لم يكن إنتاج الصابون عملية تحتاج إلى قوى عاملة كثيرة العدد، ولم يكن يتطلب مجموعة واسعة من العمال المهرة، كما أنه لم يولد إلا القليل من الصناعات المتصلة به. وفيما عدا الأصول الثابتة، كانت التجهيزات- من رفوش، ودلاء، وجرار، وأجران، ومدقات، ودكشاب (محراك)- بسيطة ولم تستلزم تصاميم أو نوعية خاصة. وقد تخصص بعض الحرفيين، ومعظمهم من آل الفطاير والشامي بصنع أكياس صلبة مصممة لتخفيض الإحتكاك بين مكعبات الصابون إلى أدني حد، لتحافظ على وزنها وشكلها، خلال الرحلة الطويلة إلى مصر والأسواق الإقليمية.
أما الأعمال الأدنى، أجراً ومكانة، والأشد صعوبة في المصابن من إذكاء الموقد بالجفت، وإنتشال الزيت من الآبار، وحمل براميل سائل الصابون الساخن صعوداً الأدراج الحجرية الضيقة الشديدة الإنحدار- فكانت من نصيب المجموعة نفسها من العمال غير المهرة. كان هذا العمل مضنياً للبدن وخطراً: فالشرر المتطاير والجمر كانا يعميان الرشاشين (الوقادين) أحياناً، كما أنه لم يكن سهلاً على الحمالين أن يثبتوا أقدامهم دائماً على سطح الحجارة المكسوة بالصابون. وكان غيرهم من العمال يدقون القلو، ويخلطونه بالشيد، ويضعون الخليط في أحواض التخمير، ويجرون الماء الساخن من قعر القدر النحاسية إلى هذه الأحواض. وكان هذا الخليط يصب ثانية في القدر النحاسية، وتكرر العملية عشرات المرات إلى أن يصل المحتوى القلوي إلى المستوى المطلوب. وكان عمال الطبقة السفلية يتخذون من آل الفطاير، او هدهد أو عاصي أو تكروري أو معاني أو مرمش أو غلاييني. وكان الرئيس يتحدر عادة من إحدى العائلات الثلاث الأول.
في الطبقة العلوية كان العمل الأولي ينحصر في فرش الصابون، وتقطيعه، وتختيمه، وتكديسه، وتوضيبه، وهنا أيضاً كان عدد قليل من العائلات يحتكر العمل لأجيال، كآل حجازي، وعناب، وكخن. لكن أشهرها على الإطلاق كان آل الطبيلة. فقد إرتبط إسم هذه العائلة إرتباطاً وثيقاً بالعمل في الطبقة العلوية، إلى حد أن كلمة "طبيلة" تحولت إلى إسم جنس. ومع أن أبناء هذه العائلة ما عادوا يمتهنون هذا العمل في هذه الأيام، فمن غير المستغرب، إلى اليوم، أن يسأل أحد أصحاب المصابن صاحبه: "من طبيلتك؟" – أي من يعمل في الطبقة العلوية عندك؟ و(...) آل الطبيلة خلفوا، في أوائل القرن الثامن عشر عدداً من التجار ورجال الدين البارزين في نابلس، بحسب ما يتبين من الألقاب الملحقة بأسمائهم، كفخر التجار، وخواجة، وشيخ. وكان لهم مصبنة، وكانوا يتزاوجون مع عائلة الخماش، وغيرها من العائلات المرموقة. والظاهر أنهم ألجئوا إلى مرتبة الحرفيين في أواخر القرن الثامن عشر.