آبل القمح:
"بيت ابل معكة"
تل كبير يقع في الجهة الشمالية الغربية لسهل الحولة ـ إلى الشمال الشرقسي من كيبوتس كفار جلعادي، في الجهة الجنوبية من المطلة ويبعد عنها 2كم على حدود البلاد الشمالية ويطل على سهل البقاع اللبناني، وكان قديماً على الحدود بين مملكة (آرام) الآراميين في سوريا و(صيدا 9 الفينيقيين في لبنان، يشرف الموقع على مرجعيون والحولة.
تقع القرية على تل يبرز إلى الجنوب تحت القمة ويرتفع 414 متراً عن سطح البحر، ويمر بقربه من الجهة الغربية وادي (الدرداره ـ بريغيث) يشكل أحد روافد نهر الأردن الذي يأتي من مرجعيون، يوجد في مجراه شلال (التنور).
يمكن الوصول إليه بطريق ترابي متفرع من طريق كفار جلعادي ـ المطلة. وإلى الشرق منه وعلى بعد 4 كيلو مترات يمر نهر الحاصباني.
لقد قامت المدينة على هذا التل الذي يميزه وقوعه على مفرق طريقين رئيسيين أحدهما من الشمال إلى الجنوب ويربط جسر بنات يعقوب بطريق البحر (فيامارس) مع مرجعيون وسهل البقاع اللبناني، والثاني من الشرق إلى الغرب حيث يربط دمشق مع بانياس ـ ابل ـ هونين وصور.
إن آثار المدينة تدل على أنها كانت مدينة محصنة محاطة بسور وخندق منذ الفترة الحديدية الأولى وهي مدينة كنعانية.
أما الاسم فهو لفظة سامية قديمة (كنعانية) معناها المرج والمياه الكثيرة والخصوبة (ابل) أطلق عليها اسم (ابل المياه) أي المرج ذو الجداول والمياه الكثيرة.
كما أطلق عليها اسم "ابل بيت معكة" ولهذا اللفظ تفسيران، الأول معناه "مرج بيت الظلم" والثاني "مرج عائلة معكه" ومن المعروف أن الملك (آساين داود) كان اسم أمه (معكه) وهي من شمال البلاد، وبعد أن تولى الحكم منع أمه (معكه) من أن تكون ملكة لأنها عملت تمثالاً لسارية (على دين قومها) فقطع آسا تمثالها وأحرقه في وادي قدرون (الملوك الأول 15/9)
لقد ذكرت في سجلات تحتمس الثالث وشيشق تحت اسم (ابر) وحدد موقعها: في شمال البلاد بين لبنان وجبل حرمون (الشيخ) وبالقرب من دان.
هرب إليها شيبع بن بكري الذي ثار على داود الملك سنة 1000 ق.م (صموئيل الثاني الاصحاح 20) وق حاصره يؤاب بن صوريه وزير الحرب، إلى أن قام سكان ابل وألقوا القبض على شيبع وقتلوه وألقوا رأسه إلى (يوآب) وعندها فك الحصار عن المدينة. هاجمها الملك هدد ملك الآراميين في دمشق سنة 900 ق. م وكانت بين المدن التي احتلها ودمرها (الملوك الأول الاصحاح 15).
كانت حرب بين آسا ويعشا بن ايله ملك إسرائيل ـ وهاجم يعشا يهودا إلى بن هدد ملك الآرام في دمشق قائلاً: إن بيني وبينك وبين أبي وأبيك عهداً، وطلب منه أن يتدخل لرفع الحصار عنه، فأرسل بن هدد جيشاً وخرب عيون دان وأبل بيت معكه وكل كنروت إلى أن انسحب يعشا من أروشليم.
سنة 734 ق. م هاجمها تجلات فلاسر الثالث ملك آشور واحتلها وهجر سكانها إلى آشور وذلك في أيام حكم فيكح بن رملياهو
كان المدينة ذات أهمية في فترة الحكم الهليني وفي الفترة الرومانية وكانت تسمي
ذكرها أوزييوس في كتابه أونومستيكون (32014) وستيفانوس من بينزنطيه أنها مدينة تقع على حدود فينقية.
سكنها في القرن الثالث عشر بعض الإسماعيليين، كما ذكرها ياقوت الحموي بقوله: "ابل القمح قرية من نواحي بانياس من أعمال دمشق بين دمشق والساحل".
أما الشاعر أحمد بن منبر فقد ذكرها في شعره:
حي الديار على علياء جيرون
|
|
مهوى الهوى ومغاني الخرد العين
|
فالماطرون، فداريا، فجارتها
|
|
فآبل فمغاني دير قاقوق
|
تلك المنازل لا وادي الآراك ولا
|
|
رمل المصلى ولا اثلاث يبرين
|
مر بها في أواسط القرن التاسع عشر العالم الأمريكي (إدوارد روبيصن) وذكرها "تقع آبل على تل يسترعي الانتباه ببروزه إلى الجنوب تحت القمة، وهي على جانب (درادره) الأيمن (نهر بريغيث) وهو الجدول الذي يأتي مرج عيون ـ سكانها مسيحيون، ومن مكاننا نرى الهوة العميقة الضيقة التي يجري فيها الجدول كأنها صناعية (ويقصد هنا شلال التنور) ينبع الجدول من المرج، شرقي المطلة ثم ينعطف كثيراً إلى الغرب بين القريتين ويتابع نزوله غرب آبل التي تسمى أحياناً "آبل القمح" نظراً لجودة قمحها". (من كتاب يوميات في لبنان 1/228).
كما ذكرها بطرس البستاني في كتاب دائرة المعارف سنة 1876 بقوله: "آبل القمح قرية في قضاء مرج عيون لواء بيروت نواحي بانياس وهي حسنة الموقع بين مرجعيون وبحيرة الحولة فيها نحو 45 بيتاً".
كانت آبل في نهاية الحكم التركي للبلاد من أعمال جبل عامل فُصلت عن لبنان سنة 1923 وألحقت بفلسطين. كان فيها سنة 1931 (229) شخصاً منهم 122 مسيحياً و107 مسلمين ولهم جميعاً 58 بيتاً. في سنة 1945 كان فيها 330 نسمة (230 مسلماً و100 مسيحياً).
دمرت القرية سنة 1948 وأقيم مكانها كفار يوبال سنة 1952 مقابل دان وتل القاضي.
المصدر: كتاب من قرانا المهجرة في الجليل