المحتوى |
القدس المحتلة - عبد الحميد مصطفى
الأحد, 13 فبراير, 2011
خلال التجوال في البلدة القديمة, يشعر المرءُ بدفء البناء الذي يعود إلى عصور ماضية من العراقة، فالحجارة لم تتغير، والمنازل التي يصعب العيش فيها؛ يشكو أصحابها من ظلم الإجراءات الإسرائيلية.
المحلات تحولت إلى غرف نوم، والمطاعم في النهار للزبائن وفي الليل منامات لأصحابها، التجديد ممنوع، والبناء غير مسموح، وفي المستقبل القريب البقاء مرفوض.
مراسل "فلسطين" استطاع الدخول للقدس في رحلة مرافقة طبية تجول خلالها في البلدة القديمة وأسواقها ذات الأسقف المقوسة والأرضية المرصوفة بالحجارة القديمة، والممرات الضيقة التي لا تتجاوز الثلاثة أمتار على الأكثر.
ضيق في العيش
وعلى باب منزل يطل على السوق تسكنه امرأة فلسطينية مع أطفالها، وقفت "أم خالد" تقول لـ"فلسطين": "نعيش في ظروف قاسية, فمنزلنا يتكون من غرفة قديمة ودورة مياه لا تصلح للاستخدام الآدمي، ويمضي أولادي معظم وقتهم في الخارج, في السوق وفي الذهاب إلى المسجد الأقصى، لشدة الضيق في المساحة والعيش في هذه المدينة".
ويبعد منزل "أم خالد" عن بناء استولى عليه المستوطنون في السابق عدة أمتار فقط، وخلال المقابلة خرج مستوطن مع زوجته وطفلهما من المنزل القريب من منزل المرأة الفلسطينية وعليهما علامات السرور والارتياح.
إجراءات بلدية القدس الاحتلالية في إعمار المنازل القديمة للعائلات الفلسطينية صارمة، فهي لا تسمح بأي تجديدات حتى لو كانت ضرورية.
أحد أصحاب المطاعم ويدعى هيثم قال غاضباً: "انظر إلى سقف المطعم تتساقط منه كتل من الطين لقدمه وأخشى من إصلاحه خوفًا من مداهمتي من قبل رجال الشرطة الإسرائيلية وتقديمي للمحاكمة لأنني أخالف القانون بذلك بحسب زعمهم".
وأضاف: "إلا أنني قد اضطر إلى إغلاق المطعم فترة زمنية وأقوم بعملية الإصلاح وتهريب مخلفات البناء في أكياس على أنها نفايات حتى لا يكتشف أمري وهذه هي الطريقة الوحيدة للتعامل مع هذا الأمر".
جميع المواطنين من أهل القدس يعانون من ضريبة ما تسمى "الأرنونا" (ضريبة الأملاك) فهم يعملون ليل نهار لتوفير لقمة عيشهم ودفع هذه الضريبة الباهظة التي تعتبر السيف المسلط على رقابهم, وتصل إلى مئات الآلاف من الشواقل للمحلات التجارية الصغيرة والضيقة في العام الواحد، والكثير منهم أخذ بالتفكير بإغلاق محله التجاري للتخفيف من أعباء تلك الضريبة.
صاحب محل آخر, رفض الكشف عن اسمه قال لـ"فلسطين": إن منظمة "عطيرت كوهنيم" الاستيطانية عرضت عليه وعلى التجار المجاورين له شراء محلاتهم أو مشاركتهم فيها، متذرعة بمساعدتهم وتطوير التجارة والنهوض بها.
تغيير الملامح
الخبير المقدسي خليل التفكجي قال لـ"فلسطين": إن مساحة البلدة القديمة تبلغ كيلو متر مربع واحد، وأن المؤسسة الرسمية في (إسرائيل) تسعى لإحكام السيطرة عليها باعتبارها قلب المدينة النابض وفيها المسجد الأقصى المبارك وقبة الصخرة وكنيسة القيامة، وأسوار الحرم القدسي الشريف التي تضم مساحة 144 دونمًا وهي مساحة المسجد الأقصى داخل الأسوار.
وأضاف التفكجي: "التركيز الآن منصب على البلدة القديمة بهدف تغيير ملامحها من مدينة فلسطينية إلى يهودية، أو على الأقل مختلطة من أجل استخدام ذلك في أي عملية تفاوضية مستقبلية تجري بتدخل دولي لتبرير بقائها تحت السيطرة الإسرائيلية".
وأشار إلى أن سلطات الاحتلال أقامت في البلدة القديمة ما يقارب الستين كنيسًا تحيط بالمسجد الأقصى من كافة الجهات وأقرب هذه الكنس الموجودة في المدرسة التنكزية، حيث يجري الآن العمل على بناء الكنيس في الطابق الثالث للمدرسة التي تحولت إلى محطة للشرطة الإسرائيلية منذ عام 1968.
وأوضح التفكجي أن هذا الكنيس الذي يطلق عليه اليهود "مظلة النور", ستكون جميع الواجهات المكونة له من الزجاج، ليسهل التواصل من قبل المصلين اليهود حيث يبعد هوائيًا عن مسجد قبة الصخرة قرابة العشرين مترًا.
صحيفة فلسطين
|
Preview Target CNT Web Content Id |
|