شعب
كانت شَعَب قرية يسكنها نحو 1700 نسمة، وتقع في منطقة عكا، وهي مشهورة بزيتونها. وقد أعطاني ز.ك.، الذي يمارس مهنة التعليم حالياً في لبنان ويدرس التاريخ في أوقات فراغه، وصفاً لقريته يستحق أن يقتطف بأكمله بوصفه سجلاً تاريخياً موثوقاً فيه:
((ولدت في مدينة عكا سنة 1936 بعد أن كان والدي قد ترك شَعَب للعمل في مصنع للكبريت. وكان عادة يبيع السمنة والزيت الذي يجلبه معه من القرية. وكان من تقاليد القرية أنه عندما يولد الطفل الأول، وخاصة إذا كان صبياً، أن يأخذه جداه للعيش معهما. كنت أحب القرية وأكره أن أعود إلى المدينة. كانوا يقولون لي على سبيل المداعبة أنهم سوف يعيدونني إلى عكا، فكنت أصرخ وأسبّ وأشتم لأعبر عن غضبي..
في القرية، كنت عادة آخذ الحصان ليشرب، وأستمع إلى الناس وهم يتحدثون لأن منزل جدي كان في وسط القرية، وكان هذا المنزل هو ((المهوى)) أي المكان الذي يجتمع فيه الناس. وبالقرب منه خان ينزل المسافرون فيه. وأذكر أنهم كانوا يأتون من لبنان وسوريا، وخاصة من برجا (قرية لبنانية في إقليم الخروب)، ومعهم بضائع ليبيعوها في القرى. وكانوا أحياناً ينزلون ضيوفاً في منزل جدي.. وأذكر أن منزل جدي كان أحد أوسع منازل القرية: أقواس عالية ومكان لتخزين الزيت والفواكه المجففة، وموقد نجتمع حوله في الليل لنستمع إلى الحكايات التي ترويها عمتي وجدي وجدتي، وغرفة واسعة منفصلة للضيوف؛ اسمها ((المضافة)) يقابلها مكان الحيوانات، من بقر وخيول، ولعلف الحيوانات والتبن. وكان للمنزل مدخل واحد فقط له باب يقفل بقضبان حديدية ضخمة..
وكان خارج المنزل منطقة مرتفعة يجتمعون عليها ليناقشوا الأخبار، وأذكر أن أحد الرجال الكبار كان يقرأ، بصوت عال، الجريدة التي كانت تصل القرية بعد الظهر. وكان هنالك باص يذهب إلى المدينة ثلاث مرات في اليوم، أو كان الناس يذهبون على ظهور الخيل، ويحملون معهم، عادة، إلى عكا وحيفا منتجات القرية من بيض ودجاج وتين وعنب.
كان من عادة أهل القرية أن يحتفلوا معاً بالمناسبات السعيدة، كالأعراس مثلاً حين كان كل الناس يجتمعون ويغنون العتابا والميجانا ويرقصون الدبكة. وكانوا يعملون ((السحجة))، وهي الاحتفال الذي يأخذون فيه العريس ويطوفون به القرية ثم يأخذونه إلى البيدر ثم إلى بيته، العريس فوق الحصان والرجال يمشون وراءه وهم يرددون الأغاني. وبعد ذلك يحضرون العروس على ظهر حصان إلى منزل العريس، والنساء من خلفها يرددن الأغاني. وإذا كانت عائلة العريس غنية، تقام الأفراح طيلة أربعين يوماً بعد الخطوبة. وفي اليوم الأربعين، كانوا يذبحون الذبائح ويدعون أهل القرية إلى العشاء.
كان منزل كبير ((الحَمولة)) المكان الذي يجتمع فيه أفرادها، وخاصة في أوقات الأعياد الرسمية. وكان عليه أن يكون مستعداً لأن يذبح عدة أغنام وأن يدعو كل فرد من أفراد العائلة إلى الأكل. كان جدي لا يقبل أن يغيب أحد من العائلة. وكانوا عادة عندما يجتمعون، خاصة في ليالي الشتاء، يعدون المأكولات الخاصة: ((قرصة)) مع سمنة وسكر، ((زلابية))، ((بسيسة))، ((معكرونة))، ((قراقيش)) (ملاتيت ولزقة)، وغير ذلك الكثير. وكانت هذه المأكولات تتألف من أشياء بسيطة: طحين، زيت، سكر. ولكنهم كانوا يزينونها وكأنها أعمال فنية. وكان جدي يقوم بنفسه بتقطيعها بواسطة سكين تشذيب الأشجار التي كان يحملها في حزامه الجلدي، مثلما كان يفعل جميع الفلاحين.
وكانوا يحبون أكلة أخرى هي ((المسخن))، المصنوع من الخبز المغطى بالزيت والبصل والدجاج والبهارات المطبوخ في فرن خاص مصنوع من الطين المجفف، يسمى ((طابون)). وكان ((المسخن)) يعتبر أحسن هدية يمكن أن يرسلها المرء إلى أهل القرية الذين كانوا يعيشون في المدينة لأنهم لم يكونوا يستطيعون عمله هناك.
2- اسم القرية
شَعَب بالفتح. قد تكون عربية من ((شعب الشيء)) بمعنى جمعه. فرقه. أصلحه. أفسده (ضد). وقد تكون تحريف ((Saab)) القرية التي كانت تعرف بهذا الاسم أيام الرومان وتقوم عليها شَعَب الحالية. أو من شَعْب بسكون العين وهو بطن من ((همدان)) نزلوا هذه الجهات فخلدوا اسمهم في هذا الموقع.
3- موقع القرية
تقع قرية شَعَب في الجنوب الشرقي من عكا وعلى بُعد نحو 26كلم عنها كما ورد في بعض المراجع. تعلو 100 متر عن سطح البحر، وميعار أقرب قرية لها. مساحتها 231دونماً. وهي بذلك ثالثة قرى القضاء في مساحتها.
تقع قرية شَعَب على مجرى وادي الحلزون الشرقي، حيث يبدأ بالاتساع عند اقترابه من سهل عكا. كانت قرية في ولاية شاغور عرّابة التابعة لمملكة صفد المملوكية.
عائلات شَعَب
أ. الحارة الشرقية ب. الحارة الغربية ج. حارة النصارى
|
1. أيوب 7. فاعور 18. عبود
|
2.الشيخ محمد 8. الخطيب 19. نقولا
|
3.حمزة 9. حسين 20. مبدّى
|
4.دلة (الحرامي) 10. زيتون (فروع) 21. شحادة الفاعور (بدو)
|
5. حسين شحادة 11. غضبان 22. هدهود
|
6. عباس 12. كعكوش 23. الحاج حسن
|
13. أبو عرب
|
14. الميعاري
|
15. أبو الهيجا
|
16. الخوالد
|
17. الحاج علي
|
العائلات الآن
وفي سجلات الأونروا في العام 2003، يوجد 109 عائلات من شَعَب، يبلغ مجموع أسرهم 1241 أسرة وأفرادهم حوالي 5300 شخص. إلا أن الرقم 109 مبالغ فيه جداً، ذلك لأن الكتابة باللغة الإنجليزية أدخلهم في متاهات إملائية، فاسم عائلة شحيبر مثلاً تكرر ست مرات، كل مرة بحروف مختلفة. هذا عدا عن الأخطاء الإحصائية بأسماء العائلات، والتي أخطأ من أجرى الإحصاء معهم بين اسم العائلة واللقب، بالإضافة إلى أن الشخص كان يُعرف باسم أبيه وليس حمولته، وتسبب ذلك بإشكالات كبيرة، منها أنه اختلف اسم عائلة الشخص مع عائلة أبيه.. وهكذا.
شهداء شَعَب عام 1948
وقد سقط لشَعَب عدة شهداء في عام النكبة، وفي مناطق مختلفة وأساليب متنوعة. وقد بلغ عدد الشهداء حوالي ثلاثة وعشرين شهيداً توزعوا على احتلال القرية الأول ومعركتي البروة وميعار ومجزرتي مجد الكروم والعائدين إلى القرية، يضاف إليهم ما يناهز سبعة عشر شهيداً من المسنّين غرقوا في مجزرة وحل زبوبا. أن مجمل عدد الشهداء بلغ حوالي أربعين شهيداً سقطوا أثناء النكبة.
عند احتلال شَعَب الأول، حيث نزل إليها اليهود من ميعار المشرفة عليها، وأقاموا فيها ثلاثة أيام، قام اليهود بقتل بعض كبار السن الباقين في القرية، وكان ذلك بين 19-20 تموز 1948، وعند ساعة الإفطار في رمضان، فقتلوا كلاً من:
1- زهرة الموسى (الشيخ محمد).
2- أبو الوحش حسين العلي (الخوالد).
3- الحاجة آمنة الخالد.
عندها أقام المدنيون من أهل القرية في البعنة والدير ومجد الكروم. وبدأت تدور لقاءات واجتماعات بين أهل شباب القرية في القرى المجاورة إلى أن قرروا الهجوم، وحرروها من اليهود وبدأ السكان يعودون لجلب حاجياتهم. فيما تمركز اليهود على التلال المشرفة على القرية من جهة ميعار. وبدأوا يقنصون على القرية.
واستشهد بالقنص من التركيب كل من:
4- فاطمة صالح الموسى (الحاج علي).
5- فاطمة سعيد حميّد.
6- حسين حميد.
وقد استشهد في معركة البروة كل من:
7- كايد محمد سليم أبو الهيجا
8- مصطفى الحاج عبد حمزة.
أما في معركة ميعار فقد استشهد كل من:
9- محمد أحمد عبدالله دلة (ذكر عارف العارف في كتاب النكبة- الجزء السادس أنه سقط في معركة حيفا في 18/4/1948، والصحيح أنه سقط في معركة ميعار).
10- سعيد أحمد طافش.
11- مصطفى الصفي.
وفي مجد الكروم ارتكب العدو مجزرة ذهب ضحيتها تسعة رجال وامرأتان، وكان بين الرجال ثلاثة من شَعَب، وبين النساء امرأة وهم:
12- لطفية علي العايشة، كانت في بيت تحضر العجين وتلقت رصاصة من قناص.
13- محمد العرابي (وكان له ولد عمره 12 يوماً فقط، خرج مع أمه في النكبة وسكن في مخيم برج الشمالي في صور جنوب لبنان).
14- محمود محمد طه الخطيب.
15- علي أسعد عبد الشيخ محمد.
ونقل د.سلمان أبو ستة في تقريراً لضابط من مراقبي الهدنة يروي فيها وقائع شهادات من مجزرة مجد الكروم، ويذكر فيها أن عدد الشهداء من رجال شَعَب أربعة، غير أن ذلك يعود إلى خلط في الأسماء لصاحب التقرير، وقد لوحظ اختلاف الأسماء بسبب الترجمة كما ذكر أبو ستة في نهاية اقتطافه للشهادة (التقرير). فقد ذكر التقرير الذي أغفل اسم (لطفية على العايشة) أسمَي شهيدين لشخص واحد هما: علي أسعد عبد أسد وعلي محمد أسعد..
وخروج الناس متفرقين جعل جمع عدد الشهداء صعباً، فهناك مجموعة خرجت عن طريق سحماتا وقصفتها الطائرات الإسرائيلية فقتل فيها:
16- أمين حميد، وجرحت ابنته التي ما زالت حتى اليوم يظهر أثر الإصابة في مشيتها.
وحين قيل للناس أن النزوح سيكون لبضعة أيام، خرجت الناس بما خفّ حمله وغلا ثمنه، ولما طالت رحلة النزوح، بدأ الناس يعودون إلى القرية لجلب الحاجيات التي لم يظنوا أنهم سيحتاجونها، وعاد بعضهم حين قيل إن اليهود يعطون بطاقات لمن يريد أن يستقر. وكان العدو يقتل البعض ويلقي القبض على البعض الآخر، وكان يلقي بمن يعتقلهم في منطقة نابلس.
وقد استشهد من العائدين كل من:
17- محمد عبد الرزاق الخوالد (أبو لافي).
18- محمد عبد عباس.
19- يحيى محمد الحاج أسعد فاعور،
20- عطا محمد الأسدي،
21- سعيد رشيد الشيخ محمد (رعيدي)،
22- محمد أسعد خزنة الخوالد.
23- محمود الخوالد (أبو فخري)، قتله اليهود في القرية لأنه كان ينتعل البسطار (حذاء عسكري يهودي)، وكانت قد جرت العادة أنه كلما قتل أحد من اليهود كان يتم سلب حاجياته ويغنمها من يأخذها، ويبدو أن أبو فخري لم يكن يدرك الأمر جيداً، وحين رآه اليهود قتلوه.
بالإضافة إلى الذين قضوا في مجزرة زبوبا..
من كتاب: شعب وحاميتها
ياسر أحمد علي