تعرضت أرض فلسطين إلى الكثير من الغزوات والحروب التي كان آخرها الاحتلال الصهيوني الغاصب، الذي استطاع تسويق فكرته إلى العالم بكل وسائل الإقناع التي يتبعها المسوّق الجيد لفكرة آمن بها، فكرس جل جهده لتحقيقها متجاهلاً حقوق الآخرين، نابذاً وراء ظهره القيم والمبادئ، مقنعاً نفسه ومن يتبعه بأنه شعب الله المختار ولا يرقى الآخرون إلا أن يكونوا خدماً لهم، مستشهدين على ذلك بنصوص من التوراة المزيفة والتلمود الذي كتبته أيديهم، ثم امنوا بها واعتقدوا، فأصبحوا كمثل الذي كذب الكذبة وصدقها.
أضف إلى ذلك الأساطير والمقولات التي تزعم أن لهم حقاً في الأرض العربية، كمقولة ((أرض بلا شعب لشعب بلا أرض)) وأسطورة أرض الميعاد والعودة إلى صهيون ميراث أجدادهم المحرم على أي يهودي في العالم التفريط فيه لما في ذلك من مخالفة تستوجب غضب الرب الذي وعد إبراهيم ونسله في هذه الأرض، عندما خاطبه: ((لنسلك أعطي هذه الأرض – لك أعطيتها ولنسلك إلى الأبد)) ([1]).
فإنكار الصهاينة لحق الفلسطينيين والعرب في الأراضي التي يحتلونها نابع من معتقد فكري يقوم على أساس ديني، يأمرهم باستعادة إرثهم السليب وتحرير هذه الأرض من العرب (المحتلين) وإعادة الرب وإسرائيل في صهيون ([2])، ففكرة اصطفاء الرب لهم جعلتهم غير متقبلين لوجود أحد غير اليهود على هذه الأرض، الأمر الذي يفرض عليهم وجوب إفراغ الأرض وترحيل من عليها. فالتوراة أعطت اليهود- على حد ما يزعمون - خيارين متناقضين لاستعادة الأرض ((... فإذا أنتم أفنيتم الشعوب تسكنون الأرض، أما إذا لم تبيدوهم تستبقون منهم أشواكاً في أعينكم مناخس في جنوبكم)) ([3]).
فالمتتبع لتاريخ الصهاينة يجد أن القوة والبطش وارتكاب المجازر كانت إحدى أهم الوسائل التي استطاعت العصابات الصهيونية السيطرة بها على الأرض لتنفيذ مشروعهم وإقامة كيانهم المزعوم على أرض فلسطين. وسرعان ما تحولت هذه العصابات إلى ما يسمى الجيش الإسرائيلي الذي أُنزل لديهم منزلة الإله، فقد وصفه تسفي كوك أحد حاخاماتهم بقوله: (إن الجيش الإسرائيلي هو القداسة بعينها)، بل ذهب بن غوريون إلى أبعد من ذلك حين وصفه بأنه خير مفسر للتوراة ([4])، لأن الجيش الإسرائيلي، برأيه، هو الذي سوف يرسم حدود الدولة القادمة وأن ما سيتم الاستيلاء عليه في المعارك سيبقى في أيديهم، والمكان الذي لن يصل إليه الجيش سيكون سببا في البكاء لأجيال ([5]). فالذهنية التوسعية للمشروع الصهيوني جعلته لا يضع حدوداً جغرافية لدولته الهادفة إلى استيعاب جميع يهود العالم في منطقة معينة وإقامة وطن قومي لهم وقد عبر عن ذلك أيضاً تيودور هرتزل في يومياته بقوله:(كلما زاد عدد المهاجرين اتسعت رقعة الأرض) ([6]). لذا رأى قادة الكيان الصهيوني المتتالين على الحكم وجوب الاستيلاء على مساحات متزايدة من الأراضي تكفي لاستيعاب المهاجرين([7]) من جميع أنحاء العالم، فعملوا في سبيل تحقيق ذلك - إضافة إلى استخدام القوة العسكرية - على تطوير العديد من المؤسسات والجمعيات الاستيطانية ([8]) القائمة منذ بداية مشروعهم، كشركة صندوق أراضي إسرائيل وإقامة المزيد منها بهدف إنقاذ الأرض من أيدي غير اليهود ونقلها إلى أيدي وملكية يهودية([9]).
لم يقف المشروع الصهيوني عند هذا الحد ولم يعدم الوسائل الأخرى المساعدة والكفيلة بتحقيق مآربه، فعمل على قضم وضم الأراضي الفلسطينية بشكل ظهر للآخرين أكثر تحضراً فأضفى الطابع القانوني على إجراءات المصادرة والتوسع، عن طريق سن عدد من القوانين ([10]) التي منحت هذه الأعمال الشرعية لدرجة أن جعلت هذه القوانين السكان العرب واللاجئين أصحاب الحق في الأرض والممتلكات ضحايا إرهاب أجازه القانون رسمياً، يسمح بتجريدهم من أملاكهم ووضعها للاستثمار اليهودي ([11]).
من هنا كان لا بد من تفنيد وبيان كذب وافتراءات العدو الصهيوني والوجه الحقيقي والصريح لهذه القوانين، من خلال استعراض سريع لها بشكل عام، والتوقف قليلا عند قانون أملاك الغائبين، نظراً لأهميته واعتماد الكيان الصهيوني على مواده في الاستيلاء على الكم الأكبر من الأرض، إلا أن ضرورة البحث تقتضي الرجوع قليلاً إلى الوراء لبيان السلوك الصهيوني المبكر للاستيلاء على الأراضي الفلسطينية وما اعتمد عليه من قوانين قائمة مكنته من تحقيق مآربه.
المبحث الأول
آليات استيلاء اليهود على الأرض الفلسطينية في فترة ما قبل الاحتلال الصهيوني
· المطلب الأول: العهد العثماني
حرصت الدولة العثمانية على تطبيق الشريعة الإسلامية في ولاياتها، باعتبار أنها تشكل الامتداد الطبيعي للخلافة الإسلامية، ففتحت أبوابها لمئات الآلاف من اللاجئين اليهود الفارين من اضطهاد الكنيسة في أسبانيا وغيرها من الدول ([12])، وطبقت عليهم الأنظمة والقوانين المرعية فيما يتعلق بمعاملة أهل الذمة من اليهود والنصارى، وساوت بينهم في الحقوق والواجبات وأعطتهم حق امتلاك الأراضي والتصرف بها وفق أصول الشريعة الإسلامية ([13]).
وفي الفترة التي تلت النصف الثاني للقرن التاسع عشر، ومع بداية ظهور ضعف الإمبراطورية العثمانية، بدأ تنافس الدول الأوربية يظهر عليها من خلال ازدياد تدخل هذه الدول في شؤون الإمبراطورية الداخلية الناتج عن الامتيازات التي استطاع القناصل والمبعوثون الأوربيون الحصول عليها، من حصانة تجاه السلطات الإدارية والقضائية العثمانية والتي استفاد منها أوائل المهاجرين الصهاينة ([14]) الحاملين لجنسيات هذه الدول تحت ستار الاستثمار والاستقرار في فلسطين، والذين شكلوا فيما بعد الأرضية القوية لبدء حملات منظمة للهجرة اليهودية ([15]). كما تمكن اليهود من شراء العقارات وبيعها دون أية عوائق إدارية ([16])، وذلك بالاستفادة من القانون الصادر عن السلطات العثمانية عام 1867 الذي يبيح تملك الأجانب، والذي بقي ساري المفعول حتى عام 1882م تاريخ صدور القانون الذي يمنع دخول اليهود إلى فلسطين في محاولة منها للحد من خطر الهجرة اليهودية، ثم تبعه قانون آخر في عام 1888 يمنع على اليهود من غير مواطني الدولة الدخول إلى فلسطين إلا لمدة ثلاثة أشهر ([17]).
في هذا السياق يورد الدكتور محمد صالحية في كتابه (القدس - السكان الأرض) تعليقاً يبين فيه عدم جدوى هذه الإجراءات فيقول:
"واللافت للنظر، أن إجراءات المنع لدخول اليهود الأجانب وامتلاكهم للأراضي كانت متذبذبة، وافتقدت إلى عنصر الصرامة، سواء في المركز إستانبول أم في الولايات والمتصرفيات العربية، كما أنها كانت تتماهى في الغالب مع الأوضاع السياسية للدولة العثمانية وعلاقاتها مع القوى والدول الغربية، فمن بين 23 حاكماً (متصرفاً) عينوا على القدس مابين السنوات 1867 م – 1917 م (1284 – 1336 ه)، أي خلال ستين عاماً التزم أربعة حكام (متصرفون) بتطبيق القوانين والتعليمات واللوائح" ([18]).
لقد أصبح الصهاينة المستفيد الأكبر من تفشي الفوضى واستشراء الفساد في جسم السلطنة العثمانية، فقد استطاع هؤلاء، عبر السماسرة أو عن طريق العقود الوهمية، ابتياع مساحات واسعة من الأراضي لإقامة المستعمرات، خصوصاً على تلك الأراضي التي تخص الملاكين الغائبين الكبار والإقطاعيين وأصحاب النفوذ ممن استولوا عليها عبر الالتزام أو سجلت بأسمائهم لقاء دفع الضرائب المستحقة نيابة عن الفلاحين الذين لم تتوفر لديهم الأموال اللازمة لذلك وتحديداً بعد صدور قوانين الإصلاحات العثمانية المتعلقة بملكية الأراضي، والبدء بمسح الأراضي وتسجيلها ([19])، عن طريق اللجان المشكلة لذلك، التي غضت بدورها الطرف عن تلاعب شيوخ القرى في تعيين الحدود أو ضبط العلامات أو استغلال جهل الفلاحين وتسجيل أراضيهم بأسماء هؤلاء الشيوخ، مما ساهم في تسرب العديد من أراضي الفلاحين إلى أيدي هؤلاء ومن ثم تحولهم إلى أجراء على أراضيهم دون أن يدروا ([20]). كما أن الأحداث التي تتالت على الإمبراطورية العثمانية، من سيطرة جمعية تركيا الفتاة ودخول حاخامات وقيادات من الصهاينة إلى تركيا واتصالهم بصناع القرار، وكذلك تولي جمعية الاتحاد والترقي دفة الحكم ونفي السلطان عبد الحميد ودخول اليهود إلى مجلس المبعوثان، وما لاقته الحركة الصهيونية من تعاطفٍ وترحيبٍ ورفع ٍ للقيود عن الهجرة وتملك الأراضي ([21]) أدى إلى ازدياد عدد المهاجرين الصهاينة واتساع رقعة الأراضي التي تملكتها، حتى بلغ مجموع ما سيطروا عليه في فلسطين 418000 دونم في الفترة مابين 1882 – 1914 ([22]).
· المطلب الثاني: الانتداب البريطاني
انتهت الحرب العالمية الأولى وهُزمت الدولة العثمانية، وتبنت الحكومة البريطانية فرضية مؤداها أن كل الأراضي التي كانت تحت يد الدولة العثمانية هي ملكٌ لها ([23])، فوقعت فلسطين تحت الاحتلال البريطاني الذي سرعان ما بدأ بدوره يتابع مخططاته الهادفة إلى ضمان سيطرته على المنطقة، وذلك بإقامةالكيان الصهيوني ليكون فاصلأً بين جناحي العالم الإسلامي يمنع وحدته ويضمن ضعفه وتفككه، يعادي شعوب المنطقة, وفي الوقت نفسه يكون صديقاً للدول الأوربية ومعتمداً عليها ([24])، فأطلقت ((وعد بلفور))الذي يَعِدُ اليهود بإقامة وطن قومي لهم في فلسطين. وبالفعل دخل قادة المنظمة الصهيونية العالمية وبدؤوا بتوسيع حدود هذا ((الوطن)) وتضمينه موارد طبيعية حيوية قدر المستطاع، ومضاعفة الجهود الرامية إلى شراء المزيد من الأراضي وصياغة سياسة امتلاكها والقوانين التي تحكم ذلك، انطلاقاً من اعتبار نفسها شريكة لحكومة الانتداب ([25])، فقد كلف العديد من الباحثين بدراسة قوانين الأراضي العثمانية وتحديد الثغرات القانونية التي يمكن من خلالها حيازة الأراضي، واقتراح قوانين جديدة أو تعليمات ولوائح إدارية تسهّل عمليات الانتقال([26]).
و من الجدير في هذا المقام الإشارة إلى أنه في الفترة الأولى التي تلت الحرب، أغلقت الإدارة العسكرية البريطانية مكاتب تسجيل الأراضي باعتبارها تدير أراضي دولة محتلة، حسب قوانين الحرب، مما أثار حفيظة وغضب الصهاينة الذين سارعوا إلى العمل على تبديل الإدارة العسكرية بإدارة مدنية بقيادة الصهيوني البريطاني هربرت صموئيل الذي وضع حجر الأساس لقيام الوطن القومي لليهود في فلسطين، ومن ثم قيام الدولة اليهودية([27]). فلولا التعديلات القانونية والإجرائية([28]) التي اتخذتها الحكومة المدنية للانتداب بشأن نقل ملكية الأراضي وتسجيلها، ما كان شراء الأراضي ذات المساحات الواسعة ممكناً. أضف إلى ذلك أن هذه الحكومة قد أطلقت يدها في أراضي الدولة وهباً للمؤسسات الصهيونية، استناداً إلى البند السادس من صك الانتداب الذي يعد بتسهيل الاستيطان اليهودي على أراضي الدولة والأراضي غير المطلوبة لأغراض عامة ([29])، ولما كان لا يجوز بيع الأراضي عمدت الحكومة إلى تأجيرها بعقود طويلة الأمد، ولتوسيع أملاك الدولة (الميري) أصدرت قانون أراضي (المحلول) 1920، ثم قانون أراضي(الموات) 1921 لإلغاء القانون العثماني الذي كان يسمح للفلاحين باستصلاح تلك الأراضي وزراعتها. وبموجب هذين القانونيين استولت الحكومة على مساحات واسعة من الأراضي وجعلتها أملاك دولة، كما طالت بمصادراتها أراضي (الجفتلك) ([30]) البالغة مساحتها 495179 دونماً بموجب (اتفاقية غور المدورة) (الاتفاقية القسرية) التي عقدتها مع بعض الأفراد باعتبارهم ممثلين عن باقي أصحاب هذه الأراضي دون تفويض قانوني من قبل الآخرين ([31]).
وفي السياق ذاته فإن دستور فلسطين الصادر عن البلاط الملكي في قصر باكنجهام، في الرابععشر من شهر آب/أغسطس 1922، والذي شكل امتداداً لصك الانتداب إلى درجة أن البعض تحدَّث عنه أنه لائحة لتنظيم عمليـة تهويـد فلسـطين، وإطلاقٌ ليد المندوب السامي في فلسطين لتنفيذها. فقد أعطى هذا الدستور للمندوب السامي حق رَفْضالقوانين، وحق التصرف في الأراضي، وحق السجن والإبعاد، وحق قبول الشكوى إذا كانت ناجمةعن تقصير في تنفيذ صك الانتداب ([32]).
كما أن إصدار حكومة الانتداب قانون تسوية حقوق ملكية الأراضي عام 1928 الهادف إلى إدخال أراضي المشاع البالغة مساحتها 12 مليون دونم، بين مستصلح، مروي وغير مستصلح قد سهل عليها تمليك الأراضي لليهود ([33]).
و لم يكن المنتدب بغافل عن ضرورة العمل على تقويض البنية الأساسية للمجتمع الفلسطيني فواكبت هذه القوانين خطواتٌ مختلفة أدت إلى سوء أحوال الفلاح العربي وتردي أحواله الاقتصادية، بما سببته من هبوط لأسعار المحاصيل، ومنع لتصدير المنتجات العربية وسياسة تضييق دفعت البعض إلى الاقتراض من البنوك والمصارف والمرابين اليهود بفوائد فاحشة وضمانات رهنية صارمة كانت كافية فيما بعد لوقوع أراضي الفلاحين فريسة للمصادرة والسلب تحت مسميات قانونية زائفة.
من العرض السابق يتضح أن السمة البارزة لعمليات شراء الأراضي في الفترة التي سبقت الحرب العالمية الأولى كانت مبادرة فردية، ويقدر ما استملكه هؤلاء بنحو 400000 دونم. أما في ظل الانتداب البريطاني وأهدافه المعلنة فقد تغير الوضع تماماً، وأصبحت شركة تطوير أراضي فلسطين الوكالة الرئيسية لشراء الأراضي، سواء للصندوق القومي اليهودي أم للجمعيات الخاصة والأفراد، ومن خلال شركة بيكا التي ركزت على توسيع مستوطناتها، فقد بلغت مساحة الأراضي التي تم استملاكها لغاية الإعلان عن قرار التقسيم (1947) 1734000 دونم، منها 933000 دونم بملكية الصندوق القومي اليهودي، أي ما يعادل 6.6% من مساحة فلسطين (اليابسة) ([34]).
فالانتداب البريطاني عزز الوجود الصهيوني في فلسطين من خلال وعد بلفور والمؤسسات الحكومية التابعة له، خصوصاً مؤسساتهالسياسية والعسكرية التي فتحت بوابات فلسطين على مصراعيها أمام الهجرة اليهودية. ولميشدد المستوطنون الصهاينة قبضتهم على الأرض، ولم يتزايد عددهم، إلا بعد تعاونهمالكامل مع حكومة الانتداب. وعندما زادت المقاومة العربية في فلسطين، عام 1930وبعده، قامت بريطانيا بحماية الصهاينة بشكل علني وسري. وقد وصف بن جوريون موقفحكومة الانتداب والحكومة البريطانية أثناء هذه الفترة العصيبة بأنه أكبر نجاح سياسيمنذ صدور وعد بلفور ([35])
المبحث الثاني
القوانين والتشريعات الصهيونية السالبة للأراضي والحقوق الفلسطينية
.. قانون أملاك الغائبين نموذجاً ..
استطاعت العصابات الصهيونية الاستيلاء على فلسطين عبر طريقتين رئيستين، أولاهما الحرب العسكرية المؤيدة بالدعم الغربي والأوربي، لما يربط الأولى من علاقة تعاقدية نفعية بالثانية ([36])، فكانت حرب 1948 عملية عسكرية كبرى لنهب الأرض الفلسطينية وطرد أصحابها الأصليين، وتمكنت العصابات من احتلال 77 % من أرض فلسطين وتدمير معظم القرى الفلسطينية التي وقعت تحت سيطرته، وتهجير أغلب أهلها. وبلغت القرى المدمرة 478 قرية من أصل 585 قرية كانت قائمة في الأرض المحتلة ([37]).
أما ثانيتهما فكانت بواسطة التحايل على الأنظمة والقوانين، فقد اعتبرت حكومة الكيان الصهيوني نفسها وريثاً لحكومة الانتداب البريطاني التي ورثت بدورها الحكم العثماني، إلا أنها تجاوزتهما من حيث امتلاك الأراضي، عندما أدخلت فيما أسمته أراضي الدولة كل ما كان يعرف سابقاً باسم (الأميري) و(الموات) و(المشاع) وحتى الأراضي التي تركها أصحابها في الحرب سواء في الريف أم في المدن، ووظفت مؤسساتها التشريعية في ترسيخ عملية تهويد الأرض الفلسطينية التي كانت هدفاً مركزياً للمشروع الصهيوني ([38])، فأعلنت إقامة مجلس الدولة المؤقت الذي ألغى جميع القوانين البريطانية التي تضع قيوداً على هجرة اليهود وامتلاكهم للأراضي الفلسطينية ([39])، ووضع نظام القانون والإدارة الذي نقل إلى حكومة الاحتلال صلاحيات حكومة الانتداب البريطانية، وكذلك ألغى أنظمة نقل ملكية الأراضي لعام 1940 بأثر رجعي لإضفاء الشرعية القانونية على جميع مشتريات اليهود التي تمت في مناطق كانت محظورة بموجب تلك الأنظمة، وعين قيماً على الأملاك العربية المتروكة وفق قانون المناطق المتروكة لعام 1948 الذي أعطى للحكومة الحق في نزع ملكية ومصادرة أية ممتلكات منقولة وغير منقولة في أية منطقة متروكة. ولتعزيز هذا القانون وسد الثغرات القانونية أقر الكنيست قانون أملاك الغائبين في عام 1950، الذي استهدف أساساً أراضي من وصفهم القانون بالغائبين ([40])، فاستطاع بموجبه اليهود من الاستيلاء على منازل الغائبين وحوانيتهم وأموالهم ومشاغلهم ومخازنهم وحتى على أثاث بيوتهم ([41]).
يمكننا القول إنه خلال الفترة التي تلت الحرب تم التوسع الاستيطاني بواسطة سلسلة من القوانيـن - زاد عددها عن ثلاثين قانوناً ([42]) - يكمل بعضها البعض الآخر بشكل يتيح للحكومة الصهيونية أن تستولي على الأرض التي هجرها ساكنوها وأراضي من بقي منهم فيها، أو على بعد بضعة كيلو ميترات منها، عبَّرت في معظمها عن نزوع المشروع الصهيوني إلى إضفاء الشرعية على الاحتلالالذي تم بفعل القوة، والتي مكنته من السيطرة على ما بقي من أراضي الفلسطينيين، تحت سـتار الأمن والمصلحـة العامـة، لمنع اللاجئين والمهجرين من العودةإلى قراهم وأحيائهم.
لقد تعاضدت هذه القوانين وقامت بدورٍ كبيرٍ في مصادرة الأراضي الفلسطينية، والتي يعتبر قانون أملاك الغائبين أشدها، لأنه شمل أملاك الوقف الإسلامي، لذا كان من الواجب الوقوف عند هذا القانون لبيان أهميته ودوره في الاستيلاء على ممتلكات أبناء الشعب الفلسطيني.
· المطلب الأول: قانون أملاك الغائبين
يتألف قانون أملاك الغائبين من تسع وثلاثين مادة, وقد أقرته الكنيستالإسرائيلية في 14/3/1950 ونشر فيكتاب القوانينفي 30/3/1950, واعتبر قانوناً معدلاً لأنظمة الطوارئ (أملاك الغائبين) الصادرة في 12/12/1948وبديلاً لها ابتداء من 31/3/1950.
ويعد هذا القانون من أغرب القوانين في العالم، فهو الوحيد الذي يسمح للسلطات المحتلة بمصادرة جميع أملاك أولئك الذين تركوا أرضهم خوفاً من الحرب، حتى وإن كانوا قد غابوا عنها لبضع ساعات فقط وانتقلوا إلى قرية مجاورة، وحتى الذين ما زالوا يعيشون كمواطنين شرعيين في دولة الاحتلال ([43]).
ويحتوي القانون على عدد من المواد التعسفيةالتي تعطي الحارس حرية شبه مطلقة في وضع اليد على الأراضي، وتجعل الاعتراض علىإجراءاته أمراً بالغ الصعوبة.
· المطلب الثاني: نطاق تطبيق قانون أملاك الغائبين
o من حيث المحل:
طال القانون مجموعة من الأشخاص، كانت هي المالكة الشرعية للأموالالمنقولة وغير المنقولة والنقود والاسم التجاري، وكل حق لشخصية اعتبارية من هيئات أسست في فلسطين أو خارجها، وشركات قانونية أو غير قانونية مسجلة أو غير مسجلة، وبضمن ذلك شركات الأشخاص والتعاونيات والجمعيات. فقد حددت المادة 1/ الفقرة أ – الملكية المشمولة بالقانون بالتعريف التالي: الملكية وتشمل: الأموال المنقولة وغير المنقولة، النقود، الملكية التامة الملكية المتحفظ عليها، الشهرة، كل حق لشخصية اعتبارية أو لإدارتها ([44]).
o من حيث الأشخاص:
صبغ قانون أملاك الغائبين شريحة كبيرة من أفراد المجتمع الفلسطيني من أبناء المناطق التي احتلت عام 1948 بالغائبين، في الوقت الذي يتم التعامل معهم فيما يتعلق بدفع الضرائب والخضوع للقوانين الجزائية الإسرائيلية معاملة المواطنين، فقد عرف القانون الغائب في المادة 1 / الفقرة ب على أنه: (الشخص الذي كان ـ في أي وقت يقع بينيوم 29 تشرين الثاني1947 واليوم الذي يعلن فيه أن حالة الطوارئ التي أعلنها مجلسالدولة المؤقت في 19 أيار1948 قد ألغيت ـ كان المالك الشرعي لأية ملكية تقع فيمنطقة إسرائيل, أو كان متمتعاً بها, أو حائزاً لها مباشرة ً أو بواسطة الغير، وكان في أي وقت خلال تلك الفترة المذكورة:
-مواطناً من جنسية لبنان أو مصر أو سورية أوالعربية السعودية أو شرقي الأردن أو العراق أو اليمن.
أو
- موجوداً في أي من الدول المذكورةأو في أي جزء من فلسطين يقع خارج مناطق ((إسرائيل)).
أو
- مواطناً فلسطينياً غادرمكان إقامته الاعتيادي في فلسطين إلى: مكان خارج فلسطين قبل الأول من أيلول1948, أو إلى مكان في فلسطين كانت تحتله قوات حاولت منع تأسيس ((دولةإسرائيل)) أو حاربت ضدها بعد تأسيسها ([45]).
إن الكلام السابق يقودنا إلى استنتاجات قيمة مفادها أن لا مصلحة للكيان الصهيوني بإلغاء حالة الطوارئ، لأن إنهاءها سوف يبيح لمئات الآلاف من اللاجئين العرب الفلسطينيين بأن يطالبوا بممتلكاتهم الواسعة، التي نهبت منهم بموجب هذا القانون، من خلال سيطرة الحارس على أموال الغائبين. كما أن المشرع الصهيوني عندما اختار تاريخ الأول من أيلول لتحديد حالة الغياب شمل مساحات واسعة من الجليل والمثلث كانت تحت السيطرة العربية (التي حاولت منع قيام إسرائيل) حتى ذلك التاريخ، والتي شكلت ملجاً للكثير من أهل القرى والمدن إليها مما وضع هذه الفئة تحت مسمى الغائبين.
كما يشمل تطبيق هذا القانون جميع القاطنين في مناطق إسرائيل التي عرفها القانون ذاته في المادة 1/ الفقرة 2 – ط، بأنها المناطق التي يسري فيها (قانون دولة إسرائيل)، مما ترتب عليه اعتبار أهالي الجولان والقدس الشرقية في ما يتعلق بحقوقهم على أملاكهم غائبون.
· المطلب الثالث: النتائج المباشرة لقانون أملاك الغائبين
حققت حكومة الاحتلال العديد من النتائج المباشرة من وراء تشريعها لقانون أملاك الغائبين على عدة أصعدة، نذكر أهمها:
o على صعيد الهجرة:
استطاعت استيعاب أكثر من 130 ألف مهاجر يهودي في 43 ألف وحدة سكنية تعود للفلسطينيين ([46]).
o على صعيد الاستيطان:
تم الاستيلاء على الأراضي العربية وأقيمت فوقها المستعمرات الجديدة، فمن بين 370 مستعمرة أقيمت بين عامي 1948 و1953 أنشئت 350 مستعمرة على أراضي غائبين ([47]) كما بلغت مساحة أراضي أملاك الغائبين حسب تصريح الوصي عليها عام 1954 نحو 4450000 دونم، منها 3310000 دونم من الأراضي الزراعية، ونحو 1000000 دونم في القرى التي يسكنها عرب، ونحو 150000 دونم من أراضي المدن ([48]).
o على الصعيد الاقتصادي:
كان في أيدي الوصي على أملاك الغائبين في العامين 1948 - 1949 نحو 21487 عقد استئجار في الوسط البلدي، عادت على خزينة الكيان الصهيوني بنحو 501000 ليرة إسرائيلية وفي العامين 1952 – 1953 تم تأجير 60504 عقارات لأمد طويل عادت على الخزينة بنحو 3583543 ليرة إسرائيلية، وبين عامي 1948- 1953 – تم تأجير نحو 244564 عقاراً لأمد طويل في الوسط البلدي، بلغ المدخول من ورائها نحو 11453543 ليرة إسرائيلية، إضافةً إلى الإيرادات من المحاصيل الزراعية التي لم يتسنّ للفلسطينيين التمتع بها. كما ورد في إطار التقرير المالي لعام 1951 أن الوصي على أملاك الغائبين أبلغ وزير المالية وقتئذ ٍ أن المداخيل الكبرى في بند الجباية من قبل غائبين يتلخص بصرف ما مجمله 582000 ليرة إسرائيلية من ودائع الغائبين في بنك باركليز ([49]).
· المطلب الرابع: قانون أملاك الغائبين والمؤسسات اليهودية الخاصة باستملاك الأراضي
عملت المؤسسات اليهودية الخاصة باستملاك الأراضي على امتلاك الكم الأكبر من أراضي فلسطين، لتكون فيما بعد ملكية عامة للشعب اليهودي تنفيذاً لمخططات الوكالة اليهودية العالمية التي جاء في المادة الثالثة من دستورها: ((تستملك الأراضي كملك لليهود وتسجل باسم صندوق رأس المال القومي اليهودي وتبقى مسجلة في اسمه إلى الأبد، كما تظل هذه الأملاك ملكاً للأمة اليهودية، غير قابلة للانتقال)) ([50]).
فمبدأ تأميم الأرض من أهم الأسس والمرتكزات التي أكدت المؤتمرات الصهيونية وجوب العمل عليها كضرورة لنجاح المشروع الصهيوني. وفي هذا السياق يمنكن تصنيف الصندوق القومي كأهم وأشهر هذه المؤسسات التي حرصت على تطبيق ذلك.
o الصندوق القومي اليهودي وأملاك الغائبين:
الصندوق القومي اليهودي: مؤسسة صهيونية خاصة تهدف إلى توطين اليهود على الأراضي الفلسطينية التييتم الحصول عليها، والتي يحق لليهود وحدهم استخدامها،ينص دستوره على عدم انتقال ملكية هذه الأراضيبالبيع أو بأية طريقة أخرى، فهي مملوكة ملكية خالصة للشعب اليهودي(([51]، مانحاً بذلك، من الناحية النظرية، المبادئ التي هي في الأصل دينية (الأرض لا تباع البتة لأن الأرض لي – سفر اللاويين) صفة ً قانونية، ومؤكداً من الناحية العملية، أن الأرض قد احتلت على يد الأمة كلها. فبعد حرب عام 1948 باعت الحكومة الصهيونية المشكلة ما مساحته 10 % من الأراضي التي احتلتها للصندوق القومي اليهودي عن طريق القيّم على أملاك الغائبين، وبذلك تضاعفت مساحة ممتلكاته أكثر من ثلاث مرات عما كانت عليه، وبلغت 3396333 دونماً كان 72 % منها في صفقات مع حكومة الاحتلال ومن الأراضي التي وضعت بداية ً تحت إشراف القيم على أملاك الغائبين، ثم حولت إلى سلطة التطوير والإنشاء الجديدة التي أنشأها الكيان الصهيوني ([52]).
· المطلب الخامس: علاقة قانون أملاك الغائبين بغيره من القوانين الاستيطانية
o قانون أملاك الغائبين وأنظمة الطوارئ بشأن أملاك الغائبين لسنة 1948:
يعد قانون أملاك الغائبين البديل القانوني والمعدل لأنظمة الطوارئ الصادرة عام 1948 بشأن الأملاك المتروكة التي خلفها اللاجئون والمهجرون إبان النكبة، والتي وضعت تحت تصرف القيّم على أملاك الغائبين ([53]).
إلا أن الأنظمة المذكورة منحت القيّم على أملاك الغائبين صلاحية مؤقتة بشأن التصرف بأملاك ((الغائبين ((،تمدد أيامها كل ثلاثةاشهر، فقد تحددت صلاحيته بالمحافظة على هذه الأملاك في الفترة الانتقالية , ولم يمنح القيم صلاحية نقل أو بيع هذه الممتلكات لآخرين، مما دفع الكنيست إلى إصدار قانون أملاك الغائبين لعام 1950 لتثبيت السيطرة الدائمة على أراضي((الغائبين)).
o قانون أملاك الغائبين وسلطة التطوير:
هناك صلة وثيقة بين قانون أملاك الغائبين وقانون سلطة التطوير، فقد تم الإعلان عن قيام ((سلطة تطويرالبلاد)) بموجب قانون ((سلطة التطوير)) لسنة 1950 , بهدف تركيزممتلكات ((الغائبين((((لتطوير البلاد)), فبدأت عملية نقل الأراضي التي سجلت على اسم القيّم على أملاك الغائبين, لصالح ((سلطةالتطوير)) التي قامت بدورها بتحويل مساحات كبيرة لصالح الصندوق القومي اليهودي ([54]). فالمادة 19 من قانون أملاك الغائبين منعت على الوكيل الإسرائيلي أن ينقل ملكية هذه العقارات إلى أي شخص آخر ما خلا سلطة التطوير الإسرائيلية فتم في معرض تطبيق هذه المادة بتاريخ 29 أيلول/1953إبرام اتفاق بين الوكيل على أملاك الغائبين و((سلطة التطوير)) ينص على تحويل كل ما تبقى من أملاك الغائبين الواقعة تحت تصرفه والمقدر عددها بـ 69 ألف عقار, لصالح ((سلطة التطوير)) التي قامت بتحويل أغلبية هذه الأملاك لصالح الصندوق القومي اليهوديمن أجل التصرف بها.([55])
o قانون أملاك الغائبين وقانون استملاك الأراضي - 1953
تم بموجب قانون استملاك الأراضي لعام 1953منح سلطة التطوير صلاحيات خاصة تمكنها من نقل ملكية الأراضي التي تم الاستيلاء عليها بشكل رسمي، بعد أن تم تحويلها عملياً إلى الكيان الصهيوني بأجهزته المختلفة، وأعطي وزير المالية الصلاحيات اللازمة لتنفيذ ذلك وتصفية مشكلة استملاك الأراضي العربية بصورة نهائية, وإزالة أي عقبات قانونية قد تعترض في المستقبل سبيل هذه الغاية.
و من المؤكد أن اشتراط استغلال الأراضي من قبل أصحابها أو وقوعها في حيازتهم لاستبعادها من شبح المصادرة، أدى إلى السيطرة على مساحات شاسعة من الأراضي قدرت بنحو 250 قرية مهجورة ومساحات قدرت بنحو 1250000 دونم ([56]).
كما نص هذا القانون على عرض تعويض لـ((الغائبين)) من أصحاب الأراضي الذين نقلت أموالهم للقيم على أملاك الغائبين، ليبدو أن الاستيلاء عليها قد تم بموجب هذا القانون، وبالتالي إعفاء سلطة التطوير من أية مسؤولية قانونية مستقبلية.
نلحظ مما سبق الإشارة إليه من تناول بعض القوانين الصادرة عن المؤسسة التشريعية في الكيان الصهيوني (الكنيست) أن هذه القوانين جاءت ليكمل بعضها البعض الآخر، مستدركةً في ذلك النقاط التي تمكنها من السيطرة على الأراضي الفلسطينية بشكل ٍ قانوني رسمي ونهائي.
· المطلب السادس: قانون أملاك الغائبين والقدس
لم تكن الضفة الغربية وقطاع غزة خارج المخططات الصهيونية، فتم بموجب قانون أملاك الغائبين الاستيلاء على أراضي الفلسطينيين الذين طردوا من الأراضي المحتلة عام 1967. فقد أصدر القائد العسكري الإسرائيلي للمناطق المحتلة في العام 1967 أمراً عسكرياً يحمل رقم 58 ويقضي بتعريف 'الغائب' بالشخص الذي ترك المناطق المحتلة قبيل وخلال أو بعد حرب العام 1967، ويمنح السلطة العسكرية الإسرائيلية حق الاحتفاظ بتلك الأراضي حتى لو أن ذلك تم بطريق الخطأ ونتيجة سوء تقدير، بانيةً ذلك على نص المادة 17 من قانون أملاك الغائبين ([57]).
وتفيد الإحصائيات أن مساحة الأراضي والأملاك التي استولت عليها قوات الاحتلال الصهيوني، بعيد عدوان 1967، قد بلغت نحو 400 ألف دونم و11 ألف منزل في الضفة الغربية وحدها ([58]). فالكيان الصهيوني سرعان ما عمل على خلق وقائع مادية على الأرض لتغيير ملامحها بما يخدم مخططاته الرامية إلى التهويد وتعزيز وجوده فيها، وقد شملت السياسات والإجراءات الصهيونية أوجه الحياة كافة. فعلى نطاق مدينة القدس قدرت مساحة الأراضي التي تم الاستيلاء عليها بنحو 85 % من أراضي الفلسطينيين في القدس الشرقية([59])، عن طريق العديد من القوانين التي شكل قانون أملاك الغائبين أهمها. ففي العام 1967 قامت قواتالكيان الصهيوني بإحصاء السكان الفلسطينيين، سجلت خلاله جميع الموجودين في القدس من مواطنين،وأجبرتهم خلال ثلاثة أشهر على الحصول على بطاقات هوية إسرائيلية واعتبرت كل من لم يكن موجوداً آنذاك في حكم الغائب، سواء من قطن منهم في الضفة الغربية أم قطاع غزة أم أي بلد عربي، وعدت أرضهم ((متروكة))، وسارعت إلى تطبيق قانون أملاك الغائبين([60]).
إن تطبيق قانون أملاك الغائبين على مدينة القدس أعطى الضوء الأخضر للمزيد من مصادرة الأراضي، في ضوء بناء جدار الفصل العنصري، مما مكّن الكيان الصهيوني من انتزاع أكبر قدر ممكن من الأراضي الزراعية والغابات والمناطق المفتوحة ([62])، دون أن يترتب عليه دفع أي تعويضات لمالكيها الفلسطينيين، خصوصاً أن مساحة هذه الأراضي غير معروفة لأن حكومة الاحتلال قد استولت على سجلات كل الأراضي الفلسطينية المستأجرة في القدس بعد أن تم إغلاق بيت الشرق في أغسطس/آب 2001. ([63]).
بالمقابل فهناك معلومات مؤكدة عن حجم الأراضي المستخدمة من قبل الكيان الصهيوني في القدس الشرقية، حيث صودر 43.5% منها لصالح بناء مستوطنات جديدة، وأعلن عن 41% منها ((منطقة خضراء)) يمنع على المقدسيين البناء فيها، و4.3% منها للمرافق العسكرية والطرق وغير ذلك من البنى التحتية ([64]).
من الواضح أن مدينة القدس وجعلها العاصمة الكبرى للكيان الصهيوني كان من أهم الأهداف والركائز التي قام عليها المشروع الصهيوني، ووسيلة الجذب القوية لبسطاء اليهود في العالم لأن أحد المزاعم اليهودية تقول: (إن أقدامنا كانت تقف عند أبوابك يا قدس، يا قدس التي بقيت موحدة) ([65])، وبالتالي فإنه سيتم ابتداع كل الوسائل اللازمة لتحقيق هذا الحلم.
· المطلب السابع: قانون أملاك الغائبين والأوقاف الإسلامية والمسيحية
يعرف الوقف في اللغة على أنه الحبس، وفي الاصطلاح هو حبس الأصل وتسبيل الثمرة. والمعنى لذلك هو حبس المال كي لا يُباع ولا يوهب ولا يورَّث، ولكن تُصرف أرباح هذا المال في سبيل الله تعالى وفق الأهداف التي من أجلها قام هذا الوقف أو ذاك. وينقسم الوقف في الأراضي الفلسطينية إلى ثلاثة أقسام: الوقف الخيري العام، والوقف الذري أي ما يوقف على ذرية الواقف، والأعشار أي أن الواقف يأخذ عشر ريع الأراضي المعشرة. ولقد شكل الوقف على مدار وجوده الرافعة الاقتصادية الأساس لحياة المجتمع الفلسطيني ([66]).
وتقدّر مساحة الأراضي الوقفية بنحو 1.2% من مساحة فلسطين التاريخية ([67])، تضم قرابة 2500 موقع من مساجد ومقابر وكنائس ما زالت قائمة، إلا أنها لم تسلم من سياسة انتزاع الأرض المبرمجة التي سلكتها سلطات الاحتلال منذ عام 1948م لتهويد الأرض ونزع الصبغة الإسلامية عنها، فبادرت إلى وضع جميع الأراضي والأملاك الوقفية تحت حماية ((حارس الأملاك المتروكة)) أو ((حارس أملاك الغائبين)) بعد أن قامت بحل المجلس الإسلامي الأعلى ولجنة الأوقاف العامة، واعتبرت أملاك الوقف الإسلامي أموالاً متروكةً، وبضمن ذلك المساجد. وبموجب قانون أملاك الغائبين أزيلت ملكية المسلمين للقسم الأكبر من الأوقاف، كما نزعت ملكية الكثير من الفلسطينيين لأراضيهم، تحت ذريعة أن الأوقاف كانت تدار باسم المجلس الإسلامي، وأن أعضاء هذا المجلس غائبون، وعليه فالأملاك الوقفية تعتبر أملاك غائبين([68]).
لقد قامت سلطات الاحتلال الصهيوني بالسيطرة على الأراضي والعقارات الوقفية بغالبيتها الساحقة ووضعها بحوزة القيّم على أملاك الغائبين، الذي نقلها بدوره إلى سلطة التطوير التي نقلت ملكيتها إلى الدولة والصندوق القومي اليهودي، فقد بلغ مجموع ما أقدمت سلطات الاحتلال على هدمه من المساجد المقامة في أراضي 1948 خلال الفترة الواقعة مابين عامي 1948 – 1967 قرابة (130) مسجداً من أصل (313) إضافة إلى الاعتداء على عشرات المقابر والمقدسات ([69])و تحويلها إلى أماكن للسياحة واللهو، والهيمنة على ريعها المالي والمتاجرة بها ([70]).
· المطلب الثامن: قانون أملاك الغائبين في المنظور القانوني
قبل الدخول في قانونية التشريعات الصهيونية، لا بد من الإشارة إلى أن الكيان الصهيوني كيان لا يملك دستوراً مكتوباً يتضمن تنظيماً شاملاً لشكلالدولة والعلاقات بين السلطات وحقوق الأفراد وواجباتهم. فالهيكل القانوني فيه ما يزال مستمداً من خليط من القانون العثماني والقانون الإنجليزي إضافة إلىالتشريعات التي أصدرتها لجنة الدستور والقانون والعدالة في الكنيست من خلال مجموعة من القوانين المسماة بالقوانين الأساسية المصادق عليها أمام الكنيستلتشكل فيما بعد دستوراً للدولة، إضافة إلى نوع أخر من القوانين ذات الصفة المؤقتة المرتبطة بحالة معينة تنتهي بانتهاء الغرض المطلوب منها ([71]).
ولعل السبب الرئيس في تأجيل وضع دستور للكيان الصهيوني هو عدم اكتمال الصيغة النهائية للمشروع الصهيوني القائم على الفكر التوسعي من الناحية العملية على حساب الفلسطينيين والعرب، إلا أن المعطيات العامة تشير إلى أن استمرار هذا الكيان حتى اليوم دون دستور متكامل يعنيتوفر قدر واضح من الاتفاق العام حول القضايا الأساسية فيه، خصوصاً فيما يتعلق بالاستيطان وسياسة الاستيلاء على الأرض الفلسطينية.
و بناء ً على ذلك فقد قامت السلطات المحتلة بضم مساحات شاسعة من الأراضي الفلسطينية بدعوى المصلحة العامة، إلا أنها في الحقيقة كانت للمصلحة اليهودية بشكل أساسي، فانتزاع الأراضي والأملاك الخاصة من أصحابها الأصليين هو إجراء ترفضه جميع القوانين والمواثيق والأعراف الدولية، وميثاق روما للمحكمة الجنائية الدولية، واتفاقيات جنيف والبروتوكول الأول الملحق بها ضمن جرائم الحرب ([72])، ذلك أن جملة مبادئ قوانين الحرب الدولية تسري على الحرب عام ١٩٤٨ بين الدول العربية والكيان الصهيوني. فقضية اللاجئين الفلسطينيين كانت نتاجاً طبيعياً لهذه الحرب، وبالتالي فلا يمكن بحال من الأحوال استثناء الصراع العربي الصهيوني من القانون الدولي الإنساني، فالمادة ٤٦ من الأنظمة الملحَقة بمعاهدة لاهاي بخصوص قوانين الحرب البرّية من عام ١٩٠٧ نصت على ضرورة احترام حقّ الملكية الخاصة، وهي تحظر بشكل صريح مصادرة أملاك خاصة، فقد نصت هذه المادة على أنه: « ينبغي احترام شرف الأسرة وحقوقها، وحياة الأشخاص والملكية الخاصة، وكذلك المعتقدات والشعائر الدينية. ولا تجوز مصادرة الملكية الخاصة ».
و من جهة أخرىيعتبر هذا القانون خرقاً رسمياً صريحاً لنص قرار تقسيمفلسطين الصادر عن الجمعية العامة للأمم المتحدة في سنة 1947. كذلك يبلور هذاالقانون بصورة نهائية الموقف الإسرائيلي المعارض لعودة الفلسطينيين إلى ديارهموممتلكاتهم، بالمقابل فإن الإجراءات الصهيونية من بيع وخصخصة أملاك الغائبين إلى طرف ثالث يخالف نصوص قانون أملاك الغائبين نفسه، فالغاية من وراء مؤسسة القيم على أملاك الغائبين، وإن لم ينص عليها صراحة أيضاً، هي وجوب الحفاظ على هذه الأملاك. ويمكن الاستدلال على ذلك من خلال القرارات القضائية الصادرة عن المحاكم الصهيونية بهذا الخصوص، فقد جاء في دراسة صادرة عن المركز القانوني لحقوق الأقلية العربية في ((إسرائيل)) – عدالة أن:
"هذا ما قرره القاضي فيتكين ع.أ. 58 / 54، الباب ضد القيم على أملاك الغائبين ب د ي 918 – 919: ((يأتي قانون أملاك الغائبين لأداء مهمة مؤقتة: الحفاظ على أملاك الغائبين كي لا تكون مشاعا ومستباحة، من أجل هذا يمنح القانون القيم صلاحيات تؤهله في واقع الأمر أن يكون صاحب الأملاك" ([73]).
من الملاحظ أن الكيان الصهيوني لم يتوقف عند انتهاك نصوص القانون الدولي فحسب، إنما تجاوز ذلك إلى انتهاك القوانين التي وضعها، فالقيم على أملاك الغائبين قد بدأ النهب مبكراً وبمواكبة الاحتلال، وفي سباق مع ضباط الجيش وأفراده ومع المدنين وسكان المستوطنات الذين رأوا بالأملاك العربية على جميع أنواعها غنائم حرب مستباحة([74]).
النتائج والتوصيات
لم تكن الطرق والأساليب التي مارستها العصابات الصهيونية للاستيلاء على الأراضي الفلسطينية وليدة اللحظة أو الأمس، بل كانت نتاج عمل كبير دأبت على تنفيذه هذه العصابات بكل الوسائل التي أباحتها لنفسها سواء الأساليب الدموية من ارتكاب للمجازر والقتل بدم بارد أم أساليب الكذب والمراوغة أم الاحتيال القانوني، فمن خلال ما سبق من حديث حول هذا السلوك نستطيع التوصل إلى النتائج التالية:
· اعتمدت العصابات الصهيونية منذ بداية مشروعها الاستيطاني في فلسطين على مجموعة من الأساطير والمقولات النابعة من معتقد فكري ديني، كمقولة أرض بلا شعب لشعب بلا أرض وأسطورة أرض الميعاد والعودة إلى صهيون ميراث أجدادهم المحرم التفريط فيه، وجعلت من وجوب استيعاب المهاجرين اليهود في فلسطين هدفاً جعل التوسعية السمة الواسمة له.
· حرصت الدولة العثمانية على تطبيق الأنظمة والقوانين المرعية فيما يتعلق بمعاملة أهل الذمة من اليهود والنصارى، حسب نصوص الشريعة الإسلامية، وساوت بين اليهود والمسلمين في الحقوق والواجبات وأعطتهم حق امتلاك الأراضي والتصرف بها وفق الأصول.
· لعبت الدول الأوربية دوراً هاماً عن طريق القناصل والمبعوثين، في تعزيز الوجود الصهيوني في فلسطين، استفاد منه أوائل المهاجرين الصهاينة الحاملين لجنسيات هذه الدول تحت ستار الاستثمار والاستقرار في فلسطين، والذين شكلوا فيما بعد الأرضية القوية لبدء حملات منظمة للهجرة اليهودية.
· استغل الصهاينة ضعف الدولة العثمانية وتفشي الفساد فيها، واستطاعوا عبر السماسرة أو عن طريق العقود الوهمية من ابتياع مساحات واسعة من الأراضي لإقامة المستعمرات، خصوصاً على تلك الأراضي التي تخص الملاكين الغائبين وكبار الإقطاعيين وأصحاب النفوذ، كما استطاعوا أن يوظفوا الأحداث التي تتالت على الإمبراطورية العثمانية من سيطرة جمعية تركيا الفتاة وكذلك تولي جمعية الاتحاد والترقي ونفي السلطان عبد الحميد في صالحهم لرفع القيود عن الهجرة وتملك الأراضي، مما أدى إلى ازدياد عدد المهاجرين الصهاينة واتساع رقعة الأراضي التي تملكتها.
· ساهم الانتداب البريطاني في تعزيز الوجود الصهيوني في فلسطين من خلال وعد بلفور والمؤسسات الحكومية التابعة له، خصوصاً مؤسساتهالسياسية والعسكرية التي فتحت بوابات فلسطين على مصراعيها أمام الهجرة اليهودية، وسهلت انتقال الأراضي الفلسطينية إلى العصابات الصهيونية عن طريق ملاك إقطاعيين ([75]) كبار غير فلسطينيين كانوا يقيمون في الخارج، ومنعوا عملياً ورسمياً من الدخول إلى فلسطين لاستثمار أرضهم، إضافة إلى اتخاذ خطوات مختلفة أدت إلى سوء أحوال الفلاح العربي وتردي أحواله الاقتصادية.
· اعتبرت حكومة الكيان الصهيوني نفسها وريثاً لحكومة الانتداب البريطاني التي ورثت بدورها الحكم العثماني، إلا أنها تجاوزتهما من حيث امتلاك الأراضي، ووظفت مؤسساتها التشريعية في ترسيخ عملية تهويد الأرض الفلسطينية التي كانت هدفاً مركزياً للمشروع الصهيوني، بسلسلة من القوانين عبَّرت في معظمها عن النزوع إلى إضفاء الشرعية على الاحتلالالذي تم بفعل القوة، التي مكنته من السيطرة على ما بقي من أراضي الفلسطينيين.
· يعد قانون أملاك الغائبين من أغرب القوانين في العالم، فهو الوحيد الذي يسمح للسلطات المحتلة بمصادرة جميع أملاك أولئك الذين تركوا أرضهم خوفاً من الحرب، حتى وإن كانوا قد غابوا عنها لبضع ساعات فقط وانتقلوا إلى قرية مجاورة، وحتى الذين ما زالوا يعيشون كمواطنين شرعيين في دولة الاحتلال.
· حققت حكومة الاحتلال العديد من النتائج المباشرة من وراء تشريعها لقانون أملاك الغائبين على عدة أصعدة، سواء على صعيد الهجرة أم الاستيطان أم الاقتصاد إلى درجة يمكن القول بأن أملاك الغائبين ساهمت إلى حد كبير في تشكيل البنية التحتية للكيان الصهيوني.
· حولت مؤسسة القيم على أملاك الغائبين مساحات كبيرة من الأراضي الفلسطينية إلى العديد من المؤسسات اليهودية الخاصة باستملاك الأراضي، لتحقيق مبدأ تأميم الأرض الذي أكدت المؤتمرات الصهيونية وجوب العمل عليه كضرورة لنجاح المشروع الصهيوني.
· عمد المشرع الصهيوني إلى استكمال منظومته القانونية عن طريق الإفادة من الثغرات الموجودة في القوانين، فجاءت متناغمة يكمل بعضها بعضاً.
· جير قانون أملاك الغائبين باتجاه تطبيقه على أراضي القدس وأملاك المقدسيين، لتحقيق الحلم الصهيوني في جعل مدينة القدس العاصمة الكبرى له، الأمر الذي شكل أهم الأهداف والركائز التي قام عليها ووسيلة الجذب القوية لبسطاء اليهود في العالم.
· اعتبرت قوات الاحتلال الصهيوني الأراضي والأملاك الوقفية أملاك غائبين وعملت على تهويد الأرض ونزع الصبغة الإسلامية عنها، والمتاجرة بها والاستفادة من ريعها.
· يعد قانون أملاك الغائبين قانوناً عنصرياً من الدرجة الأولى، وإجراء ترفضه جميع القوانين والمواثيق والأعراف الدولية وميثاق روما للمحكمة الجنائية الدولية واتفاقيات جنيف والبروتوكول الأول الملحق بها، وخرقاً رسمياً صريحاً لنص قرار تقسيمفلسطين الصادر عن الجمعية العامة للأمم المتحدة في سنة 1947، كذلك يبلور هذاالقانون بصورة نهائية الموقف الإسرائيلي المعارض لعودة اللاجئين الفلسطينيين إلى ديارهموممتلكاتهم خلافاًَ لما قضت به قرارات الأممالمتحدة.
· لم تتجاوز نسبة الأراضي الفلسطينية التي تخلى عنها أصحابها 1% ولم يبع الفلسطينيون أرضهم، وشكلت مقاومة الاستيطان وعمليات الاستيلاء على الأراضي الفلسطينية الفتيل الأساسي لكل ثورة التي قامت لمقاومة الاحتلال البريطاني والعصابات الصهيونية.
ومن الإنصاف أن نشير إلى أن الفلسطينيين تنبهوا مبكراً لعمليات الاستيلاء على الأراضي التي ينتهجها اليهود، فبدأت بوادر المقاومة تظهر، وحدثت اصطدامات بين الفلاحين الفلسطينيين وبين المستوطنين اليهود منذ عام 1886، تلا ذلك العديد من الاحتجاجات والاعتراضات لدى السلطات العثمانية وفي الصحف الفلسطينية الداعية إلى وقف الهجرة وتحريم تمليك الأراضي لليهود([76]).
وتواصلت هذه المقاومة للمشروع الاستيطاني اليهودي أثناء الانتداب البريطاني ومازالت مستمرة، وأخذت أشكالاً متعددة، بدءاًً من الحملات والفتاوى المحرمة لبيع الأراضي وانتهاءً بالمقاومة المسلحة وتقديم الآلاف من الشهداء.
ختاماً يجدر بنا توجيه الدعوة إلى جميع المؤسسات والهيئات الحقوقية في العالم العربي والإسلامي والدول الصديقة إلى اتخاذ خطوات عملية للتصدي لهذه الحملات، والبدء بخطوات مساعدة ومؤيدة للمقاومة لاسترجاع ما تم احتلاله من الأرض، بتفعيل كل الجوانب التي قد تمكننا من ذلك، لاسيما الجانب القانوني، والتحرك لمقاضاة قادة الكيان الصهيوني ومؤسساته التشريعية التي استخدمت النصوص القانونية لسلب الفلسطينيين من أرضهم بالقدر ذاته الذي استخدم فيه الطائرات وأسلحة الدمار الشامل والمحرمة دولياً.
كما نتوجه إلى الشرفاء من أبناء شعبنا إلى تبني ودعم خيار المقاومة سبيلاً لتحرير ما تم الاستيلاء عليه من الأرض، واجتناب طريق المساومة والتفريط، فالمستقرئ للسطور السابقة وما اندرج فيها من قوانين وتشريعات صهيونية يدرك بشكل لا يدع مجالاً للشك أن في سلوك طريق المفاوضات تضييعاً للوقت وللحقوق، لأن هذه الفترة شهدت بناء الكم الأكبر من المستوطنات واستجلاب الأعداد الكبيرة من المهاجرين اليهود واستيعابهم على أراضي الغائبين من أبناء شعبنا، فالكيان الصهيوني لا يأبه لهذه المفاوضات وغير مستعد أن يجعل منها عائقاً في سبيل تحقيق أهدافه في السيطرة على أكبر رقعة من الأرض بأقل عدد من السكان، صاماً أذنيه عن سماع الأصوات المنادية بوقف الاستيطان متجاهلاً حقوق الشعب الفلسطيني التي أقرتها وأيدتها الشرعية الدولية.
ــ انتهى ــ
المصدر: تجمع العودة الفلسطيني واجب
اعداد الباحث : ابراهيم العلي