18/6/2019
محمد خالد-مخيم البداوي شمالي لبنان
إصابة اللاجئ الفلسطيني عامر درويش (31 عاما) بكسر في يده خلال عمله على الجرافة دفعته إلى التفكير في اختراع جهاز يسهل العمل على الآليات الثقيلة، خاصة بعد عدم قدرته على العمل ومشاهدته لكثير من الحوادث التي وقعت مع العمال التي عطبت العديد منهم ومنعتهم من العمل.
ودرويش القاطن بمخيم البداوي للاجئين الفلسطينيين شمالي لبنان ليس مهندسا، بل هو حاصل على ماجستير في إدارة الأعمال، وقد نالها وهو يعمل على الجرافة، ولأنه لمس صعوبة وخطورة العمل عليها، فكر لو بإمكانه اختراع جهاز يحرك الآليات الثقيلة عن بعد وباستخدام الأصابع فقط تجنبا للإصابات والتعرض للمخاطر.
شغف درويش بالآلات القديمة وتفكيك الألعاب والتعديل عليها وحبه للهندسة منذ الصغر، وعدم توفر جهاز تحكم عن بعد بالجرافة الخاصة به، دفعاه إلى قضاء ساعات طويلة يوميا وخلال شهر كامل بعد إصابته مباشرة للبحث في مجالات الفيزياء والهندسة والعلوم الأخرى.
وبدأ الشاب الطموح تجاربه باستخدام قطع السيارات المستعملة، وعمل على ابتكار جهاز يعمل عبر تطبيق على الهواتف الذكية من خلال استخدام خاصية اللمس، مستخدما تقنية البلوتوث كوسيلة اتصال بين الجهاز الذي يحرك الجرافة والهاتف، أطلق عليه اسم "بلو درايف 48" (Blue Drive 48).
يقول درويش إن تطبيق "بلو درايف" هو الاختراع الأول الذي يتحكم بالآليات الثقيلة، خاصة أنه يعمل عبر الهاتف النقال لا عبر أجهزة التحكم عن بعد.
ويضيف أن "اسم الاختراع هو اختصار للقيادة عبر البلوتوث، أما الرقم 48 فيعني القضية الفلسطينية ويشير إلى نكبة عام 1948. ولطالما ارتبط هذا الرقم بالسوداوية والنكبات، فأحببت أن أحوله إلى رقم للتفاؤل والأمل والقدرة على التغيير".
وتكمن أهمية هذا الاختراع في تبسيط عملية قيادة الجرافات وتفادي التعرض للإصابات، فبمجرد تثبيت الجهاز على الجرافات ستصبح قيادتها سهلة جدا كأنها لعبة على الهاتف النقال دون الحاجة إلى مهارات وخبرات في قيادة الآليات الثقيلة، إذ أصبح باستطاعة الجميع قيادة الجرافات عن بعد وتفادي الحوادث التي عادة ما يتعرض لها العمال أثناء العمل.
شغف درويش بالآلات القديمة وإصابته دفعاه للتفكير في اختراعات تسهل حياة الإنسان (الجزيرة نت)
روبوت الإطفاء
ولم يتوقف درويش عند هذا الحد، فبعد نجاح اختراعه الأول صب جهده في اختراع جهاز آخر، مضيفا إلى رصيده العلمي ابتكارا جديدا أطلق عليه اسم "منظومة الإطفاء والإنقاذ الفلسطينية"، وهو عبارة عن روبوت يعمل على إطفاء الحرائق.
ويتمتع الاختراع بميزات غير مسبوقة في العالم حسب درويش، إذ يمكن استخدام الروبوت عبر الهاتف الذكي، مما يسهل على الإنسان استخدامه، حيث يتم وضعه في أي مكان في حالة وقوع حريق مستقبلي، وهو مزود بألواح الطاقة الشمسية من أجل تزويده بالطاقة النظيفة بشكل مستدام ليكون دائم الجهوزية.
كما تم تزويد روبوت الإطفاء بنظام رموز وأعلام لتوجيه ضحايا الحرائق المحاصرين، ويتميز باستخدامه عدة طرق لإطفاء الحرائق المتنوعة حسب طبيعتها، وبوجود كاميرا مثبتة تبث صورة مباشرة من مكان الحريق إلى الهاتف النقال.
وما يميز الروبوت أيضا أنه يمكنه الصعود إلى المنازل العالية عبر النوافذ والشرفات في حال احتراقها، وذلك من خلال رافعة خاصة به. ليس هذا وحسب، بل بإمكانه كذلك إنقاذ ضحايا الحرائق، إذ باستطاعته حمل شخصين مصابين عن طريق حمّالة تضاف إليه، بالإضافة إلى قذفه كبسولة من الإسعافات أولية للمحاصرين.
ويضيف "لا وجود لكوكب اليابان.. جميعنا أبناء كوكب واحد وجميعنا نستطيع، لكن ينقصنا فقط الإرادة والقدرة على البحث والإبداع". كوكب واحد
يقول درويش "هناك بعض الدول مثل الصين واليابان صنّعت روبوتات إطفاء، لكن مهامها كانت محدودة نسبيا، فأحببت أن تكون منظومة الإطفاء الفلسطينية شبه متكاملة، وتقدم مجموعة من المهام والتقنيات غير المسبوقة عالميا".
ويوضح درويش بعض الصعوبات التي يواجهها خلال عمله من حيث عدم توفر بعض الأدوات التي يحتاجها، ويقول "أستخدم بعض الأدوات البدائية لأتخطى بعض التحديات، ومنها قطع السيارات المستعملة وبعض الأجهزة القديمة وبقايا ألعاب الأطفال".
ويضيف أن "هناك صعوبات أيضا تواجه اللاجئ الفلسطيني، وهي الوثيقة الفلسطينية التي تمنعه من الحصول على تأشيرة للسفر إلى الخارج بسهولة".
وكان درويش قد أعلن سابقا عن إطلاق باقة من الابتكارات العلمية، وجميعها يهدف إلى حفظ الأرواح الإنسانية وتسهيل النشاطات البشرية، وتخفيف الاحتباس الحراري وتقليل نسبة التلوث، وإيجاد سبل جديدة لإنتاج الطاقة البديلة الصديقة للبيئة.
يقول درويش إنه "من المحزن رؤية الكثير من شباب العالم اليوم على الهواتف الذكية لأغراض التسلية والمبالغة في الألعاب الإلكترونية والتطبيقات غير النافعة، مضيعين بذلك أغلى ما يملكون وهو الوقت، فهذه الهواتف صنعت في الأصل لخدمة الإنسان".
ويضيف أن هذا الابتكار الهندسي الثاني وهذه البصمة العلمية الفلسطينية يأتيان في إطار الجهود المبذولة عالميا لإعادة ترشيد استخدام الهواتف الذكية فيما ينفع البشرية.
المصدر : الجزيرة