هوية: المشروع الوطني للحفاظ على الجذور الفلسطينية

آخر الأخبار استعراض

                               

 

جورج بيادة | 16-1-2025 

في العدوان الصهيوني المتواصل على غزة منذ أكثر من 15 شهرًا، عانت عائلة سالم، الموزعة بين غزة وشمالها، فقدان أبنائها وأسرًا بأكملها، بينهم آباء وأمهات وأطفال، تاركين فراغًا لا يُملأ. سماهر سالم، واحدة من الناجين، ودّعت والدتها وشقيقها الأكبر، بالإضافة إلى اثنتين من شقيقاتها وأبنائهما، فضلًا عن عشرات من أقاربها، ولم تكتف الحرب بمأساتها بل سلبتها نجلها الأكبر أيضًا.

عائلة سالم ليست إلا نموذجًا من آلاف العائلات التي تعرضت للإبادة الكلية خلال العدوان الإسرائيلي الإجرامي على غزة، حيث أصبحت إبادة العائلات إحدى أبرز صور هذا العدوان الوحشي.

إبادة ممنهجة وشطب للتاريخ

الإبادة التي طالت العائلات الفلسطينية ترافقت مع عمليات اقتلاع مستمرة للأسر من جذورها، وتدمير ممنهج لكل معالم الحياة والتاريخ. على مدار الأشهر الماضية، طالت الهجمات أكبر مسجد وأقدم كنيسة في غزة، وتجرفت مقابرها، ودُمّر مبنى الأرشيف المركزي الذي يضم آلاف الوثائق التاريخية. إنها حملة مبرمجة تستهدف شطب الشعب الفلسطيني، تاريخه، وذاكرته، عبر تدمير الهوية الجماعية وتقويض الروابط الاجتماعية.

معركة على الهوية الفلسطينية

المعركة على هوية الشعب الفلسطيني ليست جديدة؛ إذ بدأت  مع تأسيس المشروع الصهيوني القائم على كذبة أن “فلسطين أرض بلا شعب”. لم يقتصر الاحتلال على احتلال الأراضي عام 1948، ولا على هدم أكثر من 500 قرية وتهجير سكانها، بل سعى إلى إنكار وجود الفلسطينيين، مدعيًا أن السكان الأصليين لم يكونوا سوى عابرين.

في المقابل، عمل الاحتلال على اختراع هوية مصطنعة للمستوطنين اليهود القادمين من مختلف أنحاء العالم، وروّج لروايات كاذبة تدّعي وحدة نسبهم. أطلق مشاريع ضخمة لتوثيق شجرات العائلات اليهودية وتاريخها، وسعى لتكريس هذه الرواية في الوعي العالمي، بينما كان الفلسطينيون يعتمدون على جهود فردية ومحدودة لتوثيق تاريخهم.

"هوية": مشروع فلسطيني لمواجهة التزوير

في مواجهة هذا التحدي، تأسس مشروع “هوية”، انطلاقًا من الإيمان بحق كل فلسطيني في حفظ تاريخه ومعاناته. عمل المشروع على تسهيل مهمة العائلات الفلسطينية في جمع رواياتها وتوثيق شجراتها، مدعومة بالوثائق والصور. أطلق "هوية" منصة إلكترونية جمعت حتى الآن أكثر من 6,300 شجرة عائلة، إلى جانب أكثر من 26,000 وثيقة تشمل شهادات ميلاد، عقود زواج، بطاقات هوية، وأوراق ملكية.

كما أولى المشروع اهتمامًا خاصًا بالصور، التي تُعد وسيلة قوية لحفظ التاريخ. نشر موقع “هوية” أكثر من 38,000 صورة، بينها 5,000 صورة لشهود النكبة، لإبراز وجوههم وحكاياتهم، بهدف التأكيد على أن هؤلاء الأشخاص ليسوا مجرد أرقام، بل أسماء وقصص تعبّر عن النضال الفلسطيني.

توثيق الشهداء: معركة مفتوحة

تجربة “هوية” في توثيق الرواية ليست وحيدة، بل شاهدنا اليوم أعمالاً من المبادرات والنشطاء لتوثيق حكايات الشهداء الذين سقطوا في العدوان الأخير على غزة. أصبح العالم يعرف “يوسف الأبيضاني صاحب الشعر الكيرلي”، وتلك الفتاة التي تعرّفت إلى والدتها من شعرها، و”خالد نبهان” الذي لقب بـ”روح الروح”.

هذه الجهود ليست مجرد توثيق، بل جزء من معركة طويلة الأمد، تهدف إلى الحفاظ على هوية الشعب الفلسطيني وملاحقة مجرمي الحرب. يجب أن تستمر هذه الجهود لتوثيق كل عائلة أُبيدت، وكل شهيد ترك بصمة، حتى تتحقق العدالة ويُحاسب المجرمون على جرائمهم.

 

المصدر: موقع مؤتمر فلسطيني الخارج

تم الاضافة من قبل info@howiyya.com بتاريخ 21/01/2025
السجلات 
 من 2٬715