بداية القرية
يعود تاريخ الرويس إلى عام 1191م، كما هو تاريخ عائلة أبو الهيجا في فلسطين، فهي تعود في نسبها إلى أحد قادة جيش صلاح الدين الأيوبي حسام الدين البخاري المعروف بأبي الهيجاء (والهيجاء معناها الحرب ولقب كذلك لشجاعته وقوته). كان أبو الهيجا قائد فرقة في جيش صلاح الدين وخاض معها معارك عدة، منا معركة حطين. استشهد حسام الدين أبو الهيجاء عام 1191م في معركة قرب كوكب راكان في الجليل، ودفن فيها، وقد سميت لاحقاً كوكب أبو الهيجا نسبة إلى ذلك القائد. وما زال قبر أبي الهيجا موجوداً هناك وبني فوق القبر مبنى مقبب تحول إلى مزار، تقام عنده طقوس دينية وصلوات.
وقد تكرم السلطان صلاح الدين الأيوبي إلى عائلة أبو الهيجا إكرامية تقديراً لقائدها، عدداً من قرى فلسطين مثل عين حوض، الرويس، حدثا، كوكب أبو الهيجاء وسيرين.
كانت أرض الرويس منذ ذلك الحين مزرعة تابعة لكل عائلة أبو الهيجاء وخاصة أهل حدثا، فكانت أرض مشاع يأتي أهل حدثا في المواسم يفلحونها، ويقيمون فيها (يعزبون) حتى انتهاء الموسم، فيجمعون المحصول ويعودون إلى حدثا. في أواخر القرن الثامن عشر قرر بعض الأشخاص من عائلة أبو الهيجا، من حدثا ومن كوكب، أن يسكنوا في تلك الأرض بشكل دائم، فأسسوا حينها النواة الأولى لقرية الرويس. ويروي أهالي الرويس أن من أول من سكن القرية، في نهاية القرن الثامن عشر، كان إبراهيم حسين أبو الهيجا وأولاده الثلاثة، حسين وعبد الرازق ورضوان. وكذلك طه أبو الهيجاء وأولاده الثلاثة، منصور وإبراهيم ويوسف الملقب بشقير.
وقد انتقلت عدة عائلات، سوى عائلة أبو الهيجا، للسكن الرويس خلال سنوات العشرين ومنها دار حماد ودار صبح ودار الشعار ودار أبو عيسى ودار عرار ودار أبو البصل ودار الكتاني. وكانت عائلة أبو الهيجا في الرويس قد تشعبت إلى أفخاذ وبطون منها: دار أبو حميد، دار عبد الأسعد، دار حسن عبد العزيز، دار عوض، دار الحلون، دار علي ياسين، دار سمارة، دار أبو خليل، دار محمود طه، دار الصادق، دار إدريس، دار منصور، دار شقير ودار عبد المجيد.
الرويس
قرية عربية في الجليل، من أصغر قرى المنطقة، تم احتلالها وتهجير أهلها في تموز 1948. كلمة الرويس هي تصغير كلمة الرأس، وقد تعني القمة أو التل المرتفع. تقع الرويس على بعد 12 كيلومتراً جنوب شرق مدينة عكا، ترتفع على تل صخري صغير يشرف على سهل عكا. ذكرها الصليبيون باسم كاربليه (Careblier). وكانت طريق فرعية تربطها بقريتي الدامون وكابول والبروة إلى الشمال، وبطمرة إلى الجنوب، وتقع شرقي شارع شفاعمرو – عكا، ولم تبعد كثيراً عن شارع صفد – عكا العام وشارع حيفا – عكا الساحلي.
كان عدد سكانها عام 1887م 190 نسمة، وعام 1922 حوالي 154 نسمة، وعام 1931 وصل إلى 217 نسمة وعام 1945 كان عددهم 330 نسمة وعام 1948 وصل عدد سكان الرويس إلي 383 نسمة جميعهم من المسلمين وعدد منازلهم 77 منزلاً. بنيت معظم البيوت من حجر وبني قسم منها خلال سنوات الثلاثين والأربعين من القرن العشرين بالأسمنت والحديد. وكانت مساحة القرية 17 دونماً.
كانت القرية تنقسم إلى حارتين تفصل بينهما طريق، الحارة الفوقى والحارة التحتى. كان للقرية مسجد، ولم يكن فيها مدرسة لقلة عدد السكان، فتعلم أبناؤها في مدرسة الدامون المجاورة، التي كان فيها مدرسة حتى الصف الرابع، ثم في طمرة حتى الصف السادس. تعلم قسم كبير من أهل القرية على يد الشيخ سعيد خطيب صبح، الذي كان يدرس الأولاد أسس القراءة والكتابة وحفظ القرآن قبل التحاقهم في المدرسة.
كان سكان الرويس يتزودون بمياه الشرب من الآبار المنزلية التي كانت تجمع مياه الأمطار فيها خلال موسم الشتاء، فقد كان في كل بيت بئر. وحفر أهالي القرية بئراً جنوب القرية كانت تزودهم بالماء طيلة أيام السنة.
اعتمد أهالي القرية في معيشتهم على الزراعة وتربية المواشي. كانت مساحة أراضي القرية 1163 دونماً، منها 40 دونماً زرعت زيتوناً، وزرع ما يعادل 844 دونماً بالقمح والشعير والذرة والسمسم والبطيخ، وكان 222 دونماً بساتين خضروات، وكان 82 دونماً أرضاً بوراً.
كان في القرية دكانان، أحدهما لعبد المجيد العبد والآخر لعلي الصالح سماره.
وكان اخر مختار في قرية الرويس حتى عام 1948 محمد رشيد أبو الهيجاء، وقد توفي ودفن في طمرة عام 1955، حيث نزح إليها واضطر للسكن فيها كغالبية أهالي الرويس بعد أن قررت دولة إسرائيل عدم السماح لهم بالعودة إلى قريتهم.
احتلال الرويس
بعد الانتصارات الإسرائيلية الأولى في الجليل الأوسط خلال المرحلة الأولى من عملية (ديكل)، وتزامناً مع احتلال الناصرة في 16 تموز 1948، تقدمت وحدات من اللواء شيبع (السابع) في الجيش الإسرائيلي نحو الجليل الغربي لاحتلال بعض القرى في منطقة عكا ومن ضمنها الرويس، فسقطت في المرحلة من عملية (ديكل) في 16 تموز عام 1948. لم تصدر أي مقاومة عن أهالي قرية الرويس الصغيرة، وقد نزح الأهالي عن قريتهم خوفاً من الهجوم الإسرائيلي المتوقع. وكان لسقوط حيفا ومنطقتها ومجزرة دير ياسين وغيرها أثر كبير عليهم. ولم تسمح لهم السلطات الإسرائيلية بالعودة إلى قريتهم رغم انتهاء المعارك.
كان في القرية 3 بنادق فقط، يعلم الجيش البريطاني بوجودها، وعند طرد الأهالي طالب الجيش الإسرائيلي بهذه البنادق فقام السكان بتسليمها في قرية طمرة التي نزح إليها معظم أهالي الرويس. بعد اسبوع من احتلالها هدم الإسرائيليون بيوت القرية وبعد سنتين هدموا المسجد.
لجأ عدد قليل من أهالي الرويس إلى لبنان، وما زالوا مع عائلاتهم هناك وهم: يوسف أحمد شقير أبو أحمد أبو الهيجاء، وأبو صالح علي حسن محمد أبو الهيجاء، وأبناء الشيخ سعيد صبح، وسعيد العبد أسعد أبو ماهل أبو الهيجاء. ولجأ حوالي 90% منهم إلى طمرة، وعدد قليل إلى عبلين وشفاعمرو. وقد قدر عدد لاجئي الرويس عام 1998م بـ 2351 نسمة.
الرويس اليوم
هدمت إسرائيل كل مباني القرية ولم يتبق بالموقع سوى المقبرة حيث يقوم أهالي الرويس وجمعيات خيرية بالحفاظ عليها وصيانتها، ومبنى عين البلد ولكنه بوضع مهمل ومهدوم جزئياً. وتتناثر في الموقع حجارة المنازل المدمرة رغم أن السلطات الإسرائيلية – كما يشهد مهجرو الرويس - باعت معظم حجارة منازلهم لمواطنين وتجار. وما زالت في الموقع أشجار الزيتون والصبار إلى جانب حرش من شجر الكينا زرعته مؤسسة الصندوق القومي اليهودي، التي يقع موقع القرية تحت سلطتها.
لا يوجد أي مستعمرة إسرائيلية على أراضي القرية، أما المستوطنات التي تستعمل أراضي الرويس الزراعية فهي كيبوتس مكابي، رمات يوحنان، اوشه، يسعور، كرداني، عين همفراتس وكفارمساريك.
--------------
المصدر: وليد الخالدي، كي لا ننسى (1997). مؤسسة الدراسات الفلسطينية