عائلة أبو السعود عرفت في القرن الثامن عشر كأسرة صوفية، انتسب بعض أبنائها إلى طريقة عبد القادر الجيلاني، وكان محمد أبو السعود أحد كبار مشايخ الصوفية في فلسطين، وشيخ الطريقتين الخلوتية والقادرية في بيت المقدس. ولم يحاول هذا العالِم الصوفي تقلد مناصب إدارية معظم حياته، وإنما اكتفى بدوره في نشر طريقته، وإقامة طقوس الذكر في تكايا المدينة وزواياها. أما ولداه أحمد ومصطفى، فإنهما تقلدا إفتاء الشافعية ونيابة الشرع على المذهب الشافعي. وعلى الرغم من أن الشيخ محمد ابو السعود لم يحاول الحصول على مناصب رسمية في أجهزة الدولة، فإن مكانته كانت عالية عند رجالها، إذ كان اسمه يدرج في رأس المعنونين في الأوامر السلطانية ومراسيم ولاة الشام ومتصرف القدس محمد باشا أبو المرق وغيرهم، وخصوصاً فترة الحملة الفرنسية على البلد. وعندما تقدم هذا الشيخ بالسن، سافر الى العاصمة العثمانية بدعوة من رجال الدولة، فعاش هناك مدة قصيرة حتى وفاته فيها سنة 1228 هــ/1813 م.
أما في سنة 1235 هــ/ 1819- 1820م، فنجح أبو السعود في الحصول على نقابة الأشراف أربع سنوات، الأمر الذي يشير إلى مكانة العائلة القوية وقدرتها على منافسة آل الحسيني بين الفينة والأخرى.
وعندما نشب تمرد سنة 1825- 1826 في القدس، لم نجد ذكراً لعمر أفندي النقيب، أو لأي شخص آخر من آل الحسيني في زعامة هذه الحركة. أما محمد تاج الدين أبو السعود فيبدو أنه كان ضالعاً في ذلك التمرد، الذي تزعمه العساكر وبعض اعيان المدينة من غير العلماء البارزين. لذا، بعد إخماد تلك الحركة بمساعدة والي عكا عبد الله باشا، هرب أبو السعود هذا إلى مصر خوفاً من عقاب الدولة العثمانية، فتدخل محمد علي باشا والي مصر للعفو عنه عند والي الشام، وطالب بألا يصاب بأذية أو بضرر لكونه من أشراف القدس. وعاد أبو السعود إلى القدس فعلاً، وظل أحد المنافسين البارزين لآل الحسيني في شأن نقابة الأشراف حتى قدوم الحكم المصري.
لواء القدس في أواسط العهد العثماني
عادل مناع
(بتصرف)