جديدنا: وثيقة - مركز الوثائق الفلسطيني
كي لا ننسى ...الشاعر الشهيد محمد يوسف البدوي "أبو شكيب الحطيني" ....-1948 يعد الشعر الشعبي الفلسطيني من أوسع الفنون الأدبية الشعبية انتشاراً، لسهولة تناقله وتعميمه في مختلف المناطق، لأن الشاعر الشعبي كان في حد ذاته زجالاً ومغنياً يقول كلماته ضمن أوزان بحور الشعر التقليدية، وتتحدث كلماتها عن جملة من التجارب الحياتية لجماهيرنا الشعبية الفلسطينية وما يتخللها من مآثر وبطولات وعادات وتقاليد متوارثة عبر الأجيال، وقد كان للشعر الشعبي الغنائي دور رئيس في تعبئة الجماهير وتحريضها لمناهضة العدوان بمختلف تسمياته, وتأجيج شعلة النضال الوطني والقومي في النفوس. وقد اشتهر عدد من الشعراء الشعبيين في منطقة الجليل منهم: الحاج فرحان سلام من قرية المجيدل قضاء الناصرة، والأخوان توفيق الريناوي ومحمد الريناوي من قرية الرينة قضاء الناصرة، والأخوان مصطفى البدوي "أبو سعيد الحطيني" ومحمد البدوي "أبو شكيب الحطيني" من قرية حطين قضاء طبريا وقد استشهد الأخير في معركة لوبيا. ومعهم عازفي الأرغول والمجوز مثل: أبو تنها من قرية عيلوط قضاء الناصرة، وطحيمر من عرب المواسي قضاء طبريا... * * * تنتسب عائلة البدوي في حطين إلى عرب بني خالد قضاء صفد، وفي أواخر العهد العثماني هاجر جدها "يوسف البدوي" إلى حطين بسبب زواجه من فتاة يهودية تدعى "نحاما"، وانتقل إلى حطين حيث يسكن خاله "يوسف زينب" (من صفد) الذي يعمل في صناعة الأحذية، وفي ذلك قال أحد الشعراء الشعبيين في سحجة عرس بإحدى قرى لواء الجليل بشهادة رسمية محمد صالح (خطباء) (الشجرة 1920): حطيني مش من ديني .. لكن أمه يهوديه خطفها أبوه من صفد .. على زمان تركيه وبعد أن استقر يوسف البدوي في حطين عمل في صناعة الأحذية والجزارة، كما عملت زوجته في خياطة الملابس النسائية، وكانت قد اعتنقت الدين الإسلامي وحسن إسلامها، وغيرت اسمها رسميا بفرمان عثماني من "نحاما اليهودية" إلى "بديعة المهدية". توفي يوسف البدوي في حطين، أما زوجته بديعة المهدية فقد توفيت بعد النكبة في مخيم الرمدان قرب قرية الضمير بسوريا مساء يوم السبت 28/2/1959، وقد أنجبا ولدين هما: مصطفى ومحمد البدوي وثلاث بنات. ولد الشاعر الشعبي محمد يوسف البدوي "أبو شكيب الحطيني" في حطين، وأصبح هو وأخوه مصطفى (الذي كان يكبره بحوالي خمس سنوات أوأكثر) من فحول الشعراء الشعبيين والزجالين في منطقة الجليل، عمل محمد البدوي في تجارة المواشي كالخيل والبقر والغنم والماعز، وعند اندلاع الثورة الفلسطينية الكبرى عام 1963، كان أحد المشاركين فيها ليس بشعره فحسب بل بجسده أيضاً، حيث صار قائد فصيل حطين وشارك في معركة احتلال مدينة طبريا الكبرى، وكان ممن احتلوا مقر حاكم طبريا وأحرقوا جميع مستنداته في 3/10/1938. وقال الشاعر فرحان سلام مخلداً معركة طبريا: أبو إبراهيم رتب عسكره بتنظيم حط المياجن عبد الغفار راعيها كسبوا بارود وبيها يحرقوا العدوان نار الغزيرة تشتعل بي أهاليها راحت عساكر وبيها تيتمت أطفال والله وأكبر على ما حضر فيها جمّع فصايل أبو أحمد وإعمل المكمان واللي دخلها أبو أحمد لها منصان خلع أبواب اتفتحوا أهاليها الليلة اللي دخلها أبو عاطف لها عنوان غزْ البيارق وتهلل لباريها طلع عظهر الميذنة وقال الله أكبر على ما حضر فيها صاح أبو إبراهيم وقال انسحاب يا إخوان الله ربي ورب العرش يحميها وفي مقابلة خاصة قال لي ابنه خالد مصطفى يوسف البدوي (حطين 1934): "واعتقله الإنجليز مع أخيه مصطفى في معتقل كادوريا قرب الشجرة، ثم أصبح قائد فصيل حطين عام 1948، وقد استشهد رحمه الله في حرب فلسطين في التاسع من حزيران عام 1948 وذلك الساعة العاشرة صباحاً جنوب قرون حطين يوم معركة لوبيا، ودفنه أهل القرية في المقبرة القريبة من مقام النبي شعيب في حطين، تاركاً وراءه زوجه الحامل التي أنجبت بعد وفاته بالجرف شمال الرامة، وهي مهاجرة إلى لبنان على طريق البقيعة _ سحماتا". عُرف الشهيد محمد يوسف البدوي "أبو شكيب" كشاعر ثائر جريء يحبه الشباب، وقد رثاه أخوه الشاعر الشعبي مصطفى يوسف البدوي "أبو سعيد الحطيني" في قصائد رائعة يصف فيها شجاعته وبطولاته منها: يا عيد جيت ومالنا بيك حاجه .. العيد للي في وطنهم عزيزين يا عيد علمك مثل ليل تداجه .. وحنا بواد العتم بين الثعابين يا عيد من زود المظالم خداجه .. قلبي غدا وهموم عد الملايين زوارنا يا عيد كانت خواجه .. منهم قرايبنا ومنهم محبين من بعد ما كنا نطلع خراجه .. من مالنا صرنا بصف المساكين عناك عز العيد يوم الملاجه .. إما ندوس العدو ولا شهيدين وأحر قلبي يوم ثار العجاجه .. يوم المنادي صاح بقرون حطين كنا ذياب وطاردين النعاجه .. يومها قهرنا الوزر والسلاطين وأبو شكيب يزوم مثل المواجه .. والوزر غنى والمدافع مرعدين وبلوبيه كان النشامه سياجه .. بالمعركة كانوا صناديد صلفين أملوكنا هلي طغون السراجه .. يوم الهدن كانوا بعوز مفلسين كانوا بواشق صيد وبالحرب جاجه .. خلوا العياد بلون قاع الخلاقين حطين ثار يومها وكان تاجه .. محمد هجم على مصفحات الملاعين والمعركة مثل البحر بالمواجه .. خاضوا الوغى والنار صبيان نمرين (القصيدة من ديوان مصطفى يوسف البدوي "أبو سعيد الحطيني"، وهي مخطوطة من أرشيفي الخاص). أما أشعار محمد يوسف البدوي "أبو شكيب" فقد ضاعت للأسف، ويؤسفني جداً أنني لم أستطع معرفة أشعاره، رغم محاولاتي التي لم تنقطع منذ عام 2003. تغمده الله في رحمته وأسكنه فسيح جناته. مقال نشره الأستاذ: فادي سلايمة عبر صفحته على فيسبوك وهو مقتطفات من كتاب: "قرية حطين ريحانة صلاح الدين" للباحثين: مجدي السعدي وفادي سلايمة.. Read more at: