جديدنا: وثيقة - مركز الوثائق الفلسطيني
مزيج من السحر والإثارة يمكن الشعور به عند التجول في المتحف الشخصي الفريد الذي أقامه المواطن مروان شهوان في قبو أحد المنازل في مدينة خان يونس جنوب قطاع غزة، لتنتقل من قطعة لأخرى ومن ركن لآخر كأنك تنتقل عبر الزمن والحضارات. فعلى مدار أكثر من 30 عاما، نجح شهوان في جمع أكثر من عشرة آلاف قطعة أثرية ليحولها إلى متحف شخصي رسم فيه عشقه للآثار، ليتحول إلى قبلة للمهتمين والشغوفين بالآثار وعلومها. وأكد شهوان، أن رحلته مع جمع الآثار بدأت قبل ثلاثين عاماً عندما اشترى تحفة نحاسية على شكل براد من السوق ليكتشف لاحقا أنها ثمينة وتعود لعهود قديمة. وهكذا بدأت بين شهوان وبين الآثار قصة عشق لا متناهية، جمع خلالها آلاف القطع والتحف من حقب تاريخية تروي تاريخ سبع حضارات مرت على فلسطين ومحيطها، فهناك قطع يونانية ورومانية وفرعونية وبيزنطية وإسلامية ومملوكية وعثمانية. وفور الهبوط للمتحف تقع عيناك على جسر حديدي عثماني علق بالسقف وقد نقش عليه "من خيرات أمير المؤمنين السلطان الغازي الثاني عز نصره"، ويسجل مناسبة لافتتاح سكة حديد ربطت غزة بالحجاز، تستحضر تاريخاً مجيداً لهذه المدينة وكيف كانت أمور السفر والتنقل متيسرة منها إلى العالم، فيما تعيش اليوم في القرن الحادي والعشرين تحت حصار قاس يحرم أهلها من حرية الحركة. ويضم المتحف أنواعا متعددة من الأواني الفخارية، من عهود تاريخية مختلفة، وأداوت زراعية متعددة الأشكال والصناعات إلى جانب سلال وقيود حديدية مختلفة، وسُرُج الأحصنة، والأقفال المعلقة على مدخل السرداب. ولدى الدخول للمتحف يقابلك محراث زراعي نادر ومحاريث أخرى يدوية الصنع عرفها المزارع الفلسطيني، وفخاخ لصيد الطيور، وجرة معدنية يدوية الصنع لحفظ الدواء. يتحدث شهوان الذي يعمل في مجال النجارة وفن الجبس والمنحوتات، بعشق عن كل قطعة أثرية جمعها، والرحلة المضنية التي عاشها على مدار 30 عاماً حتى كون هذا المتحف الذي يرصد تاريخ ما لا يقل عن 7 حضارات مرت بفلسطين ومحيطها. يقف شهوان قرب قطع صخرية ويقول بفخر إنه نجح بالحصول عليها، موضحاً أنها أجزاء من غرفة لملك روماني نقشت صورته على قطعة منها، وقطع أخرى من بلاط حمام ملكي يعود للعهد الروماني. ويقول شهوان إنه جمع أكثر من عشرة آلاف من القطع النحاسية والصخرية والجلدية والتراثية وطيور وثعالب محنطة ومكن خياطة قديمة ومناشير وسلحفاة كبيرة الحجم وبوصلة لتحديد الاتجاهات، وقام بتنسيقها وترتيبها وعرضها في أجنحة ضمن القبو ليقدم من خلالها جولة عبر التاريخ. ومن الأجنحة المتميزة في المتحف، الجناح المخصص للوسائل القتالية القديمة، الذي شمل طبول الحرب وقذائف المنجنيق الصخرية كروية الشكل، والرماح والسيوف والدروع والألغام، إضافة إلى أسلحة وصناديق رصاص تعود لفترة الاحتلال البريطاني، والتي تم عرضها بطريقة تأخذك عبر التاريخ مئات السنين للخلف.
وعلى صخرة في المكان، وضعت أسلحة وملابس عسكرية بيزنطية تتنوع ما بين السيوف والرماح والحراب والدروع، بالإضافة إلى بعض الخناجر والسيوف العثمانية. ويضم المتحف جناحا خصص للتراث الفلسطيني وضعت فيه الملبوسات الفلسطينية القديمة وفراش وأثاث وأبسطة وأغطية كانت تستخدم في المجالس والبيوت، إضافة الى آلات العزف والدف لإحياء المناسبات والأعراس الشعبية. كما حوى مطاحن صخرية للقمح وأحواض غطس للأطفال ومسامير حديدية طويلة كانت تستخدم في صناعة السفن والمراكب وقطع برونزية ونحاسية. وعلى أرفف خشبية حملت أواني نحاسية نادرة وأباريق وبكارج قهوة وأسرجة زيتية للإضاءة وتحف متنوعة وغلايين التدخين وأدوات الحلاقة القديمة ومكاييل الوزن النحاسية وربع صاع كتب عليه "مد نبوي" وهو يعود الى العهد الإسلامي. ويقول شهوان إنه شارك في العديد من المعارض المحلية التي نظمتها وزارة السياحة والآثار، وحصل على العديد من الشهادات التكريمية لحرصه على حفظ التراث الفلسطيني من الاندثار، مبدياً أمله أن يجد دعماً لتكبير المتحف وإيجاد مكان أكثر ملائمة له. ومع ذيوع المتحف، بدأت الوفود تتقاطر عليه، سواء من خبراء ومهتمين بالآثار أو من وسائل الإعلام فيما تشهد التعليقات التي يكتبها الزوار والخبراء في سجل الزوار مدى الإعجاب بهذا العمل الفردي المميز.
المصدر: المركز الفلسطيني للإعلام