في أحد أيام العمل الروتينية لمؤسسة "هوية" (مؤسّسة أهليّة فلسطينيّة مقرها لبنان)، وبين آلاف الوثائق الفلسطينية المتناثرة في الأرشيف، برزت وثيقة غير عادية: طلب رسمي لأحد المعلمين الفلسطينيين، الأستاذ محمد حسن الصفوري، للمشاركة في مباراة دولية لكرة القدم في سوريا خلال فترة الانتداب البريطاني.
وفي هذا السياق، يقول المدير التنفيذي لـ"هوية"، محمد أبو ليلى، في حديث خاص لـ"قدس برس" إن "الوثيقة كانت مثيرة للاهتمام؛ ليس فقط لأنها تبرز جانبًا مختلفًا من حياة الفلسطينيين في تلك الفترة، بل لأنها قدّمت مفتاحًا لقصة عائلية ملهمة استمرت جذورها على الرغم من النكبة والشتات".
وأشار أبو ليلى إلى أن "رحلة فريق (هوية) بدأت بتواصل مع أحد أبناء عائلة صفوري المقيمين في الكويت، الذي أكّد أن عائلته أصلها من قرية صفورية المهجّرة، لكنها انتقلت إلى مدينة حيفا قبل النكبة، عندما سُئل عما إذا كان يعرف معلماً يُدعى محمد حسن الصفوري، ظن في البداية أن والده أحمد هو المقصود، لأنه كان معلماً ولاعب كرة قدم أيضًا، ولكن بعد التحقق وإرسال الوثيقة إليه، اكتشف أن المعلم المذكور هو عمه، شقيق والده".
وأضاف أن "هذا الاكتشاف فتح الباب لتوثيق شجرة عائلة الصفوري، إذ بدأ الفريق بالتعاون مع ابن العائلة في جمع الصور والوثائق العائلية، مما أعاد إحياء ذاكرة تاريخية غابت عن أذهان الجيل الجديد".
وتابع بالقول إنّه "بعد فترة من العمل، زوّدنا ابن العائلة بمجموعة من الوثائق الأخرى، من بينها جوازات سفر قديمة تحمل اسم (الشيخ حسين) بدلاً من (صفوري)، وكان هذا الاكتشاف مفاجئًا، إذ كشف أن عائلة الصفوري وعائلة الشيخ حسين هما في الواقع عائلة واحدة، لكن انتقالهم من قرية صفورية إلى حيفا قبل النكبة أدى إلى تغيير الاسم".
ولفت إلى أنه "لتوثيق هذا الربط، تواصلنا مع أفراد من عائلة الشيخ حسين، الذين يقيمون في لبنان، من بينهم الحاج محمد حسن مصطفى الشيخ حسين، أحد شهود النكبة".
وأضاف أن "الحاج في مقابلة شفوية أكد أن العائلتين تعودان لجذر واحد"، وأشار إلى أن "خاله رزق الصفوري بقي في القدس بعد النكبة".
وتابع "بعد نشر المقابلة في وسائل الإعلام، تواصل حفيد رزق الصفوري من القدس مع عائلة الشيخ حسين في لبنان والكويت، وبفضل هذا العمل، توحّدت فروع العائلة التي فرّقتها الجغرافيا واللجوء، حيث استعاد أفرادها روابطهم وأعادوا بناء شبكة التواصل بين الأجيال المختلفة".
وفي هذا الإطار، قال محمد أبو ليلى إن "هذه القصة ليست سوى نموذج صغير من عمل "هوية"، المشروع الوطني للحفاظ على جذور العائلة الفلسطينية، الذي تأسس بهدف توثيق التاريخ العائلي الفلسطيني وتعزيز الانتماء الوطني عبر سرد الروايات الشخصية والجماعية للعائلات الفلسطينية، سواء في الداخل أو الشتات".
وأكد على أن مؤسسة "هوية" تسعى من خلال عملها الدؤوب إلى "تعزيز الوعي بعمق الجذور الفلسطينية، وتمكين كل عائلة فلسطينية من امتلاك رواية موثقة وشاملة عن تاريخها، كما تهدف إلى ضمان أن تكون هذه الروايات مدعومة بالأدلة والشواهد التاريخية، مما يُرسّخ حقوق الفلسطينيين في وطنهم وفي العودة إليه".
وأوضح أن "قصة عائلة الصفوري والشيخ حسين ليست سوى واحدة من مئات القصص التي تُبرز كيف يُمكن لتوثيق التاريخ أن يُعيد وصل ما انقطع بفعل التهجير والتشريد".
ويبلغ عدد اللاجئين الفلسطينيين المسجلين لدى وكالة "أونروا" في لبنان، حوالي 450 ألفا، يعيش معظمهم في 12 مخيما رسميا للاجئين الفلسطينيين.
لدخول الى الخبر الرجاء الضغط على الرابط التالي
لبنان.. مشروع "هوية".. توثيق التاريخ ولمّ شمل العائلات الفلسطينية - وكالة قدس برس للأنباء
المصدر: القدس برس