السميرية
القرية قبل الاغتصاب
كانت القرية تقوم على تل من الحجر الرملي قرب شاطئ البحر الأبيض المتوسط. وكان يقع إلى الجنوب منها قنوات الكابري الأثرية التي تمر بوادي المجنونة وتل الزهور وسمي الأخير بهذا الاسم بسبب الزهور البرية الكثيفة التي كانت تغطيه وكان التل بمثابة منطقة تنزه واستجمام لسكان عكا والقرى المجاورة وكانت إحدى قنوات الكابري تمر إلى الغرب من القرية في طريقها إلى عكا. أما القرية فكانت ترتبط بعكا وبرأس الناقورة (ومن ثم بيروت) من خلال الطريق العام الساحلي. وربما كان اسم السميرية( كاتاسير) في العهد الكنعاني وربما اكتسبت اسمها فيما بعد من السامريين وهم فرقة يهودية أمرت بالخروج من منطقة عكا في القرن الثامن عشر فانتقلت إلى نابلس حيث ما زال أتباعها يعيشون وكان الصليبيون يعرفونها باسم سوميليريا .
في أواخر القرن التاسع عشر كانت السميرية تقع في سهل تحيط أشجار الزيتون والتين به. وكان عدد سكانها يقدر ب200- 400 نسمة وكان الكثيرون من منازلها مبنياً بالحجر الرملي، غير ان القليل منها كان مبنياً بالطوب. وكان سكانها جميعهم من المسلمين ولهم فيها مسجد. كما كان فيها مدرسة أسست في سنة 1943 كانت تضم ستين تلميذا تقرياً. وكان بعض سكان القرية يعمل في مقالع الحجارة التابعة للقرية غير أن معظم السكان كان يعمل في الزراعة فيستنبتون الحمضيات والخيار والبطيخ والقمح والسمسم وغيرها من المحاصيل في 1944\ 1945 كان ما مجموعه 632 مخصصا للحمضيات والموز، و6854 دونما للحبوب، و345 دونماً مروياً أو مستخدماً للبساتين. وكان في القرية موقعان أثريان: أحداهما (تل السميرية) يحوي حجارة منحوتة وأرضية من الفسيفساء وقبوراً وأعمدة وتيجان أعمدة حجرية والآخر (أبو عتبة) يحوي مقاماً إسلامياً وبعض قطع السيراميك.
احتلال وتهجير سكانها
احتلت القرية صباح 14 أيار \ مايو 1948 عندما هاجمها لواء كرملي من جهتي الشمال الغربي والجنوب. وحدث ذلك خلال عملية بن عمي( أنظر الغابسية, قضاء عكا). وكتب المؤرخ الإسرائيلي بين موريس يقول إن ذلك تم (مع الإبقاء على الجانب الشرقي من القرية مفتوحاً للسماح للعرب بالهرب وهذا ما حدث بعد أن قصفت الوحدات المهاجمة الموقع وتقدمت نحوه) غير أن المؤرخ الفلسطيني عارف العارف يقول إن القرية سقطت بعد قتال ضار جراءه جميع شبان القرية بعد نفاذ ذخيرتهم أما كتاب(تاريخ الهاغاناه) فيذكر فقط أن القوات نزلت من البحر في نقطة قريبة من القرية وتقدمت لاحتلالها.
أما شهود العيان فإنهم يزودونا تفصيلات تختلف نوعاً ما عما جاء في الروايات أعلاه فقد كان مجاهدو القرية وعددهم 35 تقريباً يدافعون عن القرية إذ باغتتهم وحدة مدرعة تقدمت من الجنوب وقال أحد سكان القرية أن أحد الرجال بدأ إطلاق النار في الهواء ابتهاجاً ظناً منه أنها وحدة تابعة لجيش الإنقاذ العربي، لكن النار أطلقت عليه فاستشهد في الحال. وكان تم إجلاء معظم النساء والأطفال إلى عكا والقرى المجاورة غير أن الرجال حاولوا صد الهجوم من الشمال الغربي قبل انسحابهم، ( تاركين وراءهم الكثير من القتلى والجرحى) وعاد البعض لاحقا لدفن القتلى فلم يسترجع إلا جثة شهيد واحد كانت في الجزء الجنوبي من القرية. وقال أحد الذين عادوا إلى القرية لفترة قصيرة إن القرية كانت في معظمها مدمرة . وهذه الشهادة تؤكدها صورة فوتوغرافية نشرت في صحيفة (نيورك تايمز) بعد أقل من أسبوعين على احتلالها وتبين الدمار الواسع الذي ألحقته (فرق النسق اليهودية بالقرية) وهذه الصورة التقطتها وكالة إسوشييتد برس، وجاء في التعليق الوارد عليها أن القرية كان يستخدمها العرب مركزاً للقنص على الطريق العام المار من الشمال إلى الجنوب.
المغتصبات الاسرائيلية على اراضي القرية
في حزيران \ يونيو 1948 كان الصندوق القومي اليهودي قد شرع في هدم السميرية كلياً بعد الحصول على الإذن في القيام بذلك من رئيس الحكومة دافيد بن آ؟ غوريون. وبعد ذلك التاريخ بسبعة أشهر في 27 كانون الثاني يناير \ 1949، أنشئ كيبوتس على انقاض القرية يعرف باسم لوحمي هغيتأوت (159263)، اي "حماة الغيتو". ويقع هذا الكيبوت، ومستعمرة شمرات (159261) التي أسست في سنة 1948، وعلى أراضي القرية.
أما مستعمرتا سفي تسيون ( 158265)، ورغبا (159264) فهما قريبتان من التخوم الشمالية لأراضي السميرية وتقعان على أراض تابعة لقرية المزرعة العربية التي ما زالت قائمة. وقد أسست شفي تسيون في سنة 1936 كقلعة مسلحة فيها برج للمراقبة. ثم أنشئ حي سكني يسمى شخونات حوف بالقرب منها ودمج فيها سنة 1949 أما رغبا التي أنشت في سنة 1946 , فتقع بالقرب من موقع القرية.
القرية اليوم
لم يبق من السميرية اليوم سوى حجرة واحدة من مسجدها وأجزاء من أحد الأبنية وبعضالحيطان والقناطر من المنازل المتداعية وبعض الأضرحة. أما الجزء المتبقي من المسجدفهو بناء حجري مربع, له سقف مسطح يقوم على بعض العوارض والألواح الخشبية وله بابمقوس مقفل الآن وتغطي معظم الموقع غابة من شجر الكينا, وبالإضافة إلى أعشاب وأشجاربرية. وثمة زريبة للأبقار في الجزء الشمالي من الموقع. أما الأراضي المجاورة فيقومسكان مستعمرة رغبا بزراعتها.
"كتاب كي لا ننسى"
الدكتور وليد الخالدي