قرية آبل القمح
الجزء الأول: بفتح الهمزة، وبعد الألف باء مكسورة ولام. وأبل من جدار "أبل" سامي مشترك ومما يفيده المرج والمياه والكلأ والخصب.
وهي هنا بمعنى المرج، الجزء الثاني: هو البُرّ. فيكون معنى القرية "مرج القمح"، دعيت بذلك لجودة قمحه، يحيط بها سهل أرضه خصبة ومياهه وفيرة مما دعا القدماء يطلقون عليه اسم "آبل المياه".
لا يبعد أن تكون قريتنا هذه تقوم على موقع بلدة "آبل بيت مَعْكَة" ـ بمعنى مرج بيت الظلم ـ أو "مرج بيت شخص اسمه معكة" التي غزاها الآشوريون في سنة 734 ق.م. وسَبَوْا سكانها إلى بلادهم.
وفي العهد الروماني عرفت بقعة "آبل القمح" باسم "Abelane". وفي معجم البلدان 1: 50 "آبل القمح: قرية من نواحي بانياس من أعمال دمشق".
ومَرَّ بالقرية المذكورة "ادوارد روبنصن" العالم الأمريكي اللاهوتي في زيارته لفلسطين في أواسط القرن الماضي وذكرها بقوله: (تقع آبل على تل يسترعي الانتباه ببروزه إلى الجنوب تحت القمة. وهي على جانب دِرْ دَاره الأيمن، وهو الجدول الذي يأتي من مرج عيون. سكان آبل مسيحيون. من مكاننا نرى الهوَّة العميقة الضيقة التي يجري فيها الجدول كأنها صناعية. ينبع الجدول من المرج شرقي المطلة ثم ينعطف كثيراً إلى الغرب بين القريتين، ويتابع نزوله غرب آبل التي تسمى أحياناً آبل القمح نظراً لجودة قمحها" .
وذكر آبل القح المرحوم بطرس البستاني في المجلد الأول من مؤلفه "كتاب دائرة المعارف" المطبوع في بيروت سنة 1876م بقوله: "قرية من قضاء مرج عيون التابع لواء بيروت في نواحي بانياس. وهي حسنة الموقع بين مرج عيون وبحيرة الحولة. فيها نحو 45 بيتاً" .
تقع "آبل القح" في الجنوب من "المطلة" وعلى مسيرة 19 كم للشمال من بحيرة الحولة. وهاتان القريتان تحسبان آخر أعمال صفد من الشمال. والواقع أن "آبل القمح" من أعمال جبل عامل فصلت عن لبنان في عام 1923 وأُلحقت بفلسطين.
تملك هذه القرية "4615" دونماً منها 103 للطرق والوديان و1327 دونماً تسربت لليهود. وقد غرس الزيتون في ستة دونمات. ويحيط بأراضي "آبل القمح" أراضي "المطلة" و"السنبرية" ولبنان والزوق التحتاني وكفار جلعادي.
كان في "آبل القمح" في عام 1931م 229 شخصاً يوزعون كما يلي:
ذكور إناث المجموع
مسلمون 59 63 122
مسيحيون 47 60 107
المجموع 106 123 229
ولهم جميعاً 58 بيتاً.
وكان يقيم في الـ (13) دونماً التي تتألف منها مساحة القرية في عام 1945م 230 عربياً (230 مسلماً و100 مسيحي). فهي مسلمة في أكثرها.
دمّر الأعداء "آبل القمح" وأقاموا في ظاهرها الجنوب الغربي في عام 1952م قلعتهم "كفار يوفال ـ Kefar Yuval".
و"آبل القمح" موقع أثري يحتوي على "تل أنقاض، قبور منقورة في الصخر، أدوات صوانية، رجام من الحجارة بين آبل وتل القاضي ".
وتل الأنقاض هذا يعرف أيضاً باسم "تل أبيل" أو "المديرة" يرتفع 414 عن سطح البحر.
تقع البقعتان الأثريتان الآتيتين في جوار القرية:
1 ـ خربة نيجا: تقع في جنوب "آبل القمح" الغربي. تحتوي على "أساسات جدران، حجارة مبعثرة، شقف فخار" . و"نيجا" كلمة سريانية بمعنى الهادئ والمستريح والحلم. وفي لبنان أمكنة عديدة تحمل هذا الاسم. و"النيجة" أيضاً قرية على مسيرة 22 كيلو متراً من معرة النعمان في سورية.
2 ـ تل القطعات الست: تقع في جنوب القرية. يحتوي على حظائر مجدرة على تل .
ومن المواقع التي تحمل اسم "آب" مفردة وغير مفرة في بلاك الشام. نذكر منها:
1 ـ آبل الزيت: وهي التي جهز النبي صلى الله عليه وسلم قبل وفاته جيشاً أُمّر عليه أُسامة بن زيد وأمره أن يوطئ خيله آبل الزيت بالأردن.
ذهب بعضهم أن تل "آبل" في جوار قرية "حرثا" من أعمال بني كنانة في لواء إربد هي آبل الزيت.
2 ـ آبُل الشُوف: من أعمال الزبداني. تبعد عن دمشق حوالي 30 كم,. يمر بها نهر بَرَدى. وهي ذات موقع متنزه جميل. اسمها اليوم "سوق وادي بَرَدى".
3 ـ آبل: قرية على بعد 11 كيلومتراً للجنوب الغربي من حمص. سكانها نحو 600 عربي.
4 ـ إبْل السّقْي: قرية من أعمال مرجعيون في لبنان الجنوبي. تقع على رابية ممتدة على محاذاة الضفة الغربية لنهر الحاصباني، على مسيرة ثمانية كيلومترات من مرجعيون. يبلغ عدد سكان إبْل السقي نحو 1200 نسمة.
5 ـ "آبل محولة": بلدة كنعانية كانت تقوم في "غور طوباس" على بعد نحو 15 كيلومتراً للجنوب من بيسان. مر ذكرها في جزء سابق.
المصدر: كتاب بلادنا فلسطين