جديدنا: وثيقة - مركز الوثائق الفلسطيني
* حاوره: محمد أحمد ابو زبيد: عرف عن الدكتور شحادة علي الناطور اشتغاله بكتابة التاريخ والقصة القصيرة للكبار والصغار وهو يقبع الآن راهبا في صومعته في حي المطلع/ البارحة باربد لا يبارح منزله الا في الحالات الملحة نظرا لوضعه الصحي، بعد ان كان كثير التجوال والترحال، فطاف العديد من الدول منها الولايات المتحدة وكندا وهولندا واليونان وتركيا وبريطانيا وقبرص ومصر وسوريا ولبنان والعراق وغيرها، مما اكسبته بعدا ثقافيا وتجربة انسانية. وقد انجز الناطور أكثر من 15 كتابا في التاريخ والقصة. الدستور حاورته حول تجربته. * ماذا عن طفولتك الأولى؟ - انا ابن العباسية قضاء يافا، وبها قذفت الى الحياة عام 1938م ومن أريج برتقالها تكونت خيوط ذاكرتي الأولى حيث نسيم البحر ابلغ من كل الكلمات، عشت في زمن النكبات، هجِّرنا ولم يمض من عمري عقد، فأِّمتلأ القلب بالآهات والعيون بالدمعات حتى شب الصدر مرهقا من العبرات. خرجنا من العباسية قسرا الى قبية ثم الى نعلين فمزارع النوباني لينتهي بنا المطاف في عقبة جبر وكنا نفترش الغبراء ونلتحف السماء، فأمضينا ثلاث سنوات رأينا فيها من العذاب ما تعجز عن احتوائه مجلدات من الذكريات. درست الابتدائية في العباسية وعقبة جبر وأريحا، وأكملت الثانوية في اربد. * الى أي مدى استفدت من المزاوجة بين الكتابة التاريخية والقصة القصيرة؟ - التاريخ سجل تخطه الاحداث. لما كانت طفولتي مليئة بها، كان لا بد ان اعبر عنها باحدى وسائل الادب، فكانت القصة القصيرة شاهدة على احداث عقد الخمسينيات، فكان ان ترجمت بعبارات رمزية حينا وصريحة احيانا اخرى، كتبت عشرات القصص في الصحف المحلية آنذاك (الدفاع، فلسطين، المنار) واخترت مجموعة منها نشرتها تحت اسم (آه يا وطن) صدرت عن مؤسسة شومان ورابطة الكتاب الأردنيين. * من هم اساتذتك الذين تأثرت بهم؟ - الحياة هي المدرسة الأولى التي تتلمذت على يديها بحلوها ومرها، بليلها ونهارها، تعلمت الكثير من حكايات أبي، تعلمت الصبر فكان معلمي الأول، واذا ما تذكرت شخصيا نقشته الايام في ذاكرتي فهو الاستاذ فؤاد ابو عماشة الذي تأثرت به فغدا لي الاستاذ والمؤدب. * ماذا عن بداياتك في الكتابة؟ - بدأت كتابتي في القصة القصيرة، حيث كنت شاهدا على العصر في بداية الستينيات، فكتبت ما كان يعيشه الفلسطينيون في المخيمات وقرأت في بداية حياتي كتاب »كليلة ودمنة« فتأثرت به وأعجبني فيه سرد الاحداث على لسان الحيوان والطير، ولعل من الطريف ان اكون في هذه الفترة مديرا لمدرسة ابتدائية، فقمت برصد كلمات كتاب القراءة للصفوف الثالث والرابع والخامس والسادس الابتدائي لتتناسب لغة قصصي مع قواميس الاطفال المتواضعة. * ماذا قدمت في مجال دراستك للتاريخ الاسلامي الأموي؟ - كانت دراستي للتاريخ في جامعة دمشق صدفة، وتخرجت منها عام 1965م ثم حصلت على الماجستير من الجامعة اللبنانية عام 1971م وعلى الدكتوراة من الجامعة اليسوعية عام 1981م ثم على دكتوراة الدولة من الجامعة اللبنانية بعد ذلك. وقد كانت رسالة الماجستير الى جانب رسالة الدكتوراة في تاريخ الدولة الأموية وجاء عنوان رسالة الماجستير (الانتفاضة الثورية لعبدالله بن الزبير في عهد بني أمية) بينما جاء عنوان رسالة الدكتوراة الأولى (التفاعلات الحضارية في عهد بني أمية)، اما رسالة دكتوراة الدولة - الفئة الأولى - فجاءت بعنوان (تجديد الدولة الأموية في عهد عبدالملك بن مروان) هذا فضلا عن الابحاث المتعددة ومنها: الغناء في عهد بني أمية، وبناء مسجد قبة الصخرة في عهد عبدالملك، ودور الكلبيين في اعادة السلطة لبني أمية. * كيف تفسر ميلك للكتابة للأطفال؟ - هناك سببان رئيسيان في ميلي الى الكتابة للاطفال أولهما: وجودي في بيئة تعج بالطفولة حيث عملت مديرا لمدرسة يملأها الاطفال، وثانيهما: قلة الكتابات الموجهة والموجهة للأطفال، ونقص اعداد كتاب القصة القصيرة للأطفال، فالكتابة للأطفال تتطلب من الكاتب والاديب معرفة وافية بحاجات الاطفال ورغباتهم وسلوكياتهم ومستوى تفكيرهم ونموهم وقاموسهم اللغوي والمعرفي. * بعد زمن طويل من العطاء، كيف ترى الحركة الادبية والنقدية على الساحة المحلية؟ - على الرغم من اثر المحطات التلفازية الفضائية والانترنت على القارىء، الا ان الكتاب لا يزال يحظى باهتمام كبير، والادب يسير الى الامام، فكما ان الفضائيات لها تأثير سلبي الا ان لها ايجابيات أكثر، اذ تضع العالم بين يدي المشاهد، فينتقي البرامج الادبية الجيدة مما يزيد من تطور الحركة الادبية، هذا فضلا عن الندوات التي تعقد هنا وهناك في المؤسسات الثقافية والملاحق الادبية التي من شأنها ان تتيح للكتاب فرصة الافصاح عن نتاجاتهم الثقافية ابداعية كانت ام نقدية. * ماذا عن مشروعاتك الكتابية التي تلوب في ذاكرتك، ولم تكملها نظرا لوضعك الصحي؟ كان كتاب »القضية الفلسطينية: الأرض والانسان« آخر انجازاتي الكتابية الادبية والتاريخية، وقد طبع خمس طبعات في سنة واحدة، وانتهيت في الكتاب الى اتفاقية وادي عربة، وكنت اطمح ان اتمكن من تدوين المراحل المتعاقبة للقضية الفلسطينية للأجيال القادمة حتى قيام الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس. كما كنت اخطط لكتابة رواية تبدأ بالطرد القسري من فلسطين وتنتهي بقيام الدولة الفلسطينية، الا ان وضعي الصحي لا يسمح بذلك.