره في سجون الاحتلال واستشهد فيها جراء الإهمال الطبي بعد تشخيصه بمرض السرطان. مارس الكتابة داخل السجن وصدرت له مؤلفات عديدة توثق تجربة النضال والأسر.
أكمل دراسته في المعتقل وحصل على الماجستير، وهرّب نطفة إلى خارج السجن، وأصبح أبا في سن 57 عاما.
ويُعد من أبرز الأسرى المنظرين، وصدرت له عدة مؤلفات، أبرزها "صهر الوعي" و"الزمن الموازي" ورواية "حكاية سرّ الزيت"، التي نالت جوائز محلية وعربية.
وقد سمى نفسه "رجل الكهف" الذي ينتمي إلى عصر انتهى، لأنه قضى معظم سنوات حياته في السجن، ورفضت إسرائيل الإفراج عنه أكثر من مرة.
المولد والنشأة
ولد وليد نمر أسعد دقَّة في الأول من 18 يوليو/تموز 1961، في بلدة باقة الغربية، التي كانت تابعة لقضاء طولكرم قبل النكبة عام 1948، ثم أصبحت تابعة لقضاء حيفا في إسرائيل، بعد أن شُطرت عن باقة "الشرقية" إثر توقيع اتفاقية رودوس عام 1949.
نشأ وليد في أسرة فلسطينية تتكون من 6 أشقاء و3 شقيقات، وتنحدر من جنوب غرب وادي الحوارث، حيث كان جده لأمه يملك "أرض عطا" الممتدة على شاطئ المتوسط، ويفصلها عن البحر الطريق الساحلي القديم، قبل أن يتحول إلى مستأجر لها بعد النكبة من "مالكها الجديد" المستوطن "شلومو فرانك".
إعلان
في مخطوطة سيرة ذاتية جمعها الباحث عبد الرحيم الشيخ للنشر، ذكر وليد أن أمه فريدة لم تكمل رضاعته لأسباب صحية، فأرضعته امرأة من أصول أفريقية مع طفلها.
وتابع أنه في سنوات طفولته الأولى، كان يتنقل رفقة والدته من قريته باقة إلى مستعمرة "الخضيرة" في رحلة علاج لمدة عام ونصف في مستشفى "هلل يافي"، وبعد أن غادره أورث مرضا عصبيا رافقه طوال حياته.
في التاسعة من عمره، بكى الطفل وليد مع والده الذي خسر -كأبناء جيله- تجارته وأعلن إفلاسه بعد نكسة عام 1967 ببضع سنوات. وحكى أنه رغم الحاجة لم يقبل عرض عمل في شركة من مسؤول إسرائيلي في الضفة الغربية.
واعتقل وليد في سن الـ25 عاما، وتزوج من الإعلامية سناء سلامة، بعد أن انتزع زفافا لمدة 3 ساعات داخل أروقة سجون الاحتلال عام 1999، وكان الأشهر والوحيد في تاريخ الحركة الأسيرة.
وناضل مع زوجته 12 عاما لنيل قرار يسمح لهما بالإنجاب، قبل أن يتمكن من "تحرير نطفة" اخترقت جدران السجن وظلماته عام 2019. لتخرج طفلته إلى الوجود في الثالث من فبراير/شباط 2020 باسم "ميلاد وليد دقة"، لكنها لم تعرفه إلا أسيرا في مكان لا باب له.
إعلان
وكانت أجمل تهريب لذاكرته، كما قال، حيث أصبح أبا وهو في سن 57 عاما، وأصبحت زوجته سناء أما في عمر 50 عاما، بعد نضال طويل أمام المحاكم لتسجيلها واستخراج وثائق ثبوتية لها.
واختار لها اسم "ميلاد" حتى قبل أن تولد، في رسالة كتبها داخل سجنه عام 2011 في الذكرى الـ25 لاعتقاله، وكان مما جاء فيها "أكتب لميلاد المستقبل، فهكذا نريد أن نسميه/نسميها، وهكذا أريد للمستقبل أن يعرفنا".
الأسير المحرر رشدي أبو مخ مع زوجة وطفلة الأسير وليد دقة (الجزيرة)
الدراسة والتكوين العلمي
تلقى وليد المرحلة الأساسية من تعليمه في مدارس باقة الغربية، وحصل على الثانوية العامة عام 1979، من مدرسة "يمه" الثانوية الزراعية التابعة آنذاك لقسم التربية والتعليم الإسرائيلي.
منذ بداية سجنه انخرط في جلسات ومحاضرات ثقافية، وكان يعمل على ترجمات متنوعة لبرامج وكتابات عسكرية وثقافية وغيرها خدمة للأسرى أو لاستخدامها في مقالات للنشر.
التحق بجامعة "تل أبيب" المفتوحة، حيث واصل دراسته وتكوينه العلمي والأكاديمي رغم الاعتقال. ويروي شقيقه أسعد أن والدته كانت تبيع حبات الزيتون التي تجمعها، من أجل تسديد رسوم الدراسة الجامعية لابنها الأسير وليد.
وقد كلفته الدراسة الجامعية نضالا متواصلا، إذ كان يصوغ طلبات معللة قانونا حتى للمحكمة العليا من أجل الحصول على الكتب والمنهاج وغيره. وذكر أنه كان يختار لنفسه سريرا قرب نافذة مطلّة على ممر الغرف في سجنه، ليتمكن خلال الليل من متابعة تحصيله الأكاديمي.
إعلان
عام 2010 حصل على درجة البكالوريوس في دراسات الديمقراطية المتعددة التخصصات، من "الجامعة المفتوحة الإسرائيلية". وفي عام 2016، حصل على درجة الماجستير في الدراسات الإقليمية "مسار الدراسات الإسرائيلية " من جامعة القدس. في حين لم يتمكن من إكمال تحضيره لدرجة الدكتوراه في الفلسفة من "جامعة تل أبيب".
يتقن وليد اللغة العربية، إلى جانب العبرية التي يصفها بأنها "لغة زوجة الأب"، التي كادت أن تتغلب على لغته الأم. وكان "أبو ميلاد" يمضي وقته في الدراسة والقراءة والرسم، ويحافظ على وتيرة معينة في الكتابة داخل سجنه، قبل أن يتدهور وضعه الصحي.
لجأ دقّة للرسم عندما أفقدته أدويته التركيز على القراءة والكتابة، وقال إن "الرسم وسيلة ممتازة لإشغال العقل بعيدا عن المرض حتى لا تنهار الروح". كما اعتقد أن رسم حياة الأسرى يسهل تهريبها خارج السجن على عكس المواد المكتوبة.
الحياة المهنية
التحق وليد في مطلع شبابه بسوق الشغل من عام 1979 إلى 1982، حيث عمل بمطعم في تل أبيب، وبعدها انتقل للعمل في طولكرم عام 1983 وبقي فيها إلى أن اعتقل.
وكان وليد ضمن الهيئة التعليمية والإدارية التي تتابع شؤون الطلاب الأسرى المنتسبين إلى الدراسة الجامعية في برامج جامعة القدس داخل سجن "هداريم". وتولى تدريس بعض المواد لدرجة البكالوريوس في مجال تخصصه.
وحتى نهاية الفصل الدراسي الأول للعام 2022-2023، وصل عدد خريجي ما يعرف بـ "جامعة هداريم"، إلى 170 خريجا لدرجة البكالوريوس، و176 لدرجة الماجستير، رغم محاولات الاحتلال المتكررة لتعطيل الحلقة التعليمية لهذه الجامعة.