الحاج موسى الخالص... إرثٌ مقدسي وتاريخٌ من العطاء
كان الحاج موسى الخالص، رحمه الله، من أبرز رجالات القدس في القرن العشرين، وقد عُرف بتجارته في المواشي وبتربية الأنعام والقصابة، حيث بدأ بمهنة بسيطة وتطوّر ليصبح من كبار تجّار المواشي في فلسطين. لم تقتصر تجارته على الأسواق المحلية، بل كان يتنقّل بين أسواق الأردن وسوريا ولبنان، وشكّل حضوره في تلك الأسواق علامة فارقة في هذا المجال.
وفي مطلع ستينيات القرن الماضي، خطا الحاج موسى خطوة غير مسبوقة في زمانها، حين سافر إلى هولندا واستورد منها الأبقار الهولندية إلى القدس، في مبادرة متقدمة تدل على رؤيته التجارية الواسعة والطموحة.
كانت مزرعته الشهيرة تقع في خان تنكز، وسط سوق القطانين، إلى الغرب من الحرم القدسي الشريف، وهو خان ورثته عائلته عن الأجداد "كابرًا عن كابر"، حيث حافظت عليه عائلة الخالص في مختلف الحقب، منذ العهد العثماني، مرورًا بفترة الانتداب البريطاني، ثم الحكم الأردني، وحتى بعد احتلال القدس عام 1967.
وقد بقي الخان يُستخدم كمزرعة ومركز لتجارة وتربية المواشي لعقود، وكان وجهةً يومية للمقدسيين الذين اعتادوا شراء الحليب، ومشتقاته، واللحوم، والأضاحي من الحاج موسى.
وفي عام 1984، قدّم الحاج موسى الخالص لفتة كريمة ذات بُعد وطني وديني، حيث وهب خان تنكز لدائرة الأوقاف الإسلامية في القدس، ليساهم في خدمة المدينة وأهلها، واستثمار هذا الصرح التاريخي لصالح المقدسيين. ويُستخدم الخان اليوم كمركز أبحاث تابع لجامعة القدس، بعد أن تم ترميمه وتأهيله.
محطات من تاريخ الخان:
-
1927: أُغلق خان تنكز مؤقتًا بسبب الزلزال الذي ضرب مدينة القدس، ما أدى إلى تهدّم أجزاء من جدرانه وأسقفه، وظل مغلقًا لعدة سنوات إلى أن تم ترميمه.
-
1950: أُغلق مرة أخرى إثر العاصفة الثلجية العنيفة التي ضربت فلسطين، وتسببت بأضرار جديدة في مبنى الخان.
ظل اسم الحاج موسى الخالص مرتبطًا بخان تنكز في ذاكرة المقدسيين، الذين ما زالوا يروون حكاياته جيلاً بعد جيل، باعتباره رمزًا من رموز الوفاء للقدس، وحارسًا أمينًا لإرثها وتاريخها.