جديدنا: وثيقة - مركز الوثائق الفلسطيني
يقول عويضات “يعود تاريخ الشيوخ إلى مؤسسها الشيخ إبراهيم بن عبد الله الهدمي، الذي كتب عنه الكثير من المؤرخين، أولهم خليل بن يبك الصفدي ووفقاً للمؤرخين، فإن الهدمي ولد سنة 630 للهجرة، وتوفي 730 للهجرة، ويعود نسبه إلى السلطان بدر، الذي سكن وادي النسور غرب القدس، ويعود نسب الأخير إلى زين العابدين بن الحسين بن علي زوج فاطمة الزهراء، بنت رسول الله عليه السلام”. والسلطان بدر هو أحد الشخصيات الفلسطينية القديمة التي تتوفر معلومات عنه، بفضل مؤرخ القدس مجير الدين الحنبلي، الذي ذكر تفاصيل عنه في كتابه (الانس الجليل بتاريخ القدس والخليل). وأحصى عويضات عشرة مؤرخين كتبوا عن الهدمي، من بينهم مثلا الرحالة عبد الغني النابلسي الذي زار الشيوخ، والتقى مع أبنائه. وما زالت شخصية الهدمي مؤثرة كثيرا بالنسبة لشخص مثل عويضات، الذي يشير إلى أن الهدمي كان شاعرا صوفيا، وكتب تائية من ألف و160 بيت تقريباً، وجد منها عويضة 4 آبيات ويبحث عن الباقي. يقول عويضات “عندما قدم الهدمي إلى بلاد الشام أقام في محافظة القدس، وتوجه لاحقاً إلى محافظة الخليل، وارتحل إلى أعالي جبال طورا وأقام فيها، في المكان المعروف الآن باسم مقام مصلى الشيخ نسبة للشيخ الهدمي، الذي مكث فيه فترة من الوقت وتراءى له النور فيه، وانتقل في وقت لاحق إلى مقام الغار الذي يوجد فيه قبره الان”. ومقام الغار هذا يقع الان وسط قرية الشيوخ التي أقيمت حوله، ونسجت في وقت ما ميثولوجيا محليّة عنه، مثل ما يقال بأن ثلثي الإنجيل نزل على عيسى عليه السلام في هذا الغار. وحتى وقت قريب كان يوجد على المقام حجر مدون عليه ثلاثة آبيات من الشعر، ولكن هذا الحجر سرق، وعلى هذا المقام أقيم مسجد القرية القديم، الذي تم توسيعه حديثاً. وتميز سكان الشيوخ بارتدائهم (اللفة الخضراء) على رؤوسهم، وكان يمكن حتى قبل سنوات قليلة رؤية كبار السن يرتدون غطاء الرأس هذا، الذي كان يميز الحسينيين، عن الحسنيين. عاش الهدمي طويلاً في هذا المكان متأملاً معتزلاً، الذي كان بعيداً عن حركة الناس في زمن مضى، واشتهر كقطب صوفي، ولكنه في سن متقدم اقدم على خطوة غيرت مسيرة المكان، حيث تزوج وكان له من العمر 81 عاماً، ويقال حسب بعض المصادر أن امراته كانت من عائلة صبارين إحدى عائلات بلدة بيت أمر، ومنح أرض وقفية تمتد من منطقة العروب إلى أقصى حدود قرية الشيوخ فمنطقة بئر النمر ومنطقة العديسة. يقول عويضات “أنجب الهدمي أربعة من الأبناء، وأصبحت ذريته معفية من الضرائب، لكونهم من الحسينيين، ولكن في الوقت ذاته كانوا مجبرين على أداء الخدمة العسكرية”. وبزواج الهدمي، يمكن أن نؤرخ لقرية الشيوخ العربية، ولكن هذا لا يعني أبدا أنها لم تشهد قبلاً استيطاناً قديماً. ويقول عويضات “كان اسم هذا القرية في البداية دير الشجرة، نسبة إلى دير موجود في القيسرية التي كانت معلماً كبيراً تراثياً في القرية، تضم سجناً ومعصرة وبئر ضخم جدا لجمع المياه، وقيل إنها احتوت أيضاً على نفق، وسمّيت القرية دير الشجرة، نسبة إلى شجرة بلوط كانت آثارها ما زالت موجودة كما حدثني والدي، وجدي” . ويضيف عويضات “على الأرجح فان البنايات الموجودة في بلدات فلسطينية كثيرة باسم القيسرية، استخدمت كمحطات استراحة للقياصرة الرومان، وبالنسبة لقيسرية الشيوخ، فتم إزالتها بتاريخ 27-9-1998م، لبناء خزان مياه، وبذلك أزيل ركن أساسي من المعالم الأثرية في الشيوخ، ودمر معها مقام الأربعين الذي سمي هكذا نسبة إلى أربعين مجاهد اشتركوا في فتح القيسرية”. ولا يرتبط التاريخ الكفاحي للشيوخ، في أحداث وقعت في زمن مضى، ولكن أيضاً فيما يتعلق بالاحتلال الصهيوني، ففي القرية وقعت في بداية الاحتلال ما عرف باسم معركة (أم قرمول) بين مجموعة من الفدائيين الفلسطينيين وقوات الاحتلال.
وما زال عويضات يذكر ذلك قائلاً “حدثت معركة أم قرمول بتاريخ 6-11-1967 مباشرة بعد الاحتلال بنحو أربعة شهور، كانت الشيوخ قاعدة للفدائيين التي كانوا يشعرون فيها بالأمان، لأن أهلها يمتازون بالكرم، والأمانة”. وعندما وقعت هذه المعركة كان عمر عويضات خمس سنوات ويتذكر بان جاسوساً اسمه عبد الله، هو من دلّ جيش الاحتلال على الفدائيين الذين تحصّنوا في مغر منطقة أم قرمول، شرق قرية الشيوخ. ويقول عويضات متذكراً “رأيت شخصا يرتدي كوفية بيضاء مع الجنود، فسالت أبي، الذي كان يتمتم ويتحسب، وما حدث أن جنود الاحتلال نفذوا عملية إنزال، وتنبه الفدائيون وهم في المغر، وكمنوا صامتين لجنود الاحتلال الذين انقسموا في أكثر من مكان، ولم تكن مهارات الاتصال بينهم متقدمة كما هي الان، ووقع اشتباك بين الفدائيين والجنود، وتمكن الفدائيون من إسقاط طائرة في منطقة اسمها مراح الدنان”. ويضيف “وصل الجنرال الصهيوني موسى ديان بالطائرة ونزل في ملعب المدرسة، وأشرف على المعركة بنفسه، التي استشهد فيها ستة كان أخرهم قائد المجموعة محمود البستنجي، الذي اعتقد الجنود أنه سيستسلم وأعطاهم إشعاراً بذلك، وعندما اقترب منه الجنود فجر نفسه فيهم والقى عليهم قنابل، ويقال بأن أحد الفدائيين تمكن من الفرار والتسلل، ويقال بأنه من عائلة الطميزي من قرية إذنا”. وبعد هذه المعركة، دخلت قرية الشيوخ ما يسميها عويضات “مرحلة تجبر الحكم العسكري”، ويقول “كان المحتلون يفرضون حظر التجوال على القرية كل يومي الخميس والجمعة، واصدروا قراراً، يحظر على أصحاب الحوانيت يبيع أية أغراض لأي شخص من خارج القرية، وطلبوا من المختار الأخبار عن أي (غريب) يدخل القرية، وحرموا القرية من تمديدات المياه والكهرباء، ومن تشكيل مجلس قروي، باختصار تم إعلان الحرب على الشيوخ، وتم نسف 14 منزلاً فيها، وأبعدت أربع عائلات من القرية إلى الخارج، وأول حكم بالإعدام في تاريخ الاحتلال صدر على ابن القرية شحدة أبو حرب بتهمة نقل الأسلحة إلى الفدائيين على الحمار”. وخلال الانتفاضة الأولى وصفها الجنرال الصهيوني اسحق رابين بعنق الزجاجة، التي من يدخلها لا يستطيع الخروج منها. الباحث عدنان عويضات : هو باحث فلسطيني من قرية الشيوخ في الخليل مدرس فيزياء يعد من اهم وجهاء البلد والمدينة وهب جزء من حياته للبحث عن تاريخ قرية الشيوخ وفلسطين بشكل عام ))