المظاهرات تعزز صلة الفلسطينيين بأرضهم
أضحت حكاية الأرض مع صاحبها الفلسطيني كقصة عشق بين محب ومحبوبته، وتحولت هذه الحكاية لما هو أبعد من ذلك، خاصة مع انطلاق المظاهرات الشعبية الأسبوعية التي عززت صلة المواطنين بأرضهم.
وعرفت المظاهرات الأسبوعية بكونها أحد أشكال المقاومة الشعبية وهي الفعاليات التي أخذت تمتد في كل مناطق الضفة الغربية، لتصل لنحو ثلاثين موقعا انتفضت ضد الاحتلال الإسرائيلي وسياساته العنصرية والتهويدية عبر الجدار والاستيطان وما إلى ذلك.
ورغم أنها حديثة العهد، فإن هذه المظاهرات أخذت طريقها في قرية سبسطية شمال مدينة نابلس، وبات مئات المواطنين والناشطين يخرجون أسبوعيا رفضا للزحف الاستيطاني الذي تفرضه مستوطنة "شافي شمرون" المقامة على أراضيهم وأراضي القرى المجاورة منذ ثمانينيات القرن الماضي.
عشق الأرض
وللأسبوع الرابع على التوالي، يصطحب المواطن مجد طلال شحادة (63 عاما) أسرته إلى هذه المظاهرة التي تنظم بجانب أرضه المصادرة، ويطلع أطفاله على حدودها شرقا وغربا ويستذكر معهم قصة تهويدها.
ويروي الحاج أبو طلال شحادة -التي غطت هذه المظاهرة تزامنا مع الذكرى السابعة والثلاثين ليوم الأرض الفلسطيني- أن أرضه التي تزيد عن 120 دونما (الدونم يساوي 1000 متر مربع) صادرها الاحتلال عام 2002، لإقامة المستوطنة "وهذا يؤكد تصاعد سياسات تهويد الأرض".
ويضيف أن هذه المظاهرة تعد أمرا ضروريا لبعث رسائل إلى الاحتلال بوقف استنزافه للأرض عبر طرق ممنهجة وسياسات مختلفة.
وهذه المظاهرات في نظر زوجته أم طلال نوع من الصمود والتحدي والمواظبة على التذكير بالأرض وحمايتها من غول الاستيطان، وقالت "الأرض كانت بالنسبة لي ولأسرتي أكثر من مصدر دخل نعتاش منه".
وأضافت أنها ومنذ عودتها وأسرتها من دولة الكويت عقب حرب الخليج عام 1990، سعت جاهدة لاستخراج لمّ شمل (إقامة) لزوجها الذي لم يكن يملكها آنذاك، "وأرادت إرجاعه لأرضه وبلده خشية أن يبقى متعلقا بأوهام الهجرة والعمل بالخارج الذي لم يكن لينفعنا قطعا".
وتضيف عائلة شحادة أنها لم تكن لتتمكن من الوصول إلى محيط أرضها المصادرة والاعتصام بها وحدها دون هذا الوجود الجماهيري المساند.
استنزاف الأرض
وتمنع هذه المظاهرات -كما يقول الدكتور نائل الشاعر رئيس بلدة سبسطية- أي استنزاف لتهويد أراضي القرية.
وأوضح أن توسيع المستوطنة تضاعف بشكل مخيف ويستمر الآن بنفس النهج، ويستخدم الإسرائيليون طرقا مختلفة لطرد المواطنين كحرق المحاصيل وقطع الأشجار، "والآن يطلقون مياه المجاري تمهيدا لتدمير الأرض وتسهيل مصادرتها"، وبالتالي كان لا بد من هذا الحراك الشعبي لفضح الاحتلال وممارساته.
واللافت أن هذه المظاهرات باتت سياسة فلسطينية سواء من حيث تنظيمها بشكل أسبوعي وعبر المشاركات المختلفة لقوى المجتمع المدني والأهلي والمتضامنين الأجانب الذين تعكس مشاركتهم رسائل مختلفة، وطريقة التظاهر نفسها والقضايا المطروحة إضافة لمصادرة الأرض كالأسرى والوحدة الوطنية.
ويواكب أي مظاهرة -إضافة للتصدي المباشر لجنود الاحتلال- زراعة الأشجار وحراثة الأرض خاصة تلك التي يهاب أصحابها الوصول إليها بمفردهم، وإقامة الصلوات الجماعية.
ويرى الدكتور مصطفى البرغوثي الناشط في المقاومة الشعبية أن "المظاهرات هي أحد أشكال المقاومة الشعبية وليست كلها، وقد أضحت الخيار الوحيد للشعب الفلسطيني بعيدا عن وهم المفاوضات، بفرض سياساته على الأرض كما يفرض الاحتلال سياسة الأمر الواقع".
والمطلوب -في رأي البرغوثي الذي تحدث- هو أن يتم دعم هذه المظاهرات بكل الأشكال ابتداء من المشاركة الرسمية فيها، وانتهاء بتقديم الدعم للمزارع وأرضه ودعم صموده بها، والمساعدة في إعمارها كي لا تسهل عمليات التهويد التي طالت أكثر من ثلثيْ مساحة الضفة الغربية البالغة 6500 كلم مربع تحت ذرائع وحجج واهية، كتصنيفها لمناطق عسكرية مغلقة ومناطق "سي"، وبالتالي مصادرة 62% من أراضي الضفة تحت هذا البند.
وتتركز غالبية هذه المظاهرات الأسبوعية في عدة قرى أهمها بلعين والمعصرة وبورين وكفر قدوم، لكنها تتوسع كل يوم وتصل لمناطق أخرى.
المصدر: الجزيرة نت