فلسطين واحة سقطت من الجنة, فهي الأروع والأجمل
يافا كانت أم القوة بالنسبة لنا ,الناس كانت بالقرى المجاورة تعيش عيشة فقر,أنا ولدت في وقت بين حربين الأولى والثانية.
جاء الإنجليز واستعمر البلاد تحت اسم الانتداب , وجاؤوا لزرع النبتة الخبيثة (إسرائيل) هذه القرى التي كانت تعيش عالقمح والشعير, كانت فقيرة. أنا مشيت حافي ولعبت الكُرة حافي وكان مصروفي تعريفة.
كنا نحن في مقاومة الانجليز واليهود معنا أسلحة فاسدة وطلقات مبردة , واليهود معهم الرشاشات والاّليات.
أنا من قرية اسمها السافرية, تحيط بنا بيت دجن غرباً, ويازور شمالاً, كفرعانة وساقية والخيرية جنوباً صرفند العمار وصرفند الخراب وشرقنا اللد.
هذه القرى قريبة من أن تكون معدمة وفقيرة. الإنجليز لم يتركونا في حالنا, سرقونا, سرقوا قمحنا.
يافا هي القوة الرئيسية في المنطقة تدافع عن نفسها وعن القرى التي حولها وبجانبها تل أبيب, وكان تركيز اليهود على يافا, وكادت يافا تغلب, وكان عند يافا راجمات وألغام وتتحدى تل أبيب, حتى أن تل أبيب استأجرت أربعين باخرة كبيرة استعداداً للرحيل من تل أبيب وتسليم تل أبيب إلى يافا والعرب, وكان اليهود أغبياء ينامون بالبواخر, لكن الإنجليز لم يعجبهم هذا الأمر وكانوا يهددون القوات العربية في يافا ويصادرون أسلحتهم لتسليم حيفا ويافا وعكا لليهود قبل رحيل الإنجليز. فسقطت يافا بيد الانجليز وهرب الناس منها عبر البحر ولكثرة الحمولة في البواخر كان الناس يموتون.
عند سقوط يافا, جاء الأهالي في القرى الأخرى وقرروا الهروب إلى مدينة قوية, فاتجهوا إلى اللد شرقاً فزحفنا إلى اللد وبعض الناس لم تذهب إلى اللد حيث هناك بيارات شرقي السافرية ونامت في البيارات.
في اليوم الذي سقطت فيه يافا أرسلني والدي وكان عمري 15سنة لأعمل حراثاً في أرضنا, كنت أحرث أرضنا وقت الرحيل واليوم الأسود.
نحن عشاق الأرض نحن لم نبع أرضنا, من باع أرضه كان من الناس الغرباء وليسوا فلسطينين.
هؤلاء العائلات التي باعت, باعت الدونم ب ليرة وربع فلسطيني.
لجأ الناس إلى اللد على أساس أنها حصينة محصنة , بقينا باللد حوالي 3شهور وعملوا هدنة في هذه الفترة وانتهت واتخذوا العرب واليهود قرار باستئناف الحرب و طوق اليهود اللد والرملة , ودخلوها وقتلوا الناس وصعدوا على المآذن وأطلقوا النار, وعملوا في اللد مذبحة جامع دهمش ,قتلوا فيه 400شخص لجأوا إلى بيوت الله خوفاً. فدخل اليهود عليهم في الجامع وبالقنابل اليدوية وسط الناس (نساء وأطفال ورجال) وبالرشاشات ومنعوا الناس من أخذ جثثهم من الجامع.
وبعد ذلك قال لنا اليهود : على عبدالله (حرفياً) أي الملك عبدالله. كان هناك خط معبد في رام الله منعونا نمشي عليه , فمشينا بين الجبال والوديان والشوك والحجارة وكنا حُفاة. ويقضينا 4أيام حتى وصلنا إلى قرية من قرى رام الله وتحت الزيتون استقربنا المقام.
وظل الناس حتى نزل الشتاء والثلج. نحن اشترينا خيمة, وغيرنا أحضر الزينكو. ثم هرب الناس إلى أريحا وغزة. والناس في عمان عاشت في المخيمات حيث نزل عليهم الثلج ورجعت الناس إلى أريحا... وهكذا.
على أساس أن بعد بضعة أيام سنعود وعشنا على أكاذيب تقول بالعودة القريبة.
أنا كتبت في اّخر كتابي.. أنه واحد غني وفلسطيني ويعيش لاجئ في الأردن, فقالوا له إلى أين ستذهب في فلسطين؟!؟
فقال لهم: ضعوني على طريق العودة إلى فلسطين وخذوا ملابسي وسروالي, بس رجعوني على فلسطين.
فلسطين واحة سقطت من الجنة, فهي الأروع والأجمل.