جال لهم تاريخ
من بلدي/طوباس
---------------------
الدكتور/سعيد النمر
( ١٨٨٥ ---- ١٩٧٠ )
{من اقدم اطباء فلسطين والاردن ).
ولد الدكتور/سعيد النمر في طوباس عام ١٨٨٥م.
وهو ابن نمر سليمان فارس خليل الحمدالله، من عشيرة الخضيرات من حمولة الصوافطه.
كان والده /نمر الذي عاش في العهد التركي يملك اراضي زراعيه شاسعه، وكان يجيد القراءة والكتابه، التي تعلمها من الكتاتيب، وقد اكسبه ذلك اهمية في عشيرته واهل بلده والمنطقه، حيث كان يتم اللجوء اليه في كتابة الرسائل، وقراءتها في زمن قل فيه من يعرفون القراءة والكتابه.
ولادراكه اهمية ذلك فقد حرص على تعليم اولاده القراءة والكتابه عند الكتاتيب، وكان اكبر اولاده سننا ابنه(سعيد)، حيث درس عند الكتاتيب حتى بلغ سن (١٢) الثانية عشرة سنه من عمره، ولرغبة والده(نمر) في تدريسه، انتقل من طوباس للدراسه بالمدرسه الرشيديه في نابلس، ولصعوبة المواصلات آن ذاك بين طوباس ونابلس، فقد اقام في بيت المرحوم/ عبدالفتاح طوقان(والد الشاعر ابراهيم طوقان وفدوى طوقان)، حيث كان هناك علاقات بين العائلتين بفعل التجاره.
وعندما انهى (سعيد) تعليمه بالمدرسه الرشيديه، ولحسن حظه اعلن السلطان العثماني عن فتح باب التعليم بالجامعات التركيه لابناء العرب من ابناء العشائر، وذلك لاستمالتها .
وكان من بين المرشحين لذلك (سعيد النمر)، حيث تم ايفاده عام ١٩٠٧ الى اسطنبول، واستقبل مع ابناء العشائر من قبل السلطان العثماني احسن استقبال، والقى السلطان فيهم كلمه يحثهم فيها بأن يكونوا مواطنين صالحين لخدمة الامبرطوريه.
لكن لسوء حظه هذه المره لم تكتمل اجراءات دخوله لكلية الطب في اسطنبول، وغادر تركيا الى بيروت، حيث قرر ان يدرس الطب في الكليه اليسوعيه، وتخرج منها طبيبا عام ١٩١٧م. حيث ذهب ابناء العشيره على ظهور الخيل لاستقباله في درعا والمجيء به باحتفال مهيب الى طوباس.
عين بعد تخرحه مباشره طبيبا ميدانيا في الجيش التركي. حيث بدأت الحرب العالميه الاولى، ومارس عمله كطبيب جراح، واكسبه عمله بالميدان خبره ممتازه، وتدرجت رتبته بالجيش التركي حتى اصبح برتبة (عقيد).
قامت الثوره العربيه الكبرى بقيادة الحسين بن علي عام /١٩١٦. وانطلقت احدى فصائل الثوره العربيه الكبرى من مكه عبر شرق الاردن باتجاه دمشق بقيادة الامير فيصل، واثناء سفر الدكتور/سعيد مع مجموعه من الضباط الاتراك من دمشق الى درعا بواسطة القطار العثماني،هاجم الثوار القطار واستولوا عليه والقوا القبض عليه مع مجموعه من الضباط الاتراك، واقتادوهم الى مبنى محطة القطار الذي حوله الثوار الى مقر قياده لهم. وادخل الدكتور /سعيد الى غرفة وسطها طاوله كبيره عليها عدد من الرؤوس المقطوعه التي تعود لضباط اتراك، مما اثار الرعب في قلبه، وقال له الثوار ان رأسه سيكون من بين هذه الؤوس المقطوعه ، وكان لايزال يرتدي الزي العسكري التركي، حيث اخبرهم انه عربي، ويرغب بالانضمام الى الثوار، وتدخلت العناية الآلهيه بأن احد الثوار قد تعاطف معه واقتنع انه عربي، وقال لهم بأنه يعرفه ويعرف انه من طوباس، حيث سجنوه فتره حتى تأكدوا من هويته، ثم اخلوا سبيله وقبلوا ان يمارس عمله معهم طبيبا بمعالحة الثوار ومكث في درعا وانضم الى جيش الامير فيصل واصبح فيما بعد من اطباءه الخاصين، وانتقل معه الى دمشق عندما عين ملكا هناك.
الا ان ذلك لم يدوم طويلا، حيث هزم الملك فيصل على يد الفرنسيين الذين ارادوا الحصول على سوريا كجزء من معاهدة سايس بيكو،
حيث ذهب الملك فيصل الى العراق.
في هذه الاثناء تزوج الدكتور/سعيد النمر من ابنة /محمد عسقلان الذي كان ضابطا في الجيش التركي والذي كان قد قتل في احدى المعارك.
بعد ذهاب الملك فيصل الى العراق عاد الدكتور/ سعيد النمر الى جنين وفتح عيادة له في جنين وعياده في حمة طبريا، وكان يذهب مره واحده في الاسبوع الى بلده طوباس ليعالج اهل بلدته مجانا.
وقد عاصر الدكتور /سعيد فترة الانتداب البريطاني كلها، واستعان به الثوار عدة مرات لمعالجة الجرحى.
ويذكر سكان نزلة الشيخ زيد قرب يعبد، انه عندما اصيب الشيخ عزالدين القسام في سنة ١٩٣٥. في احراش يعبد، استدعي الدكتور /سعيد لعلاجه،
ويذكر اهالي القريه ان الدكتور سعيد خرج من الغرفه باكيا ليعلن وفاة الشيخ عزالدين القسام.
وبعد عام ١٩٤٨. اغلقت عيادته في طبريا، وبقيت عيادته في جنين حتى وفاته عام ١٩٧٠.
للدكتور/سعيد النمر خمسة ابناء، أربعة منهم أطباء وواحد مهندس، وكذلك له أربع بنات.
وهو والد عالم الفضاءالدكتور/عصام النمر الذي ساهم عام 1969 في اطلاق مركبة الفضاء الامريكيه ابولو11 الى سطح القمر.
وساهم أبنه الأكبر المرحوم الدكتور/ عوني النمر في تأسيس مهنة الطب في دولة الكويت منذ نشوئها، وحصل على العديد من الجوائز والشهادات التقديرية لإسهاماته في مجال الطب في الكويت والأردن، أما أبنه المهندس/ المرحوم فتحي النمر، فقد كان أول من أسس مشروع الكهرباء في مدينة جنين.
رحمه الله واسكنه فسيح جناته.