مشهد يبدو غير مألوف في فلسطين، أن تشاهد صخرة الروشة الشهيرة بلبنان الواقعة على شاطئ بحر بيروت، بصخرة فلسطينية في قرية عراق بورين القريبة من مدينة نابلس.
طريق ضيق يتسع لمسار مركبة واحدة في الاتجاهين، ومعرجات تشبه نوعاً ما طريق وادي النار بجنوب الضفة الغربية، بغية الوصول إليها من مدينة نابلس.
على جانبي الطريق، يشاهد الربيع في مثل هذا الوقت من السنة، بمناطق جبلية وأخرى سهلية شاسعة، تكسوها الخضرة وأصناف الأزهار الربيعية البرية المختلفة، وسنابل القمح والشعير تتمايل مع هبات نسيم الهواء.
يتمكن الناظر من يساره مشاهدة صخرة شاهقة الارتفاع، تعلوها بضع منازل قديمة، تقع بعضها على حافتها تماماً، والوصول إليها عبر شارع يؤدي إلى قمتها حيث تقع منازل المواطنين هناك.
ويشاهد أيضاً في أعلى قمم السفوح الجبلية وعمق السهول أشجار اللوزيات والزيتون وسنابل القمح والشعير، تبدو و كأنها بحر من الخضرة.
يبلغ علو الصخرة ما يقارب 30 متراً من مستوى الأرض، وترتفع عن سطح البحر حوالي 758 متراً.
وتتدلى من الصخرة بعض نباتات الصبر، التي تشتهر بها قرية عراق بورين.
وسميت عراق بورين كما يقول رئيس مجلسها الخمسيني عبد الرحيم قادوس، من قبل الأجداد، وكانت كلمة 'عراق' تعني بذلك الوقت الصخرة الكبيرة والمرتفعة.
وكانت في الماضي جزءً من قرية بورين، إلا أن الأجداد استقروا فيها أثناء رعي المواشي والزراعة في هذه المنطقة، بسبب خصوبتها ومراعيها الطبيعية ووفرة الماء.
وتبلغ مساحة الصخرة حوالي 30 دونماً، كانت في السابق تعتبر البلدة القديمة، وكانت العائلات تبني منازلها عليها، وبسبب معدل التزايد السكاني الطبيعي والتطور العلمي، أخذ أهالي البلدة يبنون خارج البلدة القديمة، ولم يتبق فيها الآن سوى خمس عائلات فقط، تسكن هناك.
ويشاهد في القرية الآن منازل مبنية حديثاً بعضها يكسوها الحجارة، ويعتلي البعض منها القرميد الأحمر والأطباق اللاقطة والسخانات الشمسية.
وبسبب إطلالتها وقربها من نبع عين الفوار القريب، وجوها الربيعي الهادئ، والجميل صيفاً، وموقعها المتميز بين الجبال والسهول، تعتبر مكاناً يقصده أهالي مدينة نابلس والتجمعات السكانية من القرى المجاورة، للتنزه في مثل هذه الأوقات من السنة.
إلا أن هذه المنطقة تفتقر إلى عدم وجود محال ومرافق سياحية، بسبب عدم انتباه المستثمرين لمثل هذه المناطق.
ووجود الصخرة في مدخل البلدة، يستطيع الزائر إليها مشاهدة المنازل المشيدة عليها قبل بلوغها، لكونها مكاناً مرتفعاً وغير مألوفاً لدى البعض.
وفي مشهد نادر، أمكن مشاهدة قطيع من الغزلان البرية، وهي تعدو على سفح جبل مقابل للقرية، كان منظراً لافتاً، بوجود الغزلان في الأراضي الفلسطينية بهذه الكمية بتلك المنطقة.
ويرى قادوس أن تحويل المنطقة إلى منطقة سياحية، سيجلب الفائدة على تلك المنطقة، وذلك من خلال خلق فرص عمل للعاطلين عن العمل من الشباب.
ويوجد في عراق بورين ما يقارب 5000 نبتة صبر، حيث تعتبر من أشهر البلدات الفلسطينية في هذا النوع من النباتات، بعد قرية تل المجاورة المشهورة بأنواع أشجار التين المختلفة.
وللصخرة حكايات حدثت بالماضي كما يقول أبو هيثم: 'ثلاثة أو أربعة أشخاص وقعوا عنها، من ارتفاعها إلى مستوى الأرض، إلا أنهم لم يصابوا بأذى بليغ'.
'أخذت طفلة لم تتجاوز السبعة أعوام إلى المستشفى، سقطت من علو الصخرة، ولم تتعرض إلا لبعض الخدوش، وأعادتها إلى منزل أسرتها دون أن يعلموا أن طفلتهم سقطت عن تلك الصخرة'، قال أبو هيثم:
ويعتمد أهالي عراق بورين على الزراعة وتربية المواشي، كما أن موسم إنتاج ثمار الصبر في أواخر شهر تموز وبداية آب، يعد مصدر دخل جيد للعائلات.
يقول أبو هيثم، 'أن أهالي بلدته سيصبرون كنباتات الصبر ويتمسكون بأرضهم كالصخرة المتجذرة في أعماق الأرض، في مواجهة مصادرة أراضيهم والدفاع عنها دون كلل أو ملل، من قبل هجمات المستوطنين المستمرة والمتواصلة على أهالي البلدة'.
وكالة الأنباء والمعلومات الفلسطينية