بيروت – خاص المركز الفلسطيني للإعلام
مع مطلع عام 2025، يكمل المشروع الوطني للحفاظ على جذور العائلة الفلسطينية “هوية” مسيرة 14 عاما في توثيق تاريخ وجذور العائلات الفلسطينية، مخلِّفًا إرثًا غنيًا من الحكايات والبصمات التي تعزز الروابط الأسرية وتؤكد عمق ارتباطها بأرض الوطن.
يتذكر مؤسس المشروع ياسر قدورة، في حديث لـ “المركز الفلسطيني للإعلام” أبرز خمس قصص صادفته خلال تلك السنين.
لقاء يعيد الوصال بين عائلة زعطوط
يروي قدورة: عندما زرنا الحاج مروان زعطوط، اللاجئ من قرية طيرة حيفا والمقيم في صيدا، لجمع شجرة عائلته، بدت زيارتنا عادية. استكملنا جمع الوثائق والصور ونشرنا خلاصة اللقاء عبر وسائل التواصل. لكن المفاجأة حدثت حين كشفت شجرة العائلة أن جزءاً من عائلته بقي داخل فلسطين، بينهم رمزي، ابن العم الذي لم يغادر.
بعد أيام، تواصلت معنا طالبة فلسطينية من إيطاليا، اكتشفت من شجرة العائلة أن والدها رمزي هو ابن عم الحاج مروان. لاحقاً، عاد الاتصال بين مروان وابن عمه في حيفا بعد عقود من الفراق.
عائلة زعطوط أصبحت رمزاً لوحدة الشتات الفلسطيني بفضل شجرة العائلة، التي جمعت صورهم من لبنان، حيفا، سوريا، وبلغاريا.
صورة تعيد وصال صديقين
حسن أيوب غادر مع عائلته قرية سحماتا رضيعًا بعمر السنة، لكنه حمل إرثًا ظل حيًا في حقيبة والده محمود أيوب. خلال مقابلة مع “هوية”، أخرج حسن صورتين: الأولى لوالده بزي الشرطة الفلسطينية، والثانية لصديقه محمد جندل من قرية البصة، موقعة عام 1947.
طلب حسن من الفريق البحث عن عائلة جندل وفاءً لذكرى والده. بعد شهور، التقينا بمحمد جندل نفسه، الذي تجاوز الثمانين. عند رؤيته الصورة، بكى بحرقة قائلاً: “هذا صديقي محمود أيوب!” وعدّ حسن بمنزلة ابنه. لاحقًا، زار حسن محمد قادمًا من الإمارات، لتعيد صورة واحدة بعد سبعة عقود وصل ما فرقته النكبة، وتُطلق “هوية” مشروع “بنك صور شهود النكبة”.
وثيقة ولادة دليل الارتباط بفلسطين
بين آلاف الوثائق التي استخرجناها من الأرشيفات، لفتتنا وثيقة ولادة صادرة عام 1945 في مستشفى حيفا، تحمل اسم أحمد نمر عبيد، لرجل من بلدة برعشيت بجنوب لبنان. قررنا إيصال هذه الوثيقة إلى أصحابها، يقول قدورة.
يضيف: بدأنا بالبحث عبر صفحات الإنترنت الخاصة ببلدة برعشيت، وراسلنا أفرادًا من عائلة عبيد. بعد يومين، وصلنا رد من أحدهم يخبرنا أن أحمد قد توفي منذ عام، لكنه أعطانا رقم هاتف ابنه المقيم في الكويت.
يتابع: تواصلنا مع الابن، وأرسلنا له نسخة من الوثيقة. لم تمضِ دقائق حتى اتصل، ممتنًا لهذه “الهدية الثمينة”، التي عدّها شهادة على ارتباط عائلته التاريخي بفلسطين.
نُشرت القصة في الإعلام، لتكون مثالًا على كيف تُعيد “هوية” وصل ما فرقته النكبة، ولتعزز علاقة شعبين جمعهما التاريخ وحسن الجوار.
الخليل .. مقابلة تحيي التواصل
حول القصة الرابعة يروي: وصلتنا رسالة مفاجئة عبر فيسبوك من عائلة الخليل في وعرة المزيريب قضاء الناصرة. أخبرونا أنهم شاهدوا مقابلة مع خالتهم، التي فقدوا أخبارها منذ النكبة عام 1948، ويرغبون بشدة بالتواصل معها. عدنا إلى أرشيفنا ووجدنا أن المقابلة كانت مع الحاجة ذيبة الخليل، أجريت قبل خمس سنوات في مخيم عين الحلوة.
يضيف: سارعنا بالبحث عنها، لكننا تلقينا الخبر المحزن: الحاجة ذيبة رحلت عن الدنيا. لم يتوقف الأمل هنا، فقد تواصلنا مع ابنها من عائلة كنعان، الذي غمره الفرح وعبر عن شوقه للقاء عائلة والدته.
يتابع: نظمنا لقاءً افتراضيًا عبر “زووم”، كان حافلًا بالعواطف والدموع. ولم يتوقف الأمر هناك، إذ اجتمعت العائلة لاحقًا وجهًا لوجه في الأردن، لتعيد لحظات كان الاحتلال قد سرقها. هكذا صار برنامج التاريخ الشفوي جسرًا يربط ما فرقته النكبة.
سالم .. قائد فذ
أم القصة الخامسة، فيقول: بينما كنا نعمل على مجموعة من الوثائق التاريخية، وقعنا على مذكرة توقيف قديمة تعود لعام 1939 بحق سالم محمد السيخ من قرية دورا قضاء الخليل، متهمًا بالهروب من سجن عكا. للوهلة الأولى، بدا وكأنه شخص فارّ من وجه العدالة، خصوصًا أن العديد من المذكرات كانت تخص أشخاصًا متهمين بجرائم جنائية.
يضيف: بحثنا عن معلومات إضافية من أبناء قرية دورا، وفوجئنا برسائل تتحدث عن سالم كقائد فذ ومجاهد نبيل تشهد له جبال الخليل بنضاله ضد الاحتلال البريطاني. أدركنا سريعًا أن المذكرة كانت جزءًا من سياسة بريطانية لتشويه صورة المقاومين، تمامًا كما يفعل الاحتلال الإسرائيلي اليوم.
خلال مسيرتها، نشرت “هوية” أكثر من 38 ألف صورة، منها 6 آلاف صورة توثّق المدن والقرى الفلسطينية، و32 ألف صورة تتعلق بالعائلات الفلسطينية.
كما خصصت المؤسسة مشروعاً بعنوان “بنك صور شهود النكبة”، جمعت فيه أكثر من 5 آلاف صورة لشهود النكبة تحت شعار “كي لا يكونوا أرقاماً”.
يهدف المشروع إلى التأكيد على أن هؤلاء الشهود ليسوا مجرد أرقام في الإحصاءات، بل أشخاص معروفون بالاسم والصورة، يحملون رواياتهم وشهاداتهم للأجيال القادمة.
اقرأ المزيد عبر المركز الفلسطيني للإعلام:
https://palinfo.com/news/2025/01/12/934711/