"إعطينـــي أرضـــك
التقيت توفيق (1933) واخته سمية حوارني (1937) في قرية عرابة البطوف وقد حدّثاني بشغف عن قريتهم: "حطين كانت على شكل مثلث، شوارعها مستوية ، كان يمر فيها أربع شوارع، من الغرب للشرق ولمركز البلد، الشوارع ما كانت معبّدة حتى الشارع الرئيسي ما كان معبد، قسم من حطين كان مرصوف حجاره سوداء من البازلت. سمّوا بلدنا حطين لأنه تاريخياً بقولوا كانت بلد مشهورة بزراعة الحنطة، وسمعت انه على زمن الكنعانيبن كان في بلد على اسم بشبه حطين، حتى انه اليهود اللي جنبنا اشتروا اراضي من حطين عام 1936 وسموا بلدهم "كفار حطيم". اليهود بنو جنبنا كمان كوبانية "عين الكتب" عام 1908، اليوم اسمها "ميتسبا"، هاي انبنت على أراضي حطين اللي باعها لليهود إقطاعي لبناني اسمه مصباح رمضان سنة 1908. هذا مصباح باع آلاف الدونومات لليهود، لدرجة انه بقي 3000 دونم عنده حاول يبيعهم والفلاحين بحطين عملوا محكمة بدائرة التسوية وصلت لندن، مصباح كان إقطاعي على ايام الدولة العثمانية مثل كثير إقطاعيين منهم سرسك وبيضون وغيرهم، كان يجي الإقطاعي ويقول للناس إذا بتعطيني أرضك ما بخليهم يوخدوك للجيش وهيك اشتروا اراضينا. كانت ارض حطين جيدة للتربة وتتمتع بوفرة الأمطار والمياة الجوفية. وكان معظم سكان القرية يعمل في الزراعة. في عام 1944 كان اكثر من 10 الاف دونم مخصص للحبوب واكثر من الفي دونم مروياً ومستخدما للبساتين".
عيـــون حطيــــن
عن عيونها حدثتيي سمية حوراني (1937): "كان في نبع ميّ قريب من النبي شعيب، هذا كان النبع الرئيسي وفي كمان نبع بوادي الليمون. حطين كان فيها بساتين وبيارات على الميّ، مزروعة ليمون ورمان ومشمش وخوخ. سقي البساتين كان مقسم حسب ساعات وحسب مساحة الأرض، اللي يسقي بالليل واللي بالنهار، كان في لجنة بالبلد اللي مسؤولة عن الريّ، كل واحد حسب مساحة أرضه. قسطل حطـين كان صغير، الناس ما كانت تروح عليه كثير، هو عبارة عن نبعة صغيرة مسحوبة بمواسير من العين الفوقى حتى يقربوها على الحارة التحتى. هاي العيون كانت تسقي معظم أرض الريّ، تتفرع بقناة من باطون وتحوم البلد من الشرق والغرب والشمال، كان اللي بدّه يستعمل الميّ للعمار يوخذ من القناة اللي جنب الباب، حتى الأولاد كانوا يسبحوا فيها لأنه القناة كانت ماشية كل الوقت".
تمـــوز 1948
في ليل 16/17 تموز 1948، مباشرة بعد وصول الأنباء عن سقوط الناصرة ومغادرة جيش الأنقاذ لها، غادر معظم اهالي حطين قريتهم. وكان ذلك بعد اكثر من شهر من المواجهات مع القوات الاسرائيلية. عن نكبة حطين حدثني توفيق حوراني: "أجا على حطين حوالي 30 جندي من جيش الإنقاذ وعملوا إستحكامات بقرني حطين لأنه هناك كان مركز إستراتيجي وموقع محصّن. المقاومه بحطين كانت قوية مع انه سلاحهم كان خربان ومبرّد، كانت الشباب تطلع حراسة حوالي البلد من الشرق وعلى الطريق الرئيسي من اتجاه طبريا. بال 48 هاجم اليهود لوبيا من إتجاهين، من الشجرة وطبريا، من طبريا كان الهجوم بالمصفحات ومن الشجرة مشاة، وقتلوا 16 شاب من المدافعين، لما وصلت المصفحات لأول لوبيا اجت نجدة من كل البلاد، اهل حطين نزلوا على الشارع الرئيسي بين طبريا والناصرة وسكروا الشارع وانسحبت مصفحات اليهود، وقدروا انه يعطلوا مصفحة واحدة ويحرقوها، هاي كانت معركة قرني حطين، خلال المعركة استشهد محمد الحطيني. بعدها رجع اليهود وجمّعوا قواتهم وتوغلوا على بعد كيلو من قرن حطين وتحصنوا هناك حتى يهجموا على حطين، اهل البلد قاوموهم وانقتل يهودي والباقي انسحب.
لما سقطت الناصرة وصفورية والمنطقة الجنوبية ، حسينا بالخوف، الثوار والجيش العربي انسحبوا، وأهل البلد حست بالخوف وطلعت. أهل حطين ولوبيا طلعوا سوا، طلعنا بدون مقاومة، الناس كلها طلعت مع بعض، حملت فراشها وأغراضها على الحصن والحمير ورحلت. بقي حوالي ثمانية ختيارية عاجزين، قسم منهم أولادهم رجعولهم وحملوهم على الدابة، واثنين منهم ماتوا وقبروهم هناك".
وتضيف سمية حوراني (1937) قائلة: "لما رحلنا نمنا ليلة بالزيتون شمالي البلد، ثاني يوم رجعت على حطين أنا واختي على الحمير حتى نخبز بالطابون، لما وصلنا عند الجامع صاروا يطخوا علينا من فوق من قرن حطين، بذكر كانوا اربع خيالة لابسين أبيض، الناس نادت علينا نرجع، بالبداية ما ردينا، بس بعد ما طخوا علينا واجت الرصاصة بالمسمدة وفاتت بالعجينات، خفنا ورجعنا. بعدها رحنا على وادي سلامة، سكنا أسبوع تحت الزيتون، تروح الناس على حطين بالليل تجيب اكل واغراض من بيوتها وترجع، بعدها أبوي إستأجر بيت بعيلبون وسكنا فيها لليوم.
المصدر: شبكة بيت الذاكرة الفلسطينية