"عبيدات، عودة، جار الله، ومنصور".. عائلات مقدسية تعيش حالة من القلق والترقب الشديدين، بعدما أخطرت محكمة الاحتلال الإسرائيلي بالاستيلاء على قطعة أرض ممتدة على مساحة 4700 متر مربع في حي الشيخ جراح بالقدس المحتلة، لصالح بلدية الاحتلال.
ومساء الأحد، رفضت المحكمة الإسرائيلية العليا، الاستئناف المقدم من أصحاب الأرض، ضد الاستيلاء عليها، بهدف تحويلها لـ"حديقة عامة"، وفرضت عليهم غرامة مالية بقيمة 18 ألف شيكل، على أن تتكفل شركة "فندق الرشيد" بتكاليف إنشاء الحديقة، وتعويض أصحاب الأراضي ماديًا.
وكانت الأرض تُستخدم كموقف للباصات ومغسلة للسيارات، وذلك تمهيدًا لتنفيذ مشروع ضخم لصالح المقدسيين في هذه المنطقة الحساسة.
سياسي عنصري
كمال عبيدات-أحد أصحاب الأرض المتضررين- يقول لوكالة "صفا" إن "المحكمة العليا" صادقت على قرار المحكمة المركزية بالقدس بشأن مصادرة الأرض التي تقع في مدخل حي الشيخ جراح الشرقي "كرم الجاعوني"، لصالح إقامة "حديقة عامة" تخدم المستوطنين.
ويوضح عبيدات أن" قرار مصادرة الأرض جاء بناءً على طلب من شركة ماهي لفنادق الشرق الأوسط، بهدف رفع نسبة البناء للفندق من 18 ألفًا إلى 36 ألف متبر مربع، شرط أن تتكفل الشركة بتكاليف إقامة الحديقة، ودفع تعويض لأصحاب الأرض في صندوق المحكمة".
ويؤكد أن العائلات المالكة للأرض ترفض أي تعويضات من أي جهة كانت، مقابل الأرض، ولا تقبل بأي ثمن مهما كان، لأن ذلك يعتبر "خيانة"، وهي متمسّكة في أرضها.
ويشير إلى أن العائلات منذ نحو 17 عامًا وهي تخوض صراعًا في محاكم الاحتلال من أجل الحفاظ على الأرض، وقد قدمنا كل الوثائق والمستندات التي تثبت ملكية العائلات للأرض، وفي عام 2011، صدر قرار عن "المحكمة العليا" يقضي بأن ملكية الأرض تعود لأصحابها.
وبحسبه، فإن بلدية الاحتلال رفعت دعوى قضائية لمحكمة "الصلح" تطالب بعمل الأرض موقفًا للسيارات، ومن ثم قام أصحاب الأرض بتحويلها لموقف باصات ومغسلة سيارات.
وفي عام 2015، أصدرت محكمة "الصلح" قرارًا يقضي بمصادرة الأرض لصالح بلدية الاحتلال، لكنها خسرت القضية في تاريخ 28 / 5 /2020، حتى تم إصدار قرار أخير بمصادرتها.
ويبين عبيدات أن سلطات الاحتلال تعمل ليل نهار لأجل الاستيلاء على أراضي المقدسيين ومنازلهم، ولطمس هوية المدينة العربية، وهو يستهدف حي الشيخ جراح ولديه مطامع بالاستيلاء عليه وتهويده، معتبرًا قرار محكمة الاحتلال سياسي عنصري بحت، لن يخدم الفلسطينيين، وإنما المستوطنين بالحي.
خدمة المستوطنين
المحامي مهند جبارة- المتابع للقضية- يقول لوكالة "صفا" إن الحديث يدور عن مخطط لإقامة فندق في المنطقة المستهدفة، سيتم من خلاله اقتطاع الأرض التي تعود للعائلات الأربع المالكة، بهدف إقامة حديقة عامة عليها لخدمة الفندق.
ويضيف "قدمنا اعتراضات على المشروع لدى محاكم الاحتلال، لكن في عام 2016، صادرت بلدية الاحتلال المساحات المعدة للمصلحة العامة لغرض تسخيرها لأصحاب الفندق، وعلى مدار السنة الأخيرة قدمنا ادعاءات بأن البلدية لها مطامع أخرى في الأرض".
ويوضح أن بلدية الاحتلال تضع عينها على الأرض، بهدف مصادرتها لإقامة موقف للسيارات وحديقة، لخدمة المستوطنين الذين يزورون مقام "شمعون الصديق" المزعوم.
ويتابع "قدمنا اعتراضًا للمحكمة المركزية، وبشكل مفاجئ رفضته، لكن تم الاستئناف على القرار للمحكمة العليا في تموز/ يوليو الماضي، وعقدت جلسة قبل أسبوع، وبعدها أعطت المحكمة قرارها برفض الاستئناف والعمل على مصادرة الأرض".
ولمواجهة قرار محكمة الاحتلال، يؤكد المحامي جبارة أن الحراك الجماهيري المقدسي يشكل عنصرًا أساسيًا وفاعلًا في وقف قرار المصادرة.
وأما الناشط المقدسي صالح ذياب، فيوضح لوكالة "صفا" أنه في حال مصادرة الاحتلال لتلك الأرض ووضع اليد عليها، ومن قبلها الاستيلاء على 25 دونمًا لعائلة الحسيني، فإن ذلك سيؤدي إلى محاصرة الشيخ جراح من كافة الجهات، وزيادة الضغط على سكانه المهددين بالتهجير القسري".
ويؤكد أن هناك برنامجًا إسرائيليًا متكاملًا لتهويد القدس، بحيث يبدأ من حي الشيخ جراح، وينتهي في حي البستان ببلدة سلوان، بما يشمل الحجر والشجر والأرض.
ويضيف" نحن لا نعول كثيرًا على محاكم الاحتلال، باعتبارها جزء لا يتجزأ من المنظومة الاحتلالية، التي تتواطأ مع المستوطنين في تهجير المقدسيين، والاستيلاء على أراضيهم".
المصدر: وكالة الصحافة الفلسطينية